الانضمام الى اتحاد النقابات العمالية المستقله
جاء في التقرير الذي أعده المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت، أن نصوص قانون العمل الأردني المعمول به تقيد بشكل كبير حق ممارسة حرية التنظيم النقابي في الأردن، مخالفة بذلك مضامين العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع أنهما جزء من المنظومة القانونية الأردنية منذ المصادقة عليهما ونشرهما في الجريدة الرسمية قبل ست سنوات، الى جانب مخالفتها لاتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات العلاقة، واعلان منظمة العمل الدولية للحقوق والمبادئ الأساسية بالعمل.
وجاء في التقرير الذي حمل عنوان "حرية التنظيم النقابي العمالي في الأردن.. وجدل الشرعية حول النقابات العمالية المستقلة والجديدة” أن الأردن وبالرغم من انه لم يصادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (87) الا أنه ملزم بتطبيقها واخذ مضامينها بعين الاعتبار عند وضع التشريعات الوطنية وفق ما جاء في نصوص "إعلان منظمة العمل الدولية للمبادئ والحقوق الأساسية في العمل” هذا الى جانب اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية والتي صادق عليها الأردن في عام 1966.
أن الأردن شهد خلال العقود الماضية موجة من التحولات في علاقات العمل، أدت الى بروز قوى وحركات عمالية جديدة لم تستوعبها النقابات العمالية التقليدية والمعترف بها بقانون العمل، والذي سمح للعمال في أي مهنة تأسيس نقابة خاصة بهم، الا أن ذات القانون فرّغ هذا النص من مضمونة في المادة التي تلتها عندما منح صلاحية تصنيف المهن التي لها الحق في تأسيس نقابات دون غيرها الى وزير العمل ثم الى اللجنة الثلاثية. ومنذ أواسط السبعينات لم يسمح قانون العمل والقرارات الصادرة بموجبه بتأسيس أية نقابة عمالية جديدة.
في سياق ذلك أشار تقرير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمرصد العمالي وهي الجهة التي أعدت التقرير، "بقيت أبواب الاتحاد العام لنقابات العمل والنقابات المنضوية تحته موصدة أمام كل محاولات الاصلاح على انظمتها الداخلي”. وأكد كذلك "أمام هذا الواقع وجد العاملين بأجر في الأردن انفسهم أما خيار التحرك للدفاع عن مصالحهم وتحسين ظروف عملهم، ولم يتمكن قانون العمل والقرارات الصادرة بموجبه من منع التحولات في القوى والحراكات الاجتماعية من التعبير عن نفسها والدفاع عن مصالحها، خاصة بعد استمرار الحكومات الأردنية المتعاقبة بتنفيذ نماذج تنموية وسياسات اقتصادية لم تأخذ بعين الاعتبار مصالح هذا الفئات الواسعة من العاملين بأجر في الأردن، سواء كانوا يعملون في القطاع الخاص أم القطاع العام.
وبين التقرير أن القوى العاملة الأردنية كانت الأكثر حساسية والأكثر تعرضا لنتائج السياسات اقتصادية التي تم تطبيقها في الأردن ، الأمر الذي وضع العاملين في اطار خيارات محدودة، سواء اولائك العاملين في القطاع العام أو العاملين في القطاع الخاص، وحسب التقارير التحليلية التي تناولت الاحتجاجات العمالية في السنوات الثلاث الأخيرة، فإن ثلثيها تم تنفيذه من قبل عاملين في القطاع العام، الأمر الذي يشير الى حجم الخراب الكبير الذي تعرضت له علاقات العمل في القطاعين، وتنامت حالة عدم التوازن ما بين أطراف علاقات الإنتاج وبشكل رئيسي طرفي علاقات الإنتاج الأساسية، المتمثلة في وزارة العمل والنقابات العمالية المعترف بها وأصحاب العمل، إذ أن ممثلي العمال من النقابات العمالية كانوا الطرف الأضعف، بسبب التدخلات الحكومية في اعمالها، وغياب الممارسات الديمقراطية الداخلية مما ادى الى غياب فاعليتها، لذلك وجد هذا التغول الكبير على حقوق العاملين بأجر، وانتشرت ظاهرة الانتهاكات والاعتداءات على الحقوق الأساسية في العمل في سوق العمل الأردن، ولم تتمكن وزارة العمل وفريق المفتشين فيها من ضمان تمتع جميع العاملين وخاصة في القطاع الخاص بالحقوق العمالية الأساسية المنصوص عليها في قانون العمل.
أمام هذا الواقع، وأمام تفاقم حجم الاحتجاجات العمالية التي شهدها الأردن خلال العامين الماضين وزيادة عزلة غالبية النقابات العمالية واتحادها العام، وأمام تنامي حاجة عمال الأردن للمزيد من العناية والرعاية والاهتمام وحمايتهم من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وانعدام فرص اصلاح النقابات العمالية واتحادها العام، خطت القوى والحراكات العمالية الجديدة خطوات جادة نحو استخدام حقها في انشاء نقابات عمالية مستقلة جديدة وفق انظمة داخلية ديمقراطية.
وفي سياق الأدلة التي اوردها التقرير على شرعية النقابات العمالية المستقلة والجديدة في الأردن، أشار التقرير اجماع فقهاء القانون الانساني الدولي على أن المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تصادق عليها الدول تسمو في التطبيق على القوانين الداخلية إذا كانت تتعارض معها، وتم الاشارة في التقرير الى اتفاقية "فيينا لقانون المعاهدات” التي نصت على أنه ” لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة”.
وفي سياق ايراد الأدلة على شرعية النقابات العمالية المستقلة والجديدة، يشير التقرير الى اتفاقيتي منظمة العمل الدولية التي تنظمان الحق في حرية التنظيم النقابي هما اتفاقية (87 ) بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم والاتفاقية (98) بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية. وبين أنه بالرغم من أن الأردن لم يصادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (87) المذكورة أعلاه، الا أنه ملزم بتطبيقها واخذ مضامينها بعين الاعتبار عند وضع التشريعات الوطنية وفق ما جاء في نصوص "إعلان منظمة العمل الدولية للمبادئ والحقوق الأساسية في العمل” والتي جاء فيها ” تعلن المنظمة (منظمة العمل الدولية) أن الدول الأعضاء حتى ولو لم تصادق على الاتفاقيات ذات العلاقة، ملزمة بحكم انتمائها وعضويتها في المنظمة باحترام المبادئ المتعلقة بالحقوق الأساسية وتعزيزها وتطبيقها بحسن نية وطبقا للدستور (دستور منظمة العمل الدولية)”.
وأشار التقرير أن التعديلات التي جرت على الدستور الأردني في عام 2011 جاءت لتصب في مصلحة حرية التنظيم النقابي، إذ جاء في هذه التعديلات ” للأردنيين حق تأليف الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف احكام الدستور” وأكدت ذلك مادة أخرى في الدستور نصت على الحق في انشاء تنظيم نقابي حر.