محللون وسياسيون لـJo24: دخول الاردن بقوات برية إلى سوريا مغامرة مرفوضة
سلام الخطيب - جدد وزير خارجية السعودية، عادل الجبير، تأكيده استعداد المملكة العربية المشاركة بقوات برية خاصة في سوريا ضمن التحالف الدولي، مشددا على أن أي تدخل سعودي برّي سيكون ضمن تحالف وليس بشكل منفرد.
إعلان الجبير تزامن مع تدريبات عسكرية واسعة -رعد الشمال- وبمشاركة قوات أردنية، بالاضافة لتحركات عسكرية تركية على الحدود التركية الجنوبية، وهو ما أثار تخوفات كبيرة في نفوس الأردنيين من احتمالية إقحامهم في حرب برية اعتبرها محللون وسياسيون في حديثهم لـJo24 "مغامرة ومقامرة مرفوضة".
ويؤكد المتحدثون على أن اعلان التدخل البري في سوريا سيؤدي لصراع وحروب بالوكالة في المنطقة بأكملها، ما يعني بالضرورة الانقياد إلى كارثة اقليمية. مشددين في ذات السياق على ضرورة أن يسعى صاحب القرار الاردني للحفاظ على مصالح الأردن وعدم استجلاب أية مخاطر مرتقبة.
* الدغمي: مغامرة لن يُقدم الأردن عليها
السياسي المخضرم ورئيس مجلس النواب الأسبق، المحامي عبد الكريم الدغمي، أكد على أن الأردن لن يقدم على مثل تلك الخطوة، خاصة وأن المملكة غير معتادة على أن تشنّ حربا على دولة شقيقة مثل سوريا.
وأضاف الدغمي لـJo24 ان ما اعلان الحرب البرية من قبل الدول العربية على سوريا "ليس سوى مقامرة ومغامرة ومؤشر على الصبيانية".
وتساءل الدغمي عن مدى جدية المملكة العربية السعودية بالتدخل البري في سوريا في ظلّ تورّطها وانخراطها بحرب أخرى في اليمن، وهو ما تعجز عنه قوى عالمية عظمى. كما لفت النائب إلى فشل محاولات تشكيل تحالف اسلامي سني.
وشدد الدغمي على أن الأردن لن يقدّم جيشه ليحارب في دولة شقيقة، لكون ذلك الأمر ليس من سمات وعقيدة وثوابت المملكة الأردنية الهاشمية العربية والقومية والتي تجنبت على مدار العقود الماضية أي "مغامرة حمقاء".
* الدويري: خطر الشيعة يوزاي داعش.. وبدأ منذ اتفاق "جنتل مان"
الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، اللواء متقاعد فايز الدويري، بدا غير مؤيد للتدخل البرّي في سوريا، مشيرا إلى مخاطر كثيرة على الأردن، بالإضافة إلى أن التدخل سيشكّل انتصارا للنظام السوري "الذي سيتفرغ لقتال فصائل المعارضة في ظل تولّي القوات العربية بأمر داعش".
ولفت الدكتور الدويري إلى اشتراط البيان السعودي والاماراتي "قيادة أمريكية للتحالف الجديد الذي سيقود حربا برية في سوريا ضد داعش".
وأضاف الدويري لـJo24 إن أي تدخل برّي لمحاربة داعش يحتاج إلى أمرين؛ موافقة مجلس الأمن "وهذا لن يحدث بسبب الفيتو الروسي"، إضافة إلى وجود مظلة أمريكية تدعم ذلك التحالف. كما أن "الولايات المتحدة لن تشارك بقوات فاعلة ولن تنفذ الطلب القاضي بتجهيز 100 الف مقاتل سني معهم 10 الاف مقاتل امريكي".
وأشار الدويري إلى أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما لا ينوي خوض أية حروب برية في سنته الأخيرة بالحكم، لأنه يرغب بالخروج والقول للامريكيين انه سحب الجيش من المناطق الساخنة ولم يرسل قواتا مقاتلة إلى أي مكان، اضافة إلى انجاز الاتفاق النووي مع ايران.
ولفت إلى أن الأمر الوحيد الذي قد تقوم به امريكا هو توفير مظلة وقيادة للعملية، بالإضافة لدعم لوجستي واستخباري وجوّي فقط "شريطة أن يكون أساس الحرب البرية محاربة تنظيم داعش فقط، وان لا يكون هناك اي احتكاك مع قوات الاسد او القوات المناصرة له".
وأضاف الدويري أنه وفي حال ارسلت هذه القوات البرية لمحاربة داعش فإن تداخل خطوط التماس للقوى المتصارعة في سوريا "قد يؤدي إلى حدوث اشتباكات محدودة بينها وبين العناصر الأخرى التابعة للمليشيات الشيعية أو سوريا الديمقراطية أو جيش النظام السوري"، مؤكدا أنه "وفي حال كان هنالك اتفاق امريكي روسي فإن حل تلك الاشكاليات سيكون سهلا ولن يتم تصعيدها".
وأشار إلى أن روسيا ونظام الأسد وايران سيستمرون في حملتهم على المعارضة المسلحة، في حين تقوم القوات السنية بهزيمة داعش؛ حينها يمكن اجهاض الثورة السورية وقلب الأهداف رأسا على عقب، حيث "سيتحول الصراع من حرب مواجهة إلى حرب عصابات تدمّر ما تبقى من سوريا وتحولها إلى صومال جديدة".
وحول موقف الأردن من كل ذلك، قال الدويري إنه إذا ما قُيّض لهذا التحالف أن يتكون ويتشكل وترعاه أمريكا فإن "الاردن سيشارك مشترطا مظلة امريكية وتحالفا عربيا اسلاميا وموافقة روسية".
وألمح الدويري إلى أن التوجهات الأمريكية بالانسحاب من المنطقة بعد تدمير العراق واثارة الفوضى يشي بإحتمالية اندلاع مواجهات وحرب اقليمية، خاصة في ظلّ "التسرع السعودي بإعلان الحروب البرية".
وحول التمرينات العسكرية التي تجريها السعودية لضباط اردنيين، تحت مسمى "رعد الشمال"، قال الدويري إن تزامن التصريح الاردني مع تلك المناورات التي قد يصل عدد المنضوين فيها إلى 300 الف مقاتل، ليس سوى اشارة إلى احتمالية نجاح السعودية بتجميع تحالف بري يؤمن القوة المطلوبة.
وفيما يتعلق بالمخاطر التي قد يتعرض لها الاردن، شدد الدويري على أن "الخطورة قائمة منذ اتفاق "جنتل مان" الاردني الروسي، وتكثيف العمليات في الجنوب السوري بعد السيطرة على مدينة الشيخ مسكين وهذا من شأنه توليد نزوح سوري جديد قد يصل إلى 100 الف لاجئ سيشعلون فتيلة الاحتقان أكثر مما هي مشتعلة".
وجدد الدويري تأكيده على أن وجود مليشيات ايران وحزب الله والحرس الثوري الايراني بالقرب من الحدود الأردنية هو بنفس خطورة داعش تماما.
* المناصير: كأن أمريكا انتظرت الزلة الاماراتية
رئيس لجنة الخارجية النيابية والنائب الضليع في الملفّ السوري، بسام المناصير، أكد ضرورة "التريث كثيرا" قبل الحديث عن حرب برية؛ خاصة ان السعودية منشغلة بحربها في اليمن.
وأضاف المناصير لـJo24 أن أمريكا أولت شرط الامارات بوجود قوات أمريكية لقيادة الحرب البرية اهتماما كبيرا، "وكأنها انتظرت هذه الزلة لتبتعد عن المواجهة المباشرة وتكتفي بمواجهة داعش من خلال الطيران الحربي فقط".
وأشار إلى أن تشكيل تحالف بري جديد مرفوض عربيا ما لم توافق امريكا على "إشراك قواتها في مقدمة تلك الحرب لقتال داعش".
ولفت المناصير إلى أن الحرب البرية لن تكون في القريب العاجل إلا اذا قادتها أمريكا، وهذا لا زال مستبعد بسبب تراجع الوضع الأمريكي ونهج الولايات المتحدة بالابتعاد عن المواجهات المباشرة مع التنظيمات الارهابية.
وبين أن الاتفاق الروسي الأمريكي الواضح لا يحتاج إلى تأويل، فكلا الدولتين تتبادلان الأدوار وتتقاسمها في سوريا، "ولا يوجد طائرة روسية واحدة تقصف في الأراضي السورية دون علم امريكا".
وشدد المناصير على أن أمريكا وروسيا لا تريدان القضاء على داعش، وإنما تريدان القضاء على المعارضة المعتدلة التي تشكل خطرا على بقاء نظام الأسد.
وفيما يتعلق بالجانب الأردني، بين المناصير أنه لم يصدر عن الحكومة الأردنية أي توضيح أو تصريح على لسان مسؤوليها للتعقيب على هذه النقطة، لافتا إلى أن الموقف العام من القضية غير واضح "ومن الممكن ان لا يطبق كون الموقف السعودي عبارة عن تصريحات مجردة فقط".
* السعايدة: التدخل وارد.. والاردن الرسمي مطالب بالتوضيح
وفي ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي، راكان السعايدة، إن الحرب البرية في سوريا "واردة وإن كانت تعتريها الكثير من الصعوبات، بخاصة في ظل عدم توفر غطاء أمريكي أو حتى قرار بالموافقة من قبل مجلس الأمن".
وأضاف السعايدة لـJo24 أن امريكا لا زالت تدرس هذا التوجه ولم تقرر بعد ان كانت ستتبناه أم لا، مشيرا في ذات السياق إلى حجم الخطورة التي تتهدد الإقليم بأكمله، خاصة في ظلّ التهديد السوري-الايراني بإعتبار التدخل البري عدوانا سيشعل المنطقة.
وشدد السعايدة على أن مثل هذه العقبات ستؤخذ في حساب الدول الأمريكية والاوروبية وحسابات الدول التي قد تكون جزءاً من التحالف الدولي الجديد، معتبرا أن الأمر لا زال "مجرّد حديث اعلامي قد يتطور، وإنْ شهدنا عملية تدريب عسكري مشترك".
ولفت السعايدة إلى أن هنالك العديد من الأسئلة المتعلقة بطبيعة القوات التي ستشارك في الحرب البرية؛ "هل ستكون قوات خاصة أم برية تمسك بالأرض، وهل سيكون التدخل في كامل الجغرافيا السورية أم في حدود معينة، وهل ستكون الحرب موجهة ضد نظام الاسد أم ضد داعش، وهل سيكون التدخل في جنوب سويا ام شمالها ام من خلال جبهتيها؛ الجنوبية عبر الاردن والشمالية من خلال تركيا؟".
وأكد السعايدة على أن الدلائل تشير بوضوح إلى أن "الأردن بات أقرب لوجهة النظر السعودية مدفوعا بمصالح عديدة قد تجعله ضمن المشاركين برّا في سوريا"، مشيرا في ذات السياق إلى العديد من تصريحات رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور الغامضة حول الأوضاع في سوريا وطبيعة المناورات والتمرينات العسكرية التي تجري في السعودية ضمن برنامج "رعد الشمال".
ولفت السعايدة إلى أن تلك الملامح بدت أوضح بعد نقض الروس للتفاهمات مع الأردن عقب سيطرة النظام السوري على منطقة الشيخ مسكين جنوب سوريا، ثم توسعها لإعادة السيطرة على العديد من المواقع، بالإضافة لتصريحات مندوب سوريا في مجلس الأمن بشار الجعفري التي حمّل فيها الأردن مسؤولية الأزمة السورية باعتبارها تسمح بتدفق اللاجئين وتسليح الثوار، إضافة إلى تصريحات وزير الخارجية وليد المعلم التي قال بها انه لا يمكن وقف اطلاق النار طالما أن المقاتلين يتدفقون من الأردن وتركيا.
وأشار السعايدة إلى أن حالة التوازن التي حاول الاردن تكريسها في تعامله مع الأزمة السورية منذ بدايتها قد انخفضت لصالح وجهة النظر (السعودية القطرية التركية).
ولفت السعايدة إلى أنه لا يمكن الجزم بأن لدى الأردن تقدير واضح وعميق حول الوضع الراهن، متسائلا عما إذا كان يدرك تبعات هذا التدخل أم لا.
وقال إن التدخل البري من شأنه استجلاب المخاطر من طرفين؛ النظام السوري وحلفاؤه كايران وحزب الله المتواجدين في جنوب سوريا على الحدود مع الأردن، إضافة إلى وجود تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، حيث تتطلب تلك المخاطر تقديرا عميقا وحسابات دقيقة لنتائج التدخل.
وشدد السعايدة على ضرورة أن يقوم الأردن بتعريف واعلان مصالحه في سوريا، "كون كل دولة ستدخل في الحرب البرية سيكون لها مصالحها الخاصة وليس المصلحة العامة أو القومية أو الاسلامية"، إضافة إلى أن من واجبه معرفة خصومه بشكل جيد قبل أن يقرر الدخول في "حرب بالوكالة".
وألمح السعايدة إلى ضرورة عدم تقديم الأردن أي تدخلات مجانية تجلب نتائج خطيرة على الأمن الوطني.
وأضاف السعايدة إن أي مغامرة بتدخل غير محسوب يعني احتمالية حدوث "كارثة اقليمية تمتد خارج حدود الصراع السوري وتطال دول المنطقة برُمّتها، حيث سيكون الصراع صفريا لا بدّ فيه من رابح وخاسر".
ولفت إلى احتمالية أن يكون التدخل المقصود هو إعادة حالة التوازن على الساحة السورية بما يسهم في تسوية سياسية تحقق مصالح الحد الأدنى لكل طرف، مشيرا إلى أن التدخل الروسي في البدايات أحدث حالة من التوازن بين المعارضة والنظام، ولكنه في وقت لاحق بات يساعد النظام بالتقدم على المعارضة "بدليل قطع الامدادات على منطقة حلب ثم السيطرة على منطقة الشيخ مسكين، ما جعل المعارضة مهددة بالانهيار في الجنوب كما هي في الشمال".
ذلك الامر بحسب السعايدة، قد يدفع السعودية إلى التدخل للحفاظ على الحد الأدنى من قوة المعارضة وتمكينها من المحافظة على الارض التي تسيطر عليها لأن فقدها عمليا يعطي اليد العليا للنظام في اي تسوية سياسية قد تأتي.
* توافق على رفض التدخل البري
المتحدثون لـJo24 اتفقوا ضمنا على رفضهم أي "مغامرة أردنية" بالتدخل البري في سوريا، خاصة في ظلّ تداخل الفصائل المتحاربة هناك وعدم اتفاق التحالف المنتظر تدخله مع أي فصيل يملك قوة وازنة على الأرض.. لا النظام والميليشيات الشيعية ولا تنظيم داعش والقاعدة.