قدرنا الفوز في امتحان الارهاب
جو 24 :
كتب: حسام عايش -
في اللحظة الحاسمة كانت الاجهزة الامنية والعسكرية بالمرصاد لمن اعتقد أن بامكانه اللعب بامن هذا الوطن،موهوما بقدرته على التحرك كما اعتاد في الدول المنهارة أو الفاشلة،لتكون النتيجة وأد وهمكاذب طال عقول هؤلاء الارهابيين؛ بعد أنعشعش في عقولهم أن الله معهم، وأن مجرد تمتمات هنا وصيحات تكبير هناك تعني أنهم جنود الله على الارض، لذلك كان التصدي لايقاظ من بقي منهم مؤمنا بفكر التضليل هذا؛ ليعود الى رشده لانقاذ نفسه من مصير محتوم سلفا.
ومع كل الاشادة بالاداء الامني المحترف، والترحم على الشهيد راشد الزيود، والدعاء بالشفاء للجرحى،فإن مغامرة الحالمين بالحوريات لم تكن سوى تمرين أردني عملي في المواجهةمع هذا النوع من الارهابيين الذين اعتقدوا أنهم آمنين في جحورهم،فكانت النتيجة حكم الله العادل بهم.
إن هذا النوع من العبث لم يعد مستغربا في المنطقة المعومة على كل إرهاب، ما يعني أن الاستعداد والتنبه واليقظة تظل مطلوبة؛ بل هي الاولوية الاولى؛ ما يستدعي إطلاع الناس على المعلومات التي تسمح لهم بالمشاركة الايجابية في مواجهة هذا الجنون، والتوعية بمعنى ومفهوم الحس الامني الذي يفترض أن يتمتع به لدى جميع المواطنين والمقيمين،ليكونوا شركاء في تحمل مسؤولية الواجب الوطني في الدفاع الاستباقي عن أمن الوطن والمواطنين، باعطاء الناس المعلومات حول كيفية التصرف عند الاشتباه باشخاص، أو تحركات، أو تصرفات غير متسقة مع السلوك الطبيعي، وتثقيف الناس بكيفية التصرف عند وقوع حدث أمني لا سمح الله.
نقول ذلك ونحن أقوياء بعدالة حربنا ضد الارهابيين، وبقواتنا المسلحة التي تقدم الدليل تلو الدليل على قدرتها النوعية؛ وحسمها السريع؛ وتدخلها الدقيق؛ لمواجهة من تسول له نفسه التفكير بالعبث بأمن الوطن، لكن ذلك ليس مسؤولية القوى الامنية والعسكريةفقط بل مسؤوليةالجميع، فالامن المجتمعي يعني أن كلمواطن رجل أمن في موقعه.
إن من متطلبات المواجهة مع ارهابيين فقدوا السيطرة على عقولهم وضمائرهم وقيمهم الانسانية؛ وتحولوا إلى مجرد ريبوتات ارهابية تتحرك بلا أحاسيس أو تفكير، التركيز على الصيدلياتللتنبيه عليها عدم بيع أي دواء منشط او مخدر دون وصفة طبية موثقة؛ حتى لو اقتضى الامر الاتصال مع الجهة المصدرة لتلك الوصفة، لان هؤلاء الارهابيين بدون المنشط أو المخدر يعجزون عن إرهابهم؛ فهو سلاحهم الحقيقي في الاساس.
والقيام بحملة واسعة لتفقد العمارات والشقق والمنازل التي قد تكون هدفا لاقامة هؤلاء الارهابيين فيها؛ من حيث المساحة، والموقع، وسهولة التخفي، ووجود سراديب أو مخازن فيها، وغيرها، من تلك المواصفات التي يبحث عنها الارهابيون للاقامة الامنة.ومتابعة المساجد من خلال نظام مراقبة للتعرف على الوجوه الجديدة التي تتردد فجأة عليها وأعدادها.
إن هذا النوع من التحديات يفرض استجابة مختلفة لعل في مقدمتها التفكير بمراجعة المناهج الدراسية كاولوية، فالمناهج ليست وجهة نظر أشخاص، بل متطلبات واحتياجات وأمن مجتمع بكامله، كما أن منهج العملية الاقتصاديةيفترض أن يتغير؛ فليس المهم وجود أشخاص يديرون هذا الاقتصاد وتكون عنايتهم تقديم وتجميل النسب والبيانات المالية لترضي المؤسسات المالية الدولية في الخارج؛ فيما الحقائق على الارض تعمل وتشير الى اتجاه اخر، وإنما العمل لنيل رضى الداخل من خلال رؤية اقتصادية تنبثق من احتياجات ومتطلبات المجتمع أولا، لتخفيض نسب البطالة والفقر وتحسين مستويات المعيشة وتوطين التعليم النوعي وغيرها.
الثقة المحسوبة، والانضباط، والهدوء، وممارسة الحياة العادية؛ هي نقيض ما يحاول الارهابيون تحقيقه، فالمجتمعات الفاشلة سلاحهم للانتشار والتغلغل وتحقيق أحلامهم الملوثة، والمجتمعات الناجحة نقيضهم مباشرة، فاليكن النجاح شعار المجتمع في الرد عليهم، والنجاح يتحقق بتكاتف الجميع، وبوضع المواطن في صورة ما يحدث، وبالتوعية المبنية على الحقائق، وبنوع الاستجابة للتحدي، إذ أن قدر شعوب المنطقة أن تتعرض لامتحان الارهاب، وقدرنافي الاردن أن نفوز في هذا الامتحان؛ لاننا نصنع النجاح ولا ندعيه،واربد نموذج له.