2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

نحو مؤتمر وطني لإنقاذ الثقافة

نحو مؤتمر وطني لإنقاذ الثقافة
جو 24 : تقف وزارة الثقافة اليوم على مفترق طرق، فبينما تؤكد البيروقراطية أهمية وجودها لرعاية الثقافة من مكان قصي، ولتسدّ ثغرة في محاصصات التشكيل الحكومي والتي عادة ما تكون في آخر سلم أولوياته، يؤكد المثقف الذي يقود مشروع التنوير وهو خالي الوفاض من أي أدوات يمكن أن تقدمها له هذه الوزارة على انعدام فاعليتها وغيابها.
بداية 2012 أنجز المؤتمر الوطني للثقافة والذي أقيم برعاية رئيس الوزراء آنذاك، وشارك فيه نخبة من المثقفين والفنانين والمشتغلين بالثقافة مجموعة من التوصيات التي رفعت للحكومة لتغيب في أدارج النسيان بمجرد أن تغيرت الحكومة، وها نحن اليوم نقف في نفس المكان ونعيد ترتيب الأوراق بعد أن اتسع الخرق على الراتق، ولم تنفذ أي من توصياته مؤتمر «الثقافة والمتغيرات».

بعد انقضاء ما يقارب الثلاث سنوات على تاريخ انعقاد ذلك المؤتمر يطالب مثقفون بعقد مؤتمر وطني لإنقاذ الثقافة، معربين عن أمنيات أن يعقد تحت الرعاية الملكية السامية، لافتين إلى الظرف الحساس الذي لابد أن يتم فيه الانتباه إلى ما تبقى من مشروع وطني ثقافي أجهز على أركانه خلال السنوات الأخيرة تحت حجة الموازنات.
ولعل من دواعي المؤتمر ما يرى مثقفون أن العلاقة التي بدأت تضمر بين المؤسسة الثقافية الأولى وجمهورها، بسبب تغييب الرأي الآخر، وانغلاق قنوات الاتصال، وسبل الحوار، إضافة لقصور الخطاب الذي تتبناه المؤسسة، وهو ما دفع بكثير من القضايا للوصول إلى حافة التأزيم، مما جعل خطاب الثقافة يخفق في مواجهة فكر التطرف والعنف، ومعالجة الاختلالات في الهوية، والاتكاء على الحلول الأمنية التي تجاوزت بوعيها الحلول الثقافية الشوهاء، في وقت بات فيه الفراغ الثقافي يؤسس لفراغ في عديد السياقات الأخرى.
كل ذلك دفع بعدد من المثقفين للمناداة بعقد مؤتمر وطني يشخصون من خلاله ما وصلت إليه الحالة الثقافية بكل تفرعاتها، خاصة وأنها تمثل حاضنة لكل التجليات القيمية والمعرفية والتنويرية، وإطاراً لعنوان خطاب الدولة الحضاري، في خضم ما نرى من تحولات صارخة في الهويات الفرعية وتنامي مناخات الدم والرعب من حولنا، وانتشار مصادر التلقي المعرفي والإعلامي.
مؤكدين أهمية أن تنتهج آلية الحوار البنّاء التي تناقش كل «التابوهات» وتجيب على كل التساؤلات، لتنفي أو تؤكد ما يجول في الشارع من افتراضات ومن خلال أجندات وطنية خالصة وعناوين شاملة تستوعب ما يعتمل في لحظة الأمة من رهانات واستحقاقات تاريخية قد تؤسس لا سمح الله لحالة مشوهة يصعب فيما بعد تدارك نتائجها.
ويرى مثقفون أن هذا المؤتمر هو اختبار حقيقي للمؤسسات الثقافية الوطنية وان عليها أن تستعد جيدا لهذا الاختبار لتقدم خارطة طريق لمستقبل الدولة الثقافي، وان تتسع الآفاق لاستيعاب الجميع للمشاركة في هذا المؤتمر ليكون الجميع شركاء في صياغة خطابهم الثقافي بعيدا عن هيمنة البيروقراط.
وفي دعوتهم هذه لعقد المؤتمر، يتساءل مثقفون عن مصير التوصيات التي رفعت من خلال المؤتمر الأول التي تمثلت بإعادة تفعيل صندوق دعم الثقافة والفنون، واستكمال إقامة البنى الثقافية التحتية، وتطوير التشريعات الثقافية، ودعم قطاع الفنون، وإنشاء مجلس أعلى للثقافة والفنون، وعقد المؤتمر الوطني للثقافة بشكل دوري، على أن تختص كل دورة بسؤال ثقافي محدد، والاهتمام باللغة العربية وقانون حمايتها، والاهتمام بثقافة الطفل وثقافة الشباب، وتقديم الدعم والرعاية للصناعات الثقافية، والاهتمام بتوثيق التراث والتاريخ الوطني، وإنشاء فضائية ثقافية أردنية للترويج للثقافة والمثقف والفنان الأردني، وزيادة المخصصات المالية لوزارة الثقافة لتمكينها من القيام بالمهام والواجبات المنوطة بها، وغيرها الكثير من التوصيات..
في النهاية لابد من وضع سؤال الحرية والديمقراطية والظروف المعيشية للمثقفين ليتسنى للنخب أداء دورها الحضاري في وطنها، وهذا لن يكون إلا بعد أن تضع المؤسسات الثقافية السكة على الطريق الصحيح من خلال مؤتمر وطني يشخص الحالة ويطرح الحلول، ويؤسس لإستراتيجية وطنية للثقافة تقوم على تعزيز الهوية الوطنية، من خلال استحداث مشاريع تتخذ من الإبداع الثقافي والفني ركيزة أساسية لها في نشر ثقافة واعية ومسؤولة ومنتمية، وتطوير البنية التحتية لقطاع الثقافة والفنون في كافة مجالاته، ورفد موازنة قطاع الثقافة من خلال التجسير بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وتطوير الهيكل المؤسسي لوزارة الثقافة وتحديثه ليتواءم مع الرؤية الملكية للإصلاح.

الرأي.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير