أورام في الأمعاء تهدد حياة رولا وجنينها... والمال عائق!
أطلقت رولا فرج نداء استغاثة لإنقاذ حياتها وحياة جنينها، على وجه السرعة، حيث تتهددها المخاطر الصحية من دون أن تتمكن هي وأهلها من المضي في علاجاتها بعد ان نفذت قدراتهم الذاتية.
رولا لاجئة سورية متزوجة من لبناني، وهي في العشرين من عمرها، بدأت الآلام المبرحة تغزو بطنها خلال شهر حملها الثاني، فالتبس الأمر عليها، وظنت هي وعائلتها أن الأمر متعلق بالحمل. تنقلت من مستشفى إلى آخر، معتمدة على المستشفى الحكومي كمستشفى شبه مجاني، وعلى ما يمكن ان تغطيه "الأمم" (UNHCR) من نفقات محدودة للسوريين، وبما استطاع زوجها اللبناني هيثم كربجها (٣٠ عاما)، صياد سمك من الميناء بطرابلس، أن يجمعه في الشهور الفائتة عقب زواجهما قبيل رمضان الفائت.
في فترة قصيرة لم تتعد الأسابيع الثلاثة، خسرت الصبية الصاعدة بأمل على الحياة، أحد عشر كيلوغراما من وزنها، وشحب لونها، وبات وجهها أصفر بلا لون، وبعد أن كانت ناشطة، مفعمة بالحركة، أصبحت متهاوية، لا تستطيع الوقوف ولا الحراك إذا لم يمسكها أحد بيدها للمساعدة.
تقدم رولا نموذجا من البؤساء الذين كتبت التعاسة مبكرا على جبينهم. فقد كانت في الرابعة من عمرها يوم صدمتها دراجة نارية وهي في بلدتها في ريف حماه السورية، وأجريت لها آنذاك جراحة في الرأس والبطن. ولما اندلعت الأحداث السورية، وتفاقمت الأمور الأمنية حيث كانت تعيش مع أهلها، اضطرت للخروج إلى مكان آمن فكان لبنان من اختيار أهلها الذين جاؤوا إلى طرابلس منذ ثلاث سنوات، ولم يتمكنوا من السكن إلا في أسوأ الظروف: مأوى تحت الأرض، تتناهشه الرطوبة، ولا يصله نور الشمس، ومنعدم التهوئة، يقتصر على مقعد واحد، وفرشة على الأرض مع بعض سندات وطراريح اسفنج، وحصيرة بلاستيك. ومع ذلك يدفع الوالد أحمد إيجاره الشهري مائتي دولار، ويسكن فيه مع عائلته المكونة من زوجة وخمسة أولاد، حيث تزوج ثلاثة آخرون وظلوا في سوريا، على ما أوضحت الأم رجاء فرج التي بدت قلقة، متوترة خائفة على ابنتها.
في هذا المنزل البائس، عاشت رولا سنتين وأكثر إلى ان حل نصيبها مع هيثم، وما لبثت أن حملت، وسرعان ما بدأت تشعر بانزعاج غريب. نقلها عمها والد هيثم إلى بيته في الطبقة السابعة حفاظا على صحتها.
وما يفاقم مشكلة رولا أنها سورية، وإن تزوجت لبنانيا، فإن تحويل أوراقها إلى الجنسية اللبنانية يستغرق وقتا، ولم يتم ذلك في فترة الشهور القصيرة من زواجها.
ويروي هيثم عذابات إجراء عملية لعروسه، ويكاد يبكي وهو يروي ما تعرضت له من متاعب حتى تمكن من إدخالها إلى المستشفى الحكومي حيث أجريت لها جراحة عاجلة، انتهت إلى استئصال متر وعشرين سنتمترا من أمعائها التي "أصيبت بحالة سيئة لم يتمكن الأطباء من تشخيصها بشكل قاطع".
لم تؤثر العملية على الجنين الذي بقي سالما، لكن المريضة تقول باكية: "أشعر بألم في بطني، ولا أستطيع تناول الطعام الذي يبقى في الداخل، وأحتاج إلى مساعدة. حالتي صعبة، واخاف على جنيني، ولا أخاف على نفسي لأنني اتكل على الله. رجائي أن يوجد من يساعدني ويخفف آلامي".
أما الطبيب الذي أجرى لها الجراحة، فقال ان حالتها ناجمة عن أورام في الأمعاء"، مضيفا أنه "قام بكل ما بإمكانه لإنقاذها وإنقاذ الجنين، ونجح في إنجاز العملية مع الحفاظ على حياة الجنين".
وقال أنها "باتت بحاجة ماسة لاشراف من اطباء من اختصاصات مختلفة، اولهم طبيب نسائي يحدد حالتها، وحالة جنينها، وحاجتهما للغذاء، والدواء والعلاجات اللازمة. ثم طبيب داخلي يمكنه متابعة وضعها الخاص بعد إجراء العملية الجراحية، وما تحتاجه في ضوء ذلك، ومن المفضل عرضها على أخصائي تغذية يساعدها على استعادة صحتها، ببرنامج تغذية ملائم".
هيثم يؤكد أنها بحاجة ماسة لدخول المستشفى، وإجراء علاجات عديدة لها قبل فوات الأوان لأنها تفقد قدرتها لحظة بلحظة. شاكيا من عدم امتلاكه للمال الذي يمكنه من ذلك. ويقول: "أتمنى لو كان معي مال الدنيا ولن أبخل عليها به كله، لكن كل ما جمعته واستطعت تأمينه غطيت به نفقات عمليتها، والعلاج وأثمان الدواء".
وتمنى هيثم "على المعنيين بالأمر في وزارة الصحة، أو في أي موقع رسمي، مساعدتي، وإلا خسرت زوجتي وابني".
يقف هيثم على مدخل الملجأ حاملا زوجته كما تحمل الأم طفلها، وينزل بها الدرج الموصل إلى المنزل المفتقر للحد الأدنى من شروط الحياة، وحيث العائلة مخيَرة بين موت وموت.