ابطال الخصخصة وعباقرة الاقتصاد
المعركة تحتدم وها نحن من كنا متفرجين ومصفقين ومتخاذلين ومتقاعسين ومنظرين ومنبريين سمونا ما شئتم نحاول ان نتعرف اليوم على طبيعة المعركة الاعلامية بين وبين لكننا لا نبصر ولا نسمع ما يدور حولنا لان ما يصلنا غير ما نرى لهذا لا نقدر على الحديث ويسموننا الاغلبية الصامته
ولكن لما هذا الصمت الذي يلفنا ؟ لما هذا الخوف الذي يحيط بنا ؟ لما هذا الماضي مازال يعشش باذهاننا لا ادري ؟؟؟
لم ولم ولم السكوت عن تحريك السكون وكشف المستور ولم هذا الصمت الذي اصبح يقتل فينا العزيمة والامل والطموح ويرسم لابنائنا صورا مشوهة لمستقبل مظلم الكل ديمقراطي والكل يتحدث بالديمقراطية اية ديمقراطية سكنها الخوف اية ديمقراطية لا هوية لها ولاع نوان ولا ملامح حتى صمت الناس ولاذوا يتحدثون عن الفساد في المجالس الخاصة، وجبنوا عن المواجهة،؟؟
وكانت النتيجة أن الشعب هو من دفع ويدفع الثمن. لان كثيرين منا من شاركوا في الفساد بقصد او غير قصد او من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة، واكتشفوا بالنهاية أن نيران الفساد قد دبت في رؤوسهم جميعا وأن سكوتهم قد وضع الوطن والشعب في حقل الغام ومزيد من الدمار والخطر
واليوم يتهمون وينتقدون ويصرخون انه الفساد ... اليوم تذكرتم لا ادري ان كان الفساد ام الاجتهاد كما يسمونه البعض او الفهلوة .
فماذا كان من الممكن أ « لو » وقف الشعب يومها في وجه الفساد نعم منذ البداية، وقاوم المحسوبية واستغلال المناصب ونهب الأموال؟ بالتأكيد كان سيحد من الظاهرة إن لم يكن قادرا على القضاء عليها ..... ومازلنا نرى الفساد ونعايش ونسامر ونمازح المفسدين والشواهد كثيرة وهناك مفاجاه للكل ان من كنا نناديه هامان اليوم تبين انه فرعون .....انظروا حولكم كل من ودع كرسيه اصبح اليوم يتحدث بالملايين وكل من راينا فيه الناسك في معبده اليوم نراه الشيطان وقد اطلت قرونه ... الذي سرق امالنا واحلامنا وطموحنا وموقعنا وابنائنا يعود الينا من جديد بثوب النساك وانا لا اعني شخص بل اعني من اعني وهم كثر .. لاننا لم نقف بوجهه فعاد الينا من جديد ...
الشارع العام يتحدث اليوم عن قضايا الخصخصة والبيع ويحار الكثير بين ذاك الزخم المتنوع من الاجوبة بعنا لم نبع خصخصنا لم ولن نخصخص ويتسائل متى سنكون واقعيين ونعترف بالحقيقة اذا كان ما نفعله صحيح واننا نعمل بالنور لايماننا ان ما نفعله لخير الامة والوطن والصالح العام
ولاني اؤمن بان السياسة والاقتصاد صنوان لا ينفصلان سرني ما سمعته بالامس عندما طالب جلالة الملك عبد الله الثاني لنا بجرعة سياسية منعشة وهذه الجرعة اصبحنا احوج ما نكون اليها بعد ان فشلنا بتسييس الاقتصاد فهي دعوة للمراجعة والتقوى تقوى الله بالبلد واهله.
فالخصخصة الصحيحة مطلوبه لكني اتسائل اليوم ولست خبير اقتصاد لكن على قدر معرفتي أي نوع من الخصخصة كنا نعتنق الخصخصة الفنية الصحيحة التي تعتمد على بيع الخاسر من مؤسساتنا ان كان فعلا زعم الحكومات صحيح وانشاء مشاريع استثمارية صغيرة وما تبقى نطفئ به الدين العام وهو لعمر الخخصة الحقيقية والسليمه ,والتي لا ولن تتناسب مع سياسات حكوماتنا المتعاقبة ولا عباقرة الاقتصاد قد ثبت العكس عند حكوماتنا حين اتبعت نظام الخصخصة العقائدية وهي ان نبيع الابقار الحلوبه لننفق دون حسيب ورقيب وتظل المديونية وفوائدها تنمو على حليب الابقار الميته بالنسبة لنا وهذا ما حدث للاتصالات والفوسفات وغيرها الكثير.
وكنا دوما نتسائل لماذا هذا الفشل المتكرر في تحقيق وعود الرخاء وهل عجزت الحكومات عن ترجمة الرسالة الملكية ذات الرؤى البعيدة ؟ ولماذا عجز الاستثمار المحلي عن تحقيق نقلة مرجوة؟ وهل قدرنا ان نظل اسرى المديونية العامة واعبائها.
اسئلة اقتصادية كثيرة طرحت، وقد اصبحنا احوج ما نكون لمناخ سياسي وكان جلالته باكثر من مناسبة قد طلب من حكوماته ابراز الدور الاقتصادي الاجتماعي بصفته ضرورة تنموية لا غنى عنها وتفعيله لان قوة الدولة المالية والسياسية هي وحدها المتحررة من معايير الربحية والجبن الراسمالي ومن الخوف من التطورات السياسية.... لذا كان لا بد ان نطالب بالاستثمار حسب الاولويات التي تفرضها الضرورة الاقتصادية الاجتماعية الوطنية وكان ان اتجهت الحكومات للخصخصة وكانها المخرج الوحيد لازماتنا السياسية الاقتصادية الاجتماعية ومن ثم للتشدد الضريبي وغيرهما من الحلول السهله.
لكن الخصخصة التي انتهجتها بعض الحكومات كانت خصخصة عقائدية ليس الا... فالخصخصة العقائدية هي ان تقوم الدولة بتعطيل دورها الاقتصادي الاجتماعي وتبدأ ببيع مؤسستها دون معايير ودون ان تستبدلها بمؤسسات انتاجية لتصبح حينئذ الحكومة اشبه ما تكون بآله تنفذ ما يريد القطاع الخاص سواء اكان اجنبيا او محليا بمعنى ان تتنازل الدولة عن سيادتها على الحقل الاقتصادي الاجتماعي....
وكان المطلوب خصخصة فنية اي بمعنى عملية اجرائية محايدة تقوم بها الحكومة في اطار سيادتها وضمن دورها الاقتصادي الاجتماعي بالتخلي عن مؤسسات خاسرة للقطاع الخاص ليديره بشكل افضل او بيع العديد من المؤسسات العامة بهدف جمع اموال لاقامة مشاريع انتاجية جديدة لا يرغب القطاع الخاص بادارتها او الاستثمار بها.
بالتالي جررنا الى ازمات لا مخارج لها واصبحنا احوج ما نكون الى بناء هيكل اقتصادي متجانس من الاستثمارات القادرة على تحقيق قدر اعلى من التفاعل الاقتصادي الوطني والايجابي مع السوق العالمية، استثمارات جديدة في كل التخصصات والمجالات تفرضها التنمية الوطنية وتزيد من النمو الاقتصادي لاستيعاب النمو السكاني والقدرة على التعامل مع المديونية العامة وزيادة فرص العمل ومداخيل الموازنة.
واليوم بدانا نسمع وصفات متعددة المشارب والتي تقوم على الاجهاز الفوري لما تبقى من خصخصة وصولا لتفكيك كامل لقطاع الدعم وتقليص دور الوزارات ومن ثم استكمال الهيكل القانوني الذي يوفر هيمنة القطاع الخاص وتوجيه اموال الخصخصة للتدريب والتاهيل للقوى العاملة ليسخر بالاجر الزهيد للمستثمر وتوفير البنية التحتيه للمستثمر اي باختصار استخدام اموال الخصخصة لخدمة القطاع الخاص وبالرغم من وجود وزارة للتنمية السياسية وكوادر واليات ومباني الا انها لم تحرك ذاك السكون لان السياسة استراتيجية وخطة وبرنامج واليه ورغبة وحماس وقدرة على التنفيذ ولم نعد ندري من اين نبدا .
نعم ها هي المعركة تحتدم وها نحن المتفرجين والمصفقين والمتخاذلين والمتقاعسين والمنظرين والمنبريين سمونا...لم نحاول ابدا ان نحارب الفساد أو نقتلع الفتنة، بل اطلقنا الشعارات وحمل البعض لواء الحرب ضدها والاخرين قرعوا طبول الحرب ولكنهم ظلوا يراوحون مكانهم حتى جائهم الفساد زحفا فاصبحت اقدامهم مغروسة فيه وتجذرت وتربعت بل وازهرت زهورا هم الذين يعرفون اسمها ونوعها وظلت اصواتهم تعلو وتعلو وتوهمنا مطالبة بالحرب على الفساد على قاعدة اذهب انت وربك فقاتلا.
فماذا نعمل؟ هل نتحدث الآن ونصرخ ونتخذ الإجراءات للتخلص من ما علق بنا ونعيد الدولاب للخلف وهذا غير ممكن كما ان الكبار قالوا العليق لا يفيد وقت الغارة ، أم نتركها تنمو وتكبر حتى لا تبقي لنا متسعا في هذا الوطن؟
ولا ادري الان من الذي يتقن فن اثارة الفتنة ، اللص أم... الذي يتحدث عن اللص؟ الذي يستخدم منصبه لتحقيق أغراض شخصية، أم الذي يتحدث عن الفساد الإداري أن الذي يتحدث هو المفتن ...
الكل جرّموا المنتقد ولم يجرموا الذي يسرق أموالهم. وكأن الاعتيادي هو أن يكون المرء لصا أو فاسدا وغير الاعتيادي هو التحدث بوضوح عن الفساد وظلم الناس ... لا يتحمل احدا وزر هذه الإجابة الانهزامية التي لا تحمل في طياتها مبدأ دينيا أو أخلاقيا، أو احتراما للذات، وإنما يتحملها الصامتون غير الفاضلين .....الذين علموهم الخنوع والخضوع وتغييب الذات. لسان حالهم يقول إن الفتنة جزء من حياتنا وما علينا إلا أن نعيش معها، وإذا حاولنا التخلص منها فالعواقب قد تكون وخيمة، وعندها لا ينفع الندم.
واعتقد إذا كان هناك فساد وفاسدون، فإنه ليس من الحكمة أن نصمت وندير ظهورنا خشية الفتنة. الفتنة واقعة وقائمة، والسكوت عنها عبارة عن جريمة نتحمل مسؤوليتها جميعا ...
ومن ظن أن طبطبته على الفتنة والمفتنين إنما يقع في فتنة أكبر ستنتهي إلى نار تشتعــل ... وكان السكوت ثمنا لمواقف دفع المواطن ثمنها فهل ما زال بالعمر بقية ليرفع احدنا لواء الحرب ضد الفساد والمفسدين في ساحة وزمن يعجان بهم ولا مجال لحصان الفارس ان يتدور او يتجول في جفرة طين .....
pressziad@yahoo.com