هل نحن أمام رئيس كامل الدسم ؟؟
كتب تامر خرمه
بعيدا عن دائرة القيادات التقليدية المحافظة، ومن خارج علبة الليبراليين الجدد.. يأتي اختيار د. عبدالله النسور لتشكيل الحكومة المقبلة، وكأنه تعبير عن إدراك السلطة –أخيرا- لخطورة ما أوصلتنا إليه حكومات التأزيم، ولضرورة البدء في مرحلة تصريف الأزمة واحتواء الاحتقان الشعبي.. فهل نحن أمام رئيس حكومة كامل الدسم، يمكن له امتلاك الولاية العامة ؟!
النسور كان على الدوام معارضا لحزمة القوانين العرفية، التي ارتدت السلطة عبر إقرارها عن مجمل العملية الإصلاحية، فهل يكون له ذات المواقف التي تمسك بها تحت قبة البرلمان بعد ان انتقل إلى رئاسة الحكومة، خاصة وأنه صرّح لوسائل الإعلام ذات يوم بأن "العملية الاصلاحية في الأردن تتعرض لانتكاسة كبيرة، وتحديدا بعد تشكيل حكومة فايز الطراونة" ؟!
"حكومة الطراونة تعمل بطريقة تقليدية ورافضة للتغيير .. وعلى الدولة اجراء اصلاحات تمس المواطن بشكل ملحوظ، وإلا فكيف نقنع الشارع الغاضب بأن الحكومة تجري اصلاحات".. تصريحات أطلقها النسور في الوقت الذي كانت تمعن فيه حكومة الطراونة بفرض القبضة الأمنية وتجاهل المطالب الشعبية، بالتوازي مع محاولة أركان السلطة التنفيذية إقناع العالم -رغم كل ما يدور في الشارع- بـ "أننا بخير"، حيث كان النسور يؤمن بضرورة إنجاز الإصلاحات المطلوبة لحماية واقع ومستقبل الوطن، أو على الأقل هذا ما أكدت عليه تصريحاته التي كان يرددها لمختلف وسائل الإعلام.
وكان "الرئيس الجديد" يؤكد على الدوام تمسكه بموقفه الداعي إلى الإصلاح التدريجي، ونأمل أن يبدأ بإصلاحات جديّة دون استغلال مفهوم "التدرج" بالطريقة التي مضت عبرها حكومات التأزيم بالانقلاب على متطلبات المرحلة التي تحتم إنجاز الإصلاح السياسي والاقتصادي، دون ذلك التلكؤ الذي أفرغ الوعود الإصلاحية من مضمونها.
المعارضة ليس لديها أي موقف سلبي مسبق تجاه الرجل.. وقد عبّرت طوال التسعة عشر شهرا، التي شهدت الربيع الأردني، عن استعدادها للدخول في حوار جدّي مع صناع القرار من أجل إخراج الوطن من عنق الأزمة، فهل سنشهد انفتاحاً على قوى المعارضة السياسية والحراكات الشعبية، لإعادة إنتاج مشهد الاحتواء للعام 1989، ولكن قبل انفجار الهبّة ؟!
قضية معتقلي الحراك الشعبي، بالإضافة إلى قانونيّ الانتخاب والمطبوعات، تشكل أولى محطات التحدي أمام الرئيس، حيث ستعبّر نتائج تعاطيه مع هذه الملفات عن طبيعة المرحلة التي نحن بصددها، خاصة وأنه صرّح في وقت سابق بأن "من وافق على إقرار قانون الصوت الواحد ارتكب خطأ كارثياً، وسيندم في وقت لن ينفع فيه الندم"، فيما جاء ردّه على إقرار قانون المطبوعات بأن "من طرح هذا القانون لديه قصر نظر ويصب زيتا على النار.. وهذا ليس وقته".
هل سيبدأ النسور خطوات "الإصلاح التدريجي" بالإفراج عن معتقلي الرأي، وإلغاء قانونيّ المطبوعات والصوت الواحد، اللذين لا يستحيل إيجاد مخرج دستوريّ لتعديلهما ؟! أم أنه سيتم تسويف هذه المسائل رغم تصريحاته السابقة التي عكست قناعات الرئيس بضرورة إنجاز الإصلاحات السياسية، بل والتعديلات الدستورية المنشودة، خاصة وأنه قال ذات يوم "أنا ممن يرون أنه يجب تعديل كل ما يجب تعديله من مواد دستورية"، منتقدا اختيار أعضاء اللجنة المكلفة بإنجاز هذه التعديلات من خارج دائرة الخبراء القانونيين، وقال إن اللجنة "عملت خلف الأبواب المغلقة"، وذلك بعد أن كان قد صرّح بأن "العودة لدستور الـ52 مطلب ديمقراطي وطني كبير، بدليل أنه كان متقدما وسابقا لعصره" ؟!
والأهم من هذا كله، أن يشهد الشارع الأردني -كبداية- محاسبة كل من كان يتم اعتبارهم فوق القانون، ممن سرقوا ونهبوا مقدرات الوطن، وأغلقت ملفاتهم تحت قبة البرلمان، في الوقت الذي عمد فيه المطبخ السياسي إلى حل الأزمة الاقتصادية على حساب المواطن البسيط، عوضا عن اجتثاث الفساد ومحاكمة الفاسدين.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه قبل أي تساؤل آخر: هل ستنعكس شخصية الرجل في التشكيلة الحكومية، أم أن تشكيلة الرئيس جاهزة على قاعدة الكوتا الوزارية ؟! حيث ستكشف الأيام القليلة المقبلة عن الإجابات على مختلف تلك التساؤلات..