jo24_banner
jo24_banner

هل تُخرج حكومة النسور المملكة من أزمتها؟

هل تُخرج حكومة النسور المملكة من أزمتها؟
جو 24 :

عمر عساف - كان يوم الجمعة الماضي من أكثر "الجمع" هدوءا وأقلها مسيرات واحتجاجات، منذ نحو عشرين شهرا هي ما انقضى من عمر "الربيع الاردني".

جعل مجيء حكومة "إجراء الانتخابات النيابية" برئاسة الدكتور عبدالله النسور، جميع أطراف العملية السياسية يقفون برهة لإعادة درس مجمل حال البلاد والآفاق المتاحة اعتمادا على المهمات الموكولة إلى الرئيس الجديد وقدراته الشخصية على التواصل مع الجميع.


انسداد الأفق السياسي
قبل تأليف الحكومة الجديدة، عانى الشارع الأردني حالا غير مسبوقة من الاحتقان، بلغت ذروتها قبل أسبوعين، مع التحشيد لـ"جمعة إنقاذ الوطن" التي دعت إليها الحركة الإسلامية والمعارضة ومكونات الحراك الإصلاح الشعبي والشبابي، والتي أريد لها أن تكون أضخم مسيرة احتجاجية للحراك الإصلاحي. وقابلها تحشيد مضاد من أجهزة الأمن وأذرعها الموصوفين بـ"البلطجية" بالتصدي للمسيرة حتى لو لزم الأمر استخدام العنف، بهدف تخويف المواطنين وردعهم عن المشاركة فيها.


وساهم الإعلام في تأزيم الوضع الى درجة جعلت كثيرين من الساسة والمراقبين يحذرون من احتمالات انفجار حرب أهلية بسبب هذا التحشيد والتأزيم، خصوصا مع انسداد جميع قنوات الحوار بين المعارضة والنظام وفشل الوساطات التي قام بها النظام في محاولة أخيرة لإقناع المعارضة بالمشاركة في الانتخابات التي اعلنت مقاطعتها لها. وزاد الوضع المعيشي السيئ للمواطنين حدة الأزمة، مع تآكل الرواتب والارتفاع المتزايد للأسعار، وتخوف الناس من اعتزام الحكومة رفع اسعار المحروقات التي رفعتها بالفعل قبل شهرين وجمدها الملك استجابة لتقارير أمنية تحذر من تفجر الأوضاع.

غير أن المسيرة نفذت بسلام بعدما ضبطت أجهزة الأمن أذرعتها ومنعتهم من مواجهتها. واستبق الملك المسيرة بحل مجلس النواب (الفاقد الشعبية)، تمهيدا لإجراء الانتخابات النيابية، وأتبعها بإقالة حكومة رئيس الوزراء فايز الطراونة، إنفاذا للدستور الجديد الذي يلزم الحكومة الاستقالة خلال أسبوع من حل مجلس النواب.

حكومة النسور
غير أن الاحتقان لم يزل، والأفق بقي مسدودا، وكان الملك مضطرا لإيجاد رئيس وزراء يلقى قبولا من كل الأطراف، وخصوصا المعارضة، ويستطيع تنفيس الأزمة ولو قليلا.
وكان اختياره للنسور، الذي وإن كان محسوبا على النظام، إلا أنه شكّل في البرلمان حالة من المعارضة للحكومات الأربع الأخيرة ولسياساتها، وكذلك لعلاقته الجيدة وتواصله مع المعارضة في الشارع، ولقدراته الشخصية في المحاورة والتفاوض، وهو الذي عمل وزيرا للإعلام والخارجية والتخطيط والتربية، ونائبا في مجالس نيابية عدة.

كما انه كان من أشد المعارضين لقانون الانتخاب الجديد الذي وضعته حكومة الطراونة الموسومة بـ"حكومة التأزيم" ولقانون المطبوعات والنشر الجديد المقيد للحريات الصحافية.
وأوصل الإسلاميون رسالة مفادها استعدادهم لجدولة مطالبهم مقابل تعديل قانون الانتخاب بمنح الناخب صوتين في الدائرة الانتخابية بدل صوت واحد.

غير أن النسور، استعجل في التصريح بأن قانون الانتخاب الجديد لن يطرأ عليه تغيير، ومطالبته الجميع بالمشاركة في الانتخابات والتغيير من خلال البرلمان الجديد.
وزاد الأوضاع تأزيما إبقاء النسور معظم أعضاء فريق حكومة الطراونة في الوزارة الجديدة، ما يعني أن سياسة الحكومة لن يطرأ عليها تغيير. 

المعارضة مستمرة
وجاء الرد سريعا من المجلس الأعلى للإصلاح الذي يرأسه المراقب العام السابق لـ"الإخوان المسلمين" الشيخ سالم الفلاحات، أمس في بيان أصدره، وجدد فيه تأكيد موقفه المعلَن بـ"مقاطعة الانتخابات النيابية بكل مراحلها".


وحذر من خطورة التوجه للانتخابات النيابية في غياب "توافق وطني على قانون انتخاب وإصلاحات تنهي حالة الاحتقان، وتحفز المواطنين على مشاركة واسعة، وتعيد الثقة في مؤسسات الدولة، وتوقف التدهور وتمهد لخروج البلد من أزمته".

كما أعاد المجلس طرح مطالبه الإصلاحية، التي "تتطابق فيها مع طيف واسع من القوى الحزبية والسياسية والمجتمعية". وهي: أن ينتخب الشعب سلطته التشريعية بشقيها النواب والأعيان، وفق قانون انتخاب ديموقراطي، بحيث يُعهد إلى ائتلاف الغالبية النيابية بتشكيل الحكومة وتمكينها من بسط ولايتها على كل أجهزة الدولة ومؤسساتها.

وكذلك: كف يـد الأجهزة الأمنية عن التدخل في الحياة السياسية، والتصدي للفساد واستعادة ثروات الوطن، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية.

النظام: الإصلاح مستمر
غير أن النظام يخالف المعارضة كثيرا، فهو يرى، على لسان الملك، أنه قطع شوطا كبيرا في الإصلاح، ويدعو إلى التدرج في العملية الإصلاحية، ويؤكد أن قانون الانتخاب الجديد، وكذلك قانون الأحزاب، هو "نتاج توافق وطني نتطلع إلى استمرار تطويرهما عبر القنوات الدستورية والمؤسسية".

وعرض الملك في مرسوم تكليف الحكومة الجديدة المنجز الإصلاحي المتمثل في: تطوير قانون الاجتماعات العامة وتأسيس نقابة للمعلمين وانشاء المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب وتعديل الدستور بما رسخ الحريات، ووازن بين السلطات الثلاث وألغى إمكان تعطيل الحياة النيابية وقيّد حل البرلمان.

وعبّر عن تطلعه قدماً الى البرلمان المقبل "الذي سيؤسس لإرساء مفهوم التحول نحو الحكومات البرلمانية".

أزمة ثقـة
مع هذا التصلب من الجانبين، ورفض أي حلول وسط، يعتقد مراقبون أن أي حل مقترح لن يغير شيئا، ما دامت هناك أزمة ثقة متبادلة من جميع الأطراف، بمن فيهم الشارع.
ويطالب العقلاء والحكماء بإجراءات تعيد بناء الثقة المفقودة وتعزز نقاط الالتقاء.

ويقترحون كمقدمات لذلك: وقف التراشق الإعلامي، وإطلاق معتقلي الرأي من ناشطي الحراك الذين أحالتهم الحكومة على القضاء العسكري، وتجميد العمل بقانون المطبوعات والنشر المعدل، والجلوس إلى طاولة الحوار على قاعدة الوصول إلى حلول وليس الحوار من أجل الحوار.

بغير إيجاد ثقة متبادلة بين جميع الأطراف، فإن أي حل مطروح لن يجد سبيلا إلى التحقق، كما يتفق المراقبون، الذين يتخوفون من نتائج إجراء انتخابات لا يشارك فيها الجميع، ويحصر المعارضة في خانة قد تخرجها من المطالبة السلمية بإصلاح النظام إلى خيارات أخرى غير محسوبة العواقب. (النهار) 

تابعو الأردن 24 على google news