الملك: هذا الأمر خط أحمر.. وداعش تحاول التسلل الى الاردن منذ بدء الازمة
جو 24 : أجرت كبيرة المراسلين الدوليين في محطة بي بي سي الإخبارية البريطانية، ليز دوسيت، مقابلة مع جلالة الملك عبدالله الثاني، بثت المحطة عدة مقتطفات منها اليوم الثلاثاء.
وقال الملك عبدالله الثاني لبي بي سي قبيل انعقاد مؤتمر للمانحين لسوريا إن الشعب الاردني "بلغ درجة الغليان" نتيجة المعاناة التي تسبب بها نزوح مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الى الأردن، مشيرا الى إن هذا النزوح الكبير عرّض الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية والاقتصاد في الاردن لضغوط هائلة.
وحذر الملك من "انهيار السد عاجلا او آجلا على ما اعتقد".
وقال إن على المجتمع الدولي توفير المزيد من العون اذا كان يتوقع ان يستمر الاردن في استقبال اللاجئين.
وتناشد الأمم المتحدة المانحين التبرع بمبلغ 7,7 مليار دولار لتمويل عمليات اغاثة لـ 22,5 مليون نسمة في سوريا والبلدان المجاورة في العام المقبل. ولكن المانحين لم يتبرعوا الا بـ 43 بالمئة من مبلغ الـ 2,9 مليار دولار الذي طلبته المنظمة الدولية في عام 2015.
ومضى للقول "(هذا النزوح) يؤذينا ويؤثر سلبا على نظامينا التعليمي والصحي. ان السد سينهار عاجلا ام آجلا، واعتقد ان هذا الاسبوع سيكون اسبوعا حاسما بالنسبة للاردنيين ليروا إن كان (المجتمع الدولي) سيساعد ليس اللاجئين السوريين فقط بل لمستقبل الاردنيين ايضا."
والمح الى ان الدول الاوروبية لم تتفهم الضغوط التي يتعرض لها الاردن الا بعد ان تدفق على القارة الاوروبية اكثر من مليون لاجئ.
وقال "إنهم (الاوروبيون) يعرفون الآن ان مهمة التعامل مع مسألة اللاجئين ستكون عسيرة عليهم ما لم يمدوا يد المساعدة للاردن"، ملمحا الى ان الاردن قد لا يكون بامكانه استضافة اعداد اضافية من السوريين.
فيما يلي نص المقابلة:
ليز دوسيت: قلت جلالتكم خلال السنوات الماضية أن الأردن لا يستطيع أن يستوعب المزيد والمزيد من اللاجئين السوريين. فما الذي تود أن تقوله لأوروبا؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: بالنسبة لما يشعر به شعبي، كما أعتقد، فإن الأمور وصلت إلى مرحلة حرجة. فهم يعانون وهم يحاولون أن يجدوا فرص العمل، والحكومة تعاني أيضا من الضغط الهائل على البنية التحتية. يحاول الأردنيون والأردنيات أن يستمروا في حياتهم. هذا الأسبوع هام بالنسبة لنا،( في إشارة إلى مؤتمر لندن للمانحين)، ولنعلم إن كان الدعم قادماً، ليس فقط من أجل اللاجئين السوريين، ولكن من أجل تحسين وضع ومستقبل شعبنا الأردني أيضا.
ليز دوسيت: هل هذا يعني أن هذا الأسبوع هو بمثابة خط أحمر؟ يقول خلاله الأردن: إذا لم توفروا( أي المجتمع الدولي) مساعدات جوهرية لنا على المدى البعيد لدعم اقتصادنا، وإن لم تمنحونا إمكانية الدخول إلى الأسواق الأوروبية، فلن نستطيع أن نستقبل المزيد من اللاجئين السوريين. هذا ما قاله رئيس وزرائكم.
جلالة الملك عبدالله الثاني: هو خط أحمر. نعلم أن أهمية الأردن تكمن في أنه عنصر استقرار في المنطقة والعالم. المجتمع الدولي يتوقع منا دائماً أشياء تفوق إمكانات بلدنا. فنحن جزء من تحالف ضد الإرهاب، ليس فقط في سوريا والعراق، بل أيضاً في العالم أجمع. وفي كل مرة يتوجه فيها المجتمع الدولي للأردن للمشاركة في معركة ضد قوى الشر، فإننا لا نتوانى أبداً عن المشاركة.
إن ما نطالب به المجتمع الدولي، ولأول مرة، هو مساعدة الأردن، الذي طالما وقف إلى جانبكم ودعمكم بقوة، فلا ترفضوا مساعدته.
ليز دوسيت: وماذا لو قالوا "لا" لمطلبكم، بمعنى عدم توفير مساعدات كافية؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: سيكون حينها علينا أن ننظر للأمور بطريقة مختلفة. فكيف يمكن لنا أن نساهم في الاستقرار الإقليمي إذا تخلى عنا المجتمع الدولي؟ هم يدركون أنهم إن لم يساعدوا الأردن، فإنه من الصعب أن يتعاملوا مع أزمة اللاجئين. جميع الزعماء الذين تحدثت إليهم يدركون تماماً أنه بمساعدتهم للأردن، فإنهم يساعدون دولهم، وأن هذا يصب في مصلحتهم.
ليز دوسيت: وبرغم كل ذلك تتعرضون للضغط لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين، حيث أن هناك نحو 16 ألف لاجئ تقطعت بهم السبل في المنطقة المحاذية للحدود مع سوريا. هل ستسمحون لهم بالدخول؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: نستقبل تقريباً 50-100 منهم يومياً. ولأسباب أمنية، فإن هذا هو العدد المنطقي الذي نستطيع أن نستقبله، وهذا ما يحصل في كل يوم اعتيادي.
ليز دوسيت: ما هو الجانب الأمني في هذا الموضوع؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: الجانب الأمني هو التأكد من أن من يعبر الحدود إلينا لا ينتمون لعصابة داعش الإرهابية، أو أي تنظيم إرهابي آخر.
ليز دوسيت: هل لديكم دليل على أنهم مرتبطون بداعش، وأنهم يحاولون العبور إليكم؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: إنهم يحاولون أن يدخلوا منذ بدء الأزمة، وما نقوم به هو إجراءات معتادة لدى استقبال اللاجئين. لكن من تشيرين إليهم الآن هم مجموعة مختلفة تماماً يتواجدون في الصحراء الشرقية، وقد جاءوا من الرقة في شمال سوريا والحسكة وإلى حد ما من الجنوب الشرقي.
ليز دوسيت: وهي مناطق تحت سيطرة ما يسمى بالدولة الإسلامية.
جلالة الملك عبدالله الثاني: نحن نسميهم عصابة داعش.
ليز دوسيت: داعش.
جلالة الملك عبدالله الثاني: إنهم يخضعون لنظام تدقيق صارم وحازم. نحن فعلاً ننهي الإجراءات المتعلقة بالعشرات منهم يومياً، والأولوية للأطفال والنساء وكبار السن، وكل الحالات الصحية الملحة يسمح لها بالمرور حيث نقدم لهم العلاج، والبعض منهم يبقى في الأردن. ورغم أن المنطقة عسكرية، فإن حكومتنا وجيشنا والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية يتواجدون هناك، حيث توجد عيادة طبية، ونحن نحاول الاعتناء بهم.
ليز دوسيت: إذاً، ستسمحون لهم بالدخول؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: في هذه المرحلة، نسمح بالدخول لمن خضع للتدقيق الأمني فقط.
هناك ضغط من المجتمع الدولي للسماح لهم بالدخول، ولكن نحن نقول للجميع إن هذه قضية ذات بعد أمني وطني كبير بالنسبة لنا. بعض الناس يقولون: لماذا لا يتم السماح للنساء بالدخول؟ ولكن كما رأينا فقد شاركت نساء في هجمات إرهابية في باريس وكاليفورنيا وفي جميع أنحاء العالم.
هذا الأمر هو خط أحمر بالنسبة لنا. نحن نحاول الانتهاء من إجراءات التدقيق في أسرع وقت ممكن. ولكن مرة أخرى، فإن الكرة في ملعب المجتمع الدولي، خصوصا البلدان التي تتشدد في الضغط علينا، ونقول لهم: لقد استضفنا 1.4 مليون شخص، وإن أردتم المزاودة علينا في هذه القضية، فيسرنا أن ننقل هذه المجموعة، الذين تقولون أنها مجرد 16 ألف لاجئ، إلى بلدكم! وبالنظر إلى عدد من نستضيفهم في بلدنا، فإن كنتم ترغبون في المساعدة في حل مشكلة اللاجئين، فلا مشكلة إذن أن تستضيفوا 16 ألف لاجئ في بلدكم، ولا أعتقد أن هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لكم!
ليز دوسيت: هل قبلت أية دولة بعرضكم؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: بالطبع لا.
ليز دوسيت: ولكن ماذا إن لم يفعلوا، فأوروبا تقول لكم نحن لا نريد المزيد من اللاجئين. وكنت تقول أنك لا تريد المزيد من اللاجئين، فأين سيذهبون؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: سوف نستمر في عملية التدقيق الأمني على الحدود، وسوف نسمح بدخولهم بأعداد محدودة. وسنواصل الاعتناء بهم على الجانب الآخر، وسوف نستمر في عملية التدقيق. سيستغرق الأمر وقتا لأننا لا نستطيع تحمل تبعات مخاطر إرهابية جراء عدم التدقيق الأمني.
ليز دوسيت: ما هو حجم الخطر على الأردن؟ لقد حذر رئيس وزرائكم من خلايا نائمة لعصابة داعش الإرهابية.
جلالة الملك عبدالله الثاني: ومثال ذلك مجموعة اللاجئين الذين أشرت لهم. لقد اعتقلنا الكثير من الذين عبروا الحدود خلال الأربع أو الخمس سنوات الماضية ممن يرتبطون بعصابة داعش وغيرها من التنظيمات. وهي مشكلة مستمرة، كما واجهتم في أوروبا وفي أجزاء أخرى من العالم. هذا هو واقع العالم الذي نعيش فيه، لذا فإن ممارسة الضغط علينا لنتجاهل ذلك، ونسمح بدخول اللاجئين لمجرد أنهم يقولون إن علينا فعل ذلك، وبالتالي تعريض مجتمعنا لأخطار إرهابية محتملة، يدفعنا أن نكون حازمين ومتمسكين بموقفنا.
ليز دوسيت: ومع ذلك يعلم جلالتكم أن الحل الحقيقي للأمر هو وضع حد للحرب في سوريا عبر حل سياسي، وهو أمر لا يلوح في الأفق.
جلالة الملك عبدالله الثاني: للمرة الأولى، ورغم كل الصعاب، فإننا نرى أملا في جنيف ومحادثات فيينا. البديل، كما تقولين، هو فقدان الأمل. ما زالت مؤسسات الدولة تعمل في سوريا، ولكن إلى متى؟ فبمجرد أن تنهار هذه المؤسسات، لن يكون هناك مقدرة على حكم سوريا، والتواصل مع الناس، وسوف تزداد معاناة السوريين، وسوف تواجهنا جميعا المزيد من مشاكل اللاجئين، في أوروبا، وفي المنطقة، وستكون المنظمات الإرهابية هي الرابح الوحيد. لذلك فإن الأمل الوحيد الذي لدينا يكمن في هذه المحادثات.
ليز دوسيت: هل سيغير التدخل الروسي قواعد اللعبة؟ من الواضح من وتيرة قصفهم الجوي وتحركاتهم الدبلوماسية أنهم يسعون لدعم بشار الأسد.
جلالة الملك عبدالله الثاني: لقد تغير الواقع فعلا، الذي ظل، ولمدة ست سنوات على حاله إلى حد كبير.
ليز دوسيت: لكن ما الذي تغير؟ الناس يقولون إن القصف لا يستهدف داعش في المقام الأول، بل قوى المعارضة، وبعض منها تدعمها حكومتكم والغرب.
جلالة الملك عبدالله الثاني: لن أدخل في تفاصيل ما قيل ويقال، لأن ذلك لا يفيد في هذه المرحلة.
ليز دوسيت: لكن هذا هو الواقع. إنهم يقصفون في جنوب سوريا، وبالقرب من حدودكم.
جلالة الملك عبدالله الثاني: كان هناك فعلا وقف أولي لإطلاق للنار، لكن تم خرقه، ونأمل تجديده. ورغم كل ذلك، فإن التدخل الروسي قد حفز جميع الأطراف للذهاب إلى محادثات السلام لأنه إن لم نفعل ذلك، سيتطور الوضع إلى حالة أكثر وأكثر فوضوية في سوريا.
من هنا جاءت المحادثات التي بدأت في جنيف، وأعتقد أن السؤال في نهاية المطاف هو: هل يمكن أن نتخلص من المنظور الغربي - الشرقي القائم على عقلية الحرب الباردة القديمة؟ هل يمكن أن تنظر واشنطن وموسكو إلى المستقبل وتتفهمان أننا نتعامل مع خطر أسوأ من الحرب الباردة؟ إننا نتعامل مع الخوارج، أي الخارجين عن الإسلام، وهذا هو الخطر الذي يهدد العالم. آمل أن تفتح مفاوضات فيينا عيون جميع الأطراف ليدركوا الأرضية المشتركة بينهم. إذا قدر لهذا أن يحدث، فإنه يمكن التوصل إلى حل سياسي حول سوريا. هذا هو الشيء الوحيد الذي يبشر بالأمل في هذه المرحلة. وإن لم يتحقق ذلك، فإن البنية التحتية للدولة سوف تنهار، وستكون كارثة على الشعب السوري، وسوف يربح المتطرفون الأشرار للأسف.
وقال الملك عبدالله الثاني لبي بي سي قبيل انعقاد مؤتمر للمانحين لسوريا إن الشعب الاردني "بلغ درجة الغليان" نتيجة المعاناة التي تسبب بها نزوح مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الى الأردن، مشيرا الى إن هذا النزوح الكبير عرّض الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية والاقتصاد في الاردن لضغوط هائلة.
وحذر الملك من "انهيار السد عاجلا او آجلا على ما اعتقد".
وقال إن على المجتمع الدولي توفير المزيد من العون اذا كان يتوقع ان يستمر الاردن في استقبال اللاجئين.
وتناشد الأمم المتحدة المانحين التبرع بمبلغ 7,7 مليار دولار لتمويل عمليات اغاثة لـ 22,5 مليون نسمة في سوريا والبلدان المجاورة في العام المقبل. ولكن المانحين لم يتبرعوا الا بـ 43 بالمئة من مبلغ الـ 2,9 مليار دولار الذي طلبته المنظمة الدولية في عام 2015.
ومضى للقول "(هذا النزوح) يؤذينا ويؤثر سلبا على نظامينا التعليمي والصحي. ان السد سينهار عاجلا ام آجلا، واعتقد ان هذا الاسبوع سيكون اسبوعا حاسما بالنسبة للاردنيين ليروا إن كان (المجتمع الدولي) سيساعد ليس اللاجئين السوريين فقط بل لمستقبل الاردنيين ايضا."
والمح الى ان الدول الاوروبية لم تتفهم الضغوط التي يتعرض لها الاردن الا بعد ان تدفق على القارة الاوروبية اكثر من مليون لاجئ.
وقال "إنهم (الاوروبيون) يعرفون الآن ان مهمة التعامل مع مسألة اللاجئين ستكون عسيرة عليهم ما لم يمدوا يد المساعدة للاردن"، ملمحا الى ان الاردن قد لا يكون بامكانه استضافة اعداد اضافية من السوريين.
فيما يلي نص المقابلة:
ليز دوسيت: قلت جلالتكم خلال السنوات الماضية أن الأردن لا يستطيع أن يستوعب المزيد والمزيد من اللاجئين السوريين. فما الذي تود أن تقوله لأوروبا؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: بالنسبة لما يشعر به شعبي، كما أعتقد، فإن الأمور وصلت إلى مرحلة حرجة. فهم يعانون وهم يحاولون أن يجدوا فرص العمل، والحكومة تعاني أيضا من الضغط الهائل على البنية التحتية. يحاول الأردنيون والأردنيات أن يستمروا في حياتهم. هذا الأسبوع هام بالنسبة لنا،( في إشارة إلى مؤتمر لندن للمانحين)، ولنعلم إن كان الدعم قادماً، ليس فقط من أجل اللاجئين السوريين، ولكن من أجل تحسين وضع ومستقبل شعبنا الأردني أيضا.
ليز دوسيت: هل هذا يعني أن هذا الأسبوع هو بمثابة خط أحمر؟ يقول خلاله الأردن: إذا لم توفروا( أي المجتمع الدولي) مساعدات جوهرية لنا على المدى البعيد لدعم اقتصادنا، وإن لم تمنحونا إمكانية الدخول إلى الأسواق الأوروبية، فلن نستطيع أن نستقبل المزيد من اللاجئين السوريين. هذا ما قاله رئيس وزرائكم.
جلالة الملك عبدالله الثاني: هو خط أحمر. نعلم أن أهمية الأردن تكمن في أنه عنصر استقرار في المنطقة والعالم. المجتمع الدولي يتوقع منا دائماً أشياء تفوق إمكانات بلدنا. فنحن جزء من تحالف ضد الإرهاب، ليس فقط في سوريا والعراق، بل أيضاً في العالم أجمع. وفي كل مرة يتوجه فيها المجتمع الدولي للأردن للمشاركة في معركة ضد قوى الشر، فإننا لا نتوانى أبداً عن المشاركة.
إن ما نطالب به المجتمع الدولي، ولأول مرة، هو مساعدة الأردن، الذي طالما وقف إلى جانبكم ودعمكم بقوة، فلا ترفضوا مساعدته.
ليز دوسيت: وماذا لو قالوا "لا" لمطلبكم، بمعنى عدم توفير مساعدات كافية؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: سيكون حينها علينا أن ننظر للأمور بطريقة مختلفة. فكيف يمكن لنا أن نساهم في الاستقرار الإقليمي إذا تخلى عنا المجتمع الدولي؟ هم يدركون أنهم إن لم يساعدوا الأردن، فإنه من الصعب أن يتعاملوا مع أزمة اللاجئين. جميع الزعماء الذين تحدثت إليهم يدركون تماماً أنه بمساعدتهم للأردن، فإنهم يساعدون دولهم، وأن هذا يصب في مصلحتهم.
ليز دوسيت: وبرغم كل ذلك تتعرضون للضغط لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين، حيث أن هناك نحو 16 ألف لاجئ تقطعت بهم السبل في المنطقة المحاذية للحدود مع سوريا. هل ستسمحون لهم بالدخول؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: نستقبل تقريباً 50-100 منهم يومياً. ولأسباب أمنية، فإن هذا هو العدد المنطقي الذي نستطيع أن نستقبله، وهذا ما يحصل في كل يوم اعتيادي.
ليز دوسيت: ما هو الجانب الأمني في هذا الموضوع؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: الجانب الأمني هو التأكد من أن من يعبر الحدود إلينا لا ينتمون لعصابة داعش الإرهابية، أو أي تنظيم إرهابي آخر.
ليز دوسيت: هل لديكم دليل على أنهم مرتبطون بداعش، وأنهم يحاولون العبور إليكم؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: إنهم يحاولون أن يدخلوا منذ بدء الأزمة، وما نقوم به هو إجراءات معتادة لدى استقبال اللاجئين. لكن من تشيرين إليهم الآن هم مجموعة مختلفة تماماً يتواجدون في الصحراء الشرقية، وقد جاءوا من الرقة في شمال سوريا والحسكة وإلى حد ما من الجنوب الشرقي.
ليز دوسيت: وهي مناطق تحت سيطرة ما يسمى بالدولة الإسلامية.
جلالة الملك عبدالله الثاني: نحن نسميهم عصابة داعش.
ليز دوسيت: داعش.
جلالة الملك عبدالله الثاني: إنهم يخضعون لنظام تدقيق صارم وحازم. نحن فعلاً ننهي الإجراءات المتعلقة بالعشرات منهم يومياً، والأولوية للأطفال والنساء وكبار السن، وكل الحالات الصحية الملحة يسمح لها بالمرور حيث نقدم لهم العلاج، والبعض منهم يبقى في الأردن. ورغم أن المنطقة عسكرية، فإن حكومتنا وجيشنا والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية يتواجدون هناك، حيث توجد عيادة طبية، ونحن نحاول الاعتناء بهم.
ليز دوسيت: إذاً، ستسمحون لهم بالدخول؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: في هذه المرحلة، نسمح بالدخول لمن خضع للتدقيق الأمني فقط.
هناك ضغط من المجتمع الدولي للسماح لهم بالدخول، ولكن نحن نقول للجميع إن هذه قضية ذات بعد أمني وطني كبير بالنسبة لنا. بعض الناس يقولون: لماذا لا يتم السماح للنساء بالدخول؟ ولكن كما رأينا فقد شاركت نساء في هجمات إرهابية في باريس وكاليفورنيا وفي جميع أنحاء العالم.
هذا الأمر هو خط أحمر بالنسبة لنا. نحن نحاول الانتهاء من إجراءات التدقيق في أسرع وقت ممكن. ولكن مرة أخرى، فإن الكرة في ملعب المجتمع الدولي، خصوصا البلدان التي تتشدد في الضغط علينا، ونقول لهم: لقد استضفنا 1.4 مليون شخص، وإن أردتم المزاودة علينا في هذه القضية، فيسرنا أن ننقل هذه المجموعة، الذين تقولون أنها مجرد 16 ألف لاجئ، إلى بلدكم! وبالنظر إلى عدد من نستضيفهم في بلدنا، فإن كنتم ترغبون في المساعدة في حل مشكلة اللاجئين، فلا مشكلة إذن أن تستضيفوا 16 ألف لاجئ في بلدكم، ولا أعتقد أن هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لكم!
ليز دوسيت: هل قبلت أية دولة بعرضكم؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: بالطبع لا.
ليز دوسيت: ولكن ماذا إن لم يفعلوا، فأوروبا تقول لكم نحن لا نريد المزيد من اللاجئين. وكنت تقول أنك لا تريد المزيد من اللاجئين، فأين سيذهبون؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: سوف نستمر في عملية التدقيق الأمني على الحدود، وسوف نسمح بدخولهم بأعداد محدودة. وسنواصل الاعتناء بهم على الجانب الآخر، وسوف نستمر في عملية التدقيق. سيستغرق الأمر وقتا لأننا لا نستطيع تحمل تبعات مخاطر إرهابية جراء عدم التدقيق الأمني.
ليز دوسيت: ما هو حجم الخطر على الأردن؟ لقد حذر رئيس وزرائكم من خلايا نائمة لعصابة داعش الإرهابية.
جلالة الملك عبدالله الثاني: ومثال ذلك مجموعة اللاجئين الذين أشرت لهم. لقد اعتقلنا الكثير من الذين عبروا الحدود خلال الأربع أو الخمس سنوات الماضية ممن يرتبطون بعصابة داعش وغيرها من التنظيمات. وهي مشكلة مستمرة، كما واجهتم في أوروبا وفي أجزاء أخرى من العالم. هذا هو واقع العالم الذي نعيش فيه، لذا فإن ممارسة الضغط علينا لنتجاهل ذلك، ونسمح بدخول اللاجئين لمجرد أنهم يقولون إن علينا فعل ذلك، وبالتالي تعريض مجتمعنا لأخطار إرهابية محتملة، يدفعنا أن نكون حازمين ومتمسكين بموقفنا.
ليز دوسيت: ومع ذلك يعلم جلالتكم أن الحل الحقيقي للأمر هو وضع حد للحرب في سوريا عبر حل سياسي، وهو أمر لا يلوح في الأفق.
جلالة الملك عبدالله الثاني: للمرة الأولى، ورغم كل الصعاب، فإننا نرى أملا في جنيف ومحادثات فيينا. البديل، كما تقولين، هو فقدان الأمل. ما زالت مؤسسات الدولة تعمل في سوريا، ولكن إلى متى؟ فبمجرد أن تنهار هذه المؤسسات، لن يكون هناك مقدرة على حكم سوريا، والتواصل مع الناس، وسوف تزداد معاناة السوريين، وسوف تواجهنا جميعا المزيد من مشاكل اللاجئين، في أوروبا، وفي المنطقة، وستكون المنظمات الإرهابية هي الرابح الوحيد. لذلك فإن الأمل الوحيد الذي لدينا يكمن في هذه المحادثات.
ليز دوسيت: هل سيغير التدخل الروسي قواعد اللعبة؟ من الواضح من وتيرة قصفهم الجوي وتحركاتهم الدبلوماسية أنهم يسعون لدعم بشار الأسد.
جلالة الملك عبدالله الثاني: لقد تغير الواقع فعلا، الذي ظل، ولمدة ست سنوات على حاله إلى حد كبير.
ليز دوسيت: لكن ما الذي تغير؟ الناس يقولون إن القصف لا يستهدف داعش في المقام الأول، بل قوى المعارضة، وبعض منها تدعمها حكومتكم والغرب.
جلالة الملك عبدالله الثاني: لن أدخل في تفاصيل ما قيل ويقال، لأن ذلك لا يفيد في هذه المرحلة.
ليز دوسيت: لكن هذا هو الواقع. إنهم يقصفون في جنوب سوريا، وبالقرب من حدودكم.
جلالة الملك عبدالله الثاني: كان هناك فعلا وقف أولي لإطلاق للنار، لكن تم خرقه، ونأمل تجديده. ورغم كل ذلك، فإن التدخل الروسي قد حفز جميع الأطراف للذهاب إلى محادثات السلام لأنه إن لم نفعل ذلك، سيتطور الوضع إلى حالة أكثر وأكثر فوضوية في سوريا.
من هنا جاءت المحادثات التي بدأت في جنيف، وأعتقد أن السؤال في نهاية المطاف هو: هل يمكن أن نتخلص من المنظور الغربي - الشرقي القائم على عقلية الحرب الباردة القديمة؟ هل يمكن أن تنظر واشنطن وموسكو إلى المستقبل وتتفهمان أننا نتعامل مع خطر أسوأ من الحرب الباردة؟ إننا نتعامل مع الخوارج، أي الخارجين عن الإسلام، وهذا هو الخطر الذي يهدد العالم. آمل أن تفتح مفاوضات فيينا عيون جميع الأطراف ليدركوا الأرضية المشتركة بينهم. إذا قدر لهذا أن يحدث، فإنه يمكن التوصل إلى حل سياسي حول سوريا. هذا هو الشيء الوحيد الذي يبشر بالأمل في هذه المرحلة. وإن لم يتحقق ذلك، فإن البنية التحتية للدولة سوف تنهار، وستكون كارثة على الشعب السوري، وسوف يربح المتطرفون الأشرار للأسف.