فرض التسويات في المنطقة
حمادة فراعنة
جو 24 : على الرغم من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع البلدان الستة الكبرى يوم 14 تموز 2015 ، بعد مفاوضات شاقة وصعبة استمرت لمدة 12 عاماً، تلتزم بموجبه إيران بوضع قيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات عنها بشكل تدريجي.
وعلى الرغم من التفاهمات التي جرت بين روسيا والولايات المتحدة في أعقاب زيارة جون كيري الثانية لموسكو يوم الثلاثاء 15 كانون أول 2015، ولقاؤه مع الرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، وتناولت ثلاثة عناوين رئيسة هي: تسوية الأزمة السورية، وتنفيذ إتفاقات مينسك بشأن أوكرانيا، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين عكست الرغبة من قبل الطرفين لتعزيز الأنفراج الدولي، لخصها وزير الخارجية الأميركي في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الروسي بقوله “على الرغم من الاختلافات بين بلدينا، إلا أننا أظهرنا أن روسيا والولايات المتحدة عندما تسيران في اتجاه واحد، يمكن إحراز تقدم“ ووصف لافروف نتائجها على أنها كانت “موضوعية ومحددة“.
الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الستة ، والتفاهمات الروسية الأميركية ، لم تكن موضع ترحيب من قبل الأطراف الأقليمية في المنطقة العربية ، لأن نتائجها لم تتجاوب مع مصالح هذه الأطراف ورغبتها في التوصل إلى نتائج سياسية في العالم العربي مخالفة لما تم الأتفاق عليه بين الروس والأميركيين ، فقد لمست الأطراف الأقليمية المتصارعة أن الأتصالات الأميركية الروسية متواصلة خاصة بعد زيارة جون كيري الأولى لموسكو في أيار الماضي ، وبعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا منذ بداية شهر تشرين 2015 ، والعمل على تغيير موازين القوى على الأرض لصالح النظام في مواجهة المعارضة المسلحة ، لمست هذه الأطراف وخاصة تركيا والسعودية واستشعرت أن ثمة تحولات في الموقف الأميركي بإتجاه التراجع لمصلحة الموقف الروسي المؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد .
وقد سعت كل من تركيا والسعودية للحفاظ على الوضع القائم ومواصلة تأثيرها على سير الأحداث بوضع العراقيل أمام تغيير قواعد اللعبة وتعطيل التفاهمات الأيرانية ، الروسية ، الأميركية ، فقد بادرت تركيا لإسقاط القاذفة الروسية سوخوي 23 فوق الأراضي السورية يوم 24 تشرين ثاني 2015 ، بمهاجمتها من قبل طائرتين حربيتين تركيتين من طراز F .16 .
وقد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله جلالة الملك عبد الله الثاني، اسقاط الطائرة على “أنها طعنة في الظهر“ وحذر من “العواقب الوخيمة“ على سير العلاقات الثنائية بين روسيا وتركيا، وبالفعل أدى سقوط الطائرة الروسية إلى تسميم الأجواء الدولية والأقليمية نظراً لعضوية تركيا في حلف الناتو.
والعربية السعودية اعدمت رجل الدين السعودي نمر باقر النمر صباح يوم 2 كانون ثاني 2016، والذي بسببه خرجت التصريحات المنددة أو المؤيدة في العالم العربي، مما فاقم من الأزمة السياسية السائدة، وعمق الأنقسام والأصطفافات العربية لصالح التعارض بين الرياض وطهران.
ومع ذلك لم تقو السعودية وإيرن على إعلان حالة الحرب بعد إحراق السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، فأعلن الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع أنه لا يوجد عاقل يسعى للحرب بين السعودية وإيران، كما بعث وزير الخارجية الإيراني رسالة إلى سكرتير الأمم المتحدة يبلغه فيها عن عدم رغبة إيران بتصعيد التوتر وتوسيع مساحة الصراع بينها وبين بلدان الخليج العربي وخاصة مع العربية السعودية، فالأطراف في المنطقة تدرك أن ثمة تفاهمات دولية، روسية أميركية أوروبية إيرانية جارية.
المناخ في المنطقة، من قبل الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة هو التسويات والتوصل إلى حلول للصراعات البينية في ليبيا وسوريا واليمن والعراق وتركيز الجهد العسكري نحو مواجهة تنظيمي داعش والقاعدة الأكثر خطورة ، وبعد فشل قوى المعارضة من تحقيق إنجازات على الأرض، باستثناء تدمير قدرات بلادها وتشريد قطاعات واسعة من شعوبها في سوريا وليبيا واليمن والعراق وتهجيرهم وتحولوا إلى عنوان لأزمة لاجئين دولية غير مسبوقة.
والأطراف الأقليمية الممولة للحروب البينية أُستنزفت مواردها المالية بسبب طول فترة الصراع بلا نتائج تخدم مصالحها، وهبوط أسعار النفط الذي لم يعد يُلبي احتياجات مصاريفها العالية، فزاد من أزمتها وأضعف خياراتها السياسية، وباتت بلا بوصلة هادية، ستدفع ثمنه داخلياً في أوقات لاحقة كما حصل في بلدان الربيع العربي، فالذي حمى هذه البلدان من الاحتجاجات والانتفاضة والتغيير هو امكاناتها المالية، وبغيابها أو تراجعها ستؤدي نتيجته إلى انفجار الوضع الشعبي بين مسامات هذه البلدان بما فيها إيران.
ولا زال المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي هو المستفيد الوحيد من حروب العرب البينية، وانعكس ذلك بوضوح وعلناً في مواصلة مشاريعه التوسعية الإستيطانية وعدم تجاوبه مع كافة مشاريع التسوية المطروحة، حتى بما فيها تلك المقدمة من الأدارة الأميركية الحليف الاستراتيجي له، والمظلة الدولية لمغامراته التوسعية.
h.faraneh@yahoo.com
وعلى الرغم من التفاهمات التي جرت بين روسيا والولايات المتحدة في أعقاب زيارة جون كيري الثانية لموسكو يوم الثلاثاء 15 كانون أول 2015، ولقاؤه مع الرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، وتناولت ثلاثة عناوين رئيسة هي: تسوية الأزمة السورية، وتنفيذ إتفاقات مينسك بشأن أوكرانيا، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين عكست الرغبة من قبل الطرفين لتعزيز الأنفراج الدولي، لخصها وزير الخارجية الأميركي في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الروسي بقوله “على الرغم من الاختلافات بين بلدينا، إلا أننا أظهرنا أن روسيا والولايات المتحدة عندما تسيران في اتجاه واحد، يمكن إحراز تقدم“ ووصف لافروف نتائجها على أنها كانت “موضوعية ومحددة“.
الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الستة ، والتفاهمات الروسية الأميركية ، لم تكن موضع ترحيب من قبل الأطراف الأقليمية في المنطقة العربية ، لأن نتائجها لم تتجاوب مع مصالح هذه الأطراف ورغبتها في التوصل إلى نتائج سياسية في العالم العربي مخالفة لما تم الأتفاق عليه بين الروس والأميركيين ، فقد لمست الأطراف الأقليمية المتصارعة أن الأتصالات الأميركية الروسية متواصلة خاصة بعد زيارة جون كيري الأولى لموسكو في أيار الماضي ، وبعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا منذ بداية شهر تشرين 2015 ، والعمل على تغيير موازين القوى على الأرض لصالح النظام في مواجهة المعارضة المسلحة ، لمست هذه الأطراف وخاصة تركيا والسعودية واستشعرت أن ثمة تحولات في الموقف الأميركي بإتجاه التراجع لمصلحة الموقف الروسي المؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد .
وقد سعت كل من تركيا والسعودية للحفاظ على الوضع القائم ومواصلة تأثيرها على سير الأحداث بوضع العراقيل أمام تغيير قواعد اللعبة وتعطيل التفاهمات الأيرانية ، الروسية ، الأميركية ، فقد بادرت تركيا لإسقاط القاذفة الروسية سوخوي 23 فوق الأراضي السورية يوم 24 تشرين ثاني 2015 ، بمهاجمتها من قبل طائرتين حربيتين تركيتين من طراز F .16 .
وقد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله جلالة الملك عبد الله الثاني، اسقاط الطائرة على “أنها طعنة في الظهر“ وحذر من “العواقب الوخيمة“ على سير العلاقات الثنائية بين روسيا وتركيا، وبالفعل أدى سقوط الطائرة الروسية إلى تسميم الأجواء الدولية والأقليمية نظراً لعضوية تركيا في حلف الناتو.
والعربية السعودية اعدمت رجل الدين السعودي نمر باقر النمر صباح يوم 2 كانون ثاني 2016، والذي بسببه خرجت التصريحات المنددة أو المؤيدة في العالم العربي، مما فاقم من الأزمة السياسية السائدة، وعمق الأنقسام والأصطفافات العربية لصالح التعارض بين الرياض وطهران.
ومع ذلك لم تقو السعودية وإيرن على إعلان حالة الحرب بعد إحراق السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، فأعلن الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع أنه لا يوجد عاقل يسعى للحرب بين السعودية وإيران، كما بعث وزير الخارجية الإيراني رسالة إلى سكرتير الأمم المتحدة يبلغه فيها عن عدم رغبة إيران بتصعيد التوتر وتوسيع مساحة الصراع بينها وبين بلدان الخليج العربي وخاصة مع العربية السعودية، فالأطراف في المنطقة تدرك أن ثمة تفاهمات دولية، روسية أميركية أوروبية إيرانية جارية.
المناخ في المنطقة، من قبل الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة هو التسويات والتوصل إلى حلول للصراعات البينية في ليبيا وسوريا واليمن والعراق وتركيز الجهد العسكري نحو مواجهة تنظيمي داعش والقاعدة الأكثر خطورة ، وبعد فشل قوى المعارضة من تحقيق إنجازات على الأرض، باستثناء تدمير قدرات بلادها وتشريد قطاعات واسعة من شعوبها في سوريا وليبيا واليمن والعراق وتهجيرهم وتحولوا إلى عنوان لأزمة لاجئين دولية غير مسبوقة.
والأطراف الأقليمية الممولة للحروب البينية أُستنزفت مواردها المالية بسبب طول فترة الصراع بلا نتائج تخدم مصالحها، وهبوط أسعار النفط الذي لم يعد يُلبي احتياجات مصاريفها العالية، فزاد من أزمتها وأضعف خياراتها السياسية، وباتت بلا بوصلة هادية، ستدفع ثمنه داخلياً في أوقات لاحقة كما حصل في بلدان الربيع العربي، فالذي حمى هذه البلدان من الاحتجاجات والانتفاضة والتغيير هو امكاناتها المالية، وبغيابها أو تراجعها ستؤدي نتيجته إلى انفجار الوضع الشعبي بين مسامات هذه البلدان بما فيها إيران.
ولا زال المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي هو المستفيد الوحيد من حروب العرب البينية، وانعكس ذلك بوضوح وعلناً في مواصلة مشاريعه التوسعية الإستيطانية وعدم تجاوبه مع كافة مشاريع التسوية المطروحة، حتى بما فيها تلك المقدمة من الأدارة الأميركية الحليف الاستراتيجي له، والمظلة الدولية لمغامراته التوسعية.
h.faraneh@yahoo.com