هل يعلم ابن فاديا انه قتلها... وكيف سيواجه الحقيقة؟

جو 24 :
أراد ان يمازح والدته فأرداها قتيلة! طلقة واحدة كانت كفيلة بتحويل المشهد في منزل منصور من عادي الى دموي، بعد ان حمل ابن السبع سنوات مسدس والده ووجّهه نحو أمه، وشدّ الزناد فأصابت الرصاصة رأسها، متفوّقًا على المحترفين الذين يتعلّمون الرماية لسنوات.
ليست قصة عائلة منصور في شارع معوّض بالضاحية الجنوبية، التي راحت ضحيتها ابنة بلدة جويّا، فاديا زين الاولى في لبنان. فالسلاح المتفلّت انتقل من الشوارع الى المنازل، وبات الاهمال وتركه في متناول يد الاطفال امرًا عاديًّا، فلم ينسَ اللبنانيون بعد حادثة مقتل ابن الاربع سنوات في ببنين برصاصة وجّهها خاله ابن العشر سنوات فأصاب جبينه، أثناء لهوه بالمسدّس الذي تركه الجدّ على طاولة المطبخ، حتى جاءت قصة فاديا لتطرح علامات استفهام عن الاهمال وترك السلاح هنا وهناك، وكأنه آلة عادية لا تهدّد البشرية!
لكن اطلاق طفل النار من مسدس ليس امراً سهلاً، فهو يحتاج الى تحرير الزناد، او ان يكون السلاح مجهزًا لذلك، وفي الحالتين لا تصل الامور الى الخواتيم الدموية الا اذا كان الاهمال سيّد الموقف، فتسقط الضحايا في لحظات عفوية. ويتحمّل الاطفال وزر مشهد من دون اي تخطيط مسبق للصورة التي ستظهر.
اليوم ابن منصور يسأل اين والدته، ينتظر عودتها الى المنزل، لكن هل فعلا هو لا يعلم ما اقترفته يداه البريئتان؟ هل نسي او تناسى مشهد والدته التي سقطت امام عينيه؟ ايّ حالة نفسية سيكون عليها فيما لو ووجِه بالحقيقة؟ وما ترسّبات وتأثيرات تلك الحادثة في حياته؟
"الطفل لا يعرف الى الآن ان والدته فارقت الحياة، يسأل عنها بين الحين والآخر من دون ان يتم اطلاعه على الحقيقة" بحسب ما أكده احد اقارب والده. اما رمزي شقيق فاديا فتحدث إلى "النهار" وهو منهار، انه لم يرَ ابن شقيقته بعد الحادثة "لا نزال في حالة صدمة وتقبل التعازي، خسرت واحدة من شقيقاتي الثلاث، التي حرمني بعد المسافة بيننا عن رؤيتها الدائمة في الدنيا، وها هي رحلت عنا فجأة".
حالة انكار
ابن الضحية ظهر عبر وسائل الاعلام وكانه يعيش بصورة عادية غير مدرك لما يدور حوله، لكن اخصائية علم النفس ريما دروبي قالت لـ"النهار" "لا أرى أن الطفل يعيش بصورة عادية، فهو يعلم ما حصل، لكنّه يعيش في لاوعيه حالة انكار، وهذا يأتي من دفاعه عن نفسه كي لا يوجعها، فيتظاهر أنه لا علم له بما حصل ويحصل، لكن في داخله يعلم كل تفاصيل القصة".
يمكن أن يعيش من يمر بمثل هذه الحادثة بحسب دروبي "حالة الانكار طوال حياته"، وفي حال تمّت مواجهته بالحقيقة "هناك حالتان، فاما ان يستمر في استخدام الانكار، او ان يقوم بردّ فعل عكسي، اي يخرج من حالة اللاوعي إلى حالة الوعي في هذه الحالة، وهنا اما ان يقع في الاكتئاب ويصبح انطوائيًّا، لأنه سيخاف ان يقتل شخصًا يحبّه عن طريق الخطأ، كما حصل معه سابقاً؛ او ان يكون للأمر تأثير ايجابي في علاقته مع الناس، كأن يصبح هادئًا في علاقاته مع الآخرين للتعويض عما ارتكبه مع والدته"، مفضلة ان يترك الطفل "في الغلاف الذي وضع نفسه فيه وألا تَتِمّ مواجهته كي لا يكسر".
دروبي شدّدت على "ضرورة معاقبة الوالد لتركه المسدس في متناول طفله"، ولفتت إلى أن "تعليم الطفل حمل السلاح يعني قتل احاسيسه ومشاعره تجاه الآخر، وتربيته على العدائية، وان روح الانسان لا قيمة لها، وبالامكان السيطرة على الآخر وقتله برصاصة، لا بشهادته وكلامه".
بانتظار استماع اقوال الطفل!
"التحقيق لا يزال مستمرًّا، وقد تحول من فصيلة حارة حريك الى تحري الضاحية" بحسب ما قال مصدر في قوى الأمن الداخلي لـ"النهار"، وأضاف "لم يغلق المحضر بعد، ولا شبهات حول احد، ونحن في انتظار الاستماع الى أقوال الطفل بحضور مندوبة أحداث لمعرفة قدرته على تلقين المسدس". واستطرد "بحسب التحقيقات الاولية الطفل معتاد على حمل المسدس وخرطشته، ولا احد موقوف، تم توقيف الوالد في اليوم الاول كون الاهل لم يكونوا قد استلموا الجثة بعد، لكن بعد أن توضحت الصورة اطلق سراحه". وعما اذا كان الاب لا يتحمل مسؤولية الاهمال قال، "هذا يتوقف على ما يصل اليه القانون في مسألة الاهمال".
عندما يصبح السلاح المتفلّت بيد الاطفال لا غرابة ان كان الضحايا أغلى الأحباب!
النهار