رصد 53 صهريجا يبيع مياها ملوثة
يتقاطر يوميا عشرات من سائقي الصهاريج على آبار وسيول مياه غير صالحة للشرب، ويقومون بتعبئة المياه وبيعها لمواطنين ما يشكل خطرا على الصحة العامة.
ورغم الرقابة الحكومية المتواضعة على آبار وسيول المياه الملوثة فإن مدير مديرية صحة البيئة التابعة لوزارة الصحة المهندس صلاح الحياري، أفاد بأن المديرية ضبطت 118 صهريج ماء قامت ببيع مياه ملوثة على أنها صالحة للشرب حتى نهاية شهر تموز الماضي.
وبحسب الناطق الإعلامي لوزارة المياه والري عمر سلامه فإنه لغاية تموز الماضي قامت الوزارة بمخالفة 140 صهريجا تبيع مياها غير صالحة للشرب للمواطنين.
ويبين سلامة انه من الصعب السيطرة على مصادر المياه والصعوبة الأكبر هي السيطرة على المخالفين الذين يقومون بتعبئة مياههم من السيول والآبار غير الصالحة للشرب وذلك بسبب تعددها في المملكة.
ويشير سلامة إلى أن عدد الآبار في المملكة يبلغ ما يقارب 2000 تقريبا، منها المتجدد ومنها غير المتجدد لذلك لا يوجد رقم دقيق، لكن بعض الاحصائيات تشير إلى وجود 41 بئرا غير صالحة للشرب موزعة في مختلف مناطق المملكة.
ورغم تفشي ظاهرة بيع المياه الملوثة فقد اقتصرت سجلات محكمة غرب عمان (البيادر) -وهي منطقة قريبة من سيول وينابيع ملوثة- على ثلاثة احكام فقط ضد اصحاب صهاريج قاموا ببيع مياه ملوثه للمواطنين خلال العام الحالي، وحالتين فقط خلال العام الماضي وثلاثة احكام خلال عام 2010.
ومن أبرز مصادر المياه الملوثة التي تستخدم بصورة غير قانونية بحسب مديرية صحة البيئة: نبع الطرابيل وسيولها، نبع وادي السير، سيل حسبان، سيل ناعور، وسيول عراق الأمير بالإضافة الى السيول الموجودة في شمال المملكة (جرش واربد).
ورغم مشاهدات «كاتب التحقيق» لأيام عديدة عشرات الصهاريج التي تعبئ المياه الملوثة على مدار الساعة إلا أن المخالفات التي رصدتها مديرية صحة البيئة لم تتجاوز 14 مخالفة حتى شهر حزيران الماضي توزعت كالآتي: العاصمة 3 مخالفات، جرش 7 مخالفات والزرقاء 4، لكن اللافت أن هذه المخالفات قفزت إلى 118 مخالفة في شهر تموز الذي يليه، ما يؤشر على ضعف الرقابة حتى شهر حزيران بالرغم من أن وزارة الصحة تفرض الرقابة على ينابيع المياه استنادا للمادة 38 من قانون الصحة العامة.
وتشير إحصاءات مديرية الامن العام إلى انها رصدت في الشهور الخمسة الاولى من العام الحالي 80 مخالفة فقط، يقوم سائقو الصهاريج المعبأة بالمياه الملوثة ببيعها على انها صالحة للشرب للمواطنين.
ووفق الناطق الاعلامي باسم مديرية الامن العام المقدم محمد الخطيب فإنه خلال الخمسة شهور الأولى من العام الحالي فإن المديرية كشفت على ما يقارب 130 صهريج مياه وتم مخالفة 80 منها لعدم صلاحية المياه التي يقومون بنقلها من السيول والآبار غير الصالحة مياهها للشرب ويبيعها اصحابها على انها صالحة للشرب للمواطنين.
وتقوم وزارة الصحة بفرض الرقابة على الينابيع، استنادا إلى المادة 38 من قانون الصحة العامة، وتنص على مراقبة كيفية معالجة مياه الشرب، ونقلها، وتوزيعها، وتخزينها، لضمان توافر الشروط الصحية بما في ذلك نوعية المياه المستعملة في عمليات معالجة مياه الشرب.
انقطاع المياه سبب رئيس لإقبال المواطنين على شراء مياه الصهاريج، ويقول المواطن ضاحي العبادي سكان منطقة أم السوس إن «المياه انقطعت عن منزلي لمدة أسبوع ما اضطرني إلى شراء المياه من أحد أصحاب الصهاريج بسعر متدن قدره ديناران ونصف للمتر».. علما أن سعر المياه الصالحة للشرب يقارب أربعة دنانير للمتر.
ويضيف العبادي «بعد التعبئة تفاجأت بلون داكن للمياه ورائحة قريبة من رائحة مياه الصرف الصحي، فاضطررت لتفريغ الخزانات وتنظيفها من الداخل لتعبئتها مجددا بمياه نظيفة بديلة».
ويقول مازن النسور -وهو مواطن يسكن المنطقة المذكورة- إنه بسبب «الانقطاع الدائم للمياه نضطر الى شراء المياه من الصهاريج». ويضيف «شاهدت قيام احد سائقي الصهاريج ممن يتعامل معه غالبية سكان الحي بتعبئة المياه من عين قريبة للمنطقة يتجنبها جميع من حولها بسبب القاذورات والقمامة التي تحيط بالعين، بالإضافة الى وجود مكب نفايات يبعد عنها ما يقارب 500 متر فقط في منطقة عين غزال.
ويشير النسور إلى «انني والسكان المجاورون شكونا الى وزارة الصحة فأبلغونا ان الشكوى ليست من اختصاص الصحة ويجب مراجعة وزارة البيئة» على حد قوله.
ويطالب النسور بضرورة اجراء فحوصات دورية لصهاريج المياه التي تقوم بتزويد المنازل وحتى المزارع بالمياه، كون استعمالات المياه غير محصورة للشرب بل تصل للدواجن والماشية ومزارع الفواكة والخضراوات.
أساليب تضليل وتخويف
ويتبع سائقو الصهاريج أساليب عديدة لتعبئة المياه الملوثة ولحماية أنفسهم، فهم يتواجدون في جماعات عند موقع سيل المياه ويزيلون «نمر» لوحات الأرقام أو يقلبونها أو يغطونها بالطين.
رصد كاتب التحقيق «سيل عراق الأمير» لخمسة أيام وهو واحد من السيول غير الصالحة للشرب، فوجد أن عشرات الصهاريج تعبئ منه يوميا مياها غير صالحة للشرب، فالتقط عددا من الصور لها بواسطة هاتفه المحمول أثناء عملية التعبئة.
وفي اليوم الثالث تتبع «كاتب التحقيق» أحد هذه الصهاريج فقام السائق ببيعها لمواطن على اعتبار أنها مياه صالحة للشرب وضخها الأخير في خزان المياه، إلا أن كاتب التحقيق كشف للمواطن سالم علي «اسم مستعار» أن المياه ملوثة فسارع المواطن إلى تفريغ الخزان.
احمد السيد سائق صهريج ماء يقوم بتوزيع المياه في عمان، وصف اصحاب الصهاريج الذين يقومون بتعبئة مياه ملوثة من السيول وبيعها للمواطنين على انه لا يوجد عندهم ضمير ولا يخافون الله، والسبب الرئيس الذي يجعلهم يقومون بهذه الاساليب هو الحصول على المال دون تكاليف، اذ ان تكلفة تعبئة المتر الواحد من الاماكن المرخصة التابعة لوزارة المياه والري والخاضعة للمعالجة تكلف 8 دنانير و60 قرشا للاربعة أمتار، ويقوم اصحاب الصهاريج ببيعها بـ10 دنانير شاملا التوصيل والتفريغ.
اما اصحاب الصهاريج الذين يقومون بتعبئة صهاريجهم من المياه الملوثة فيقومون ببيع مياههم بدينار ونصف للمتر الواحد ما يوفر لهم الكثير من المال.
سائقو الصهاريج لا يسمحون لأي شخص على صلة بجهة رقابية الاقتراب منهم، وقد يلجأون للاعتداء عليه وهو ما حدث فعلا مع موظفين يتبعون لمديرية صحة البيئة، وفقا للمديرية.
ولم يكن «كاتب التحقيق» استثناء، فعندما لاحظ سائقو الصهاريج تواجده في عين المكان لأكثر من يوم، اعتدى عليه أحدهم لفظيا وشتم ذاته الإلهية، وحاول ضربه بعصى، إلا أن عابرين للطريق حالوا دون ذلك، وأصر الكاتب على عدم منح السائقين هاتفه الخلوي لشطب الصور التي التقطها لهم أثناء التعبئة الملوثة.
وتظهر الصور الملتقطة للصهاريج بأنها لا تحمل أي لوحات أرقام، فقد عمد بعضهم إلى ازالتها لحين الانتهاء من التعبئة لطمس هوية الصهريج واسم مالكه، فيما لجأ آخرون إلى «طمس» أرقام اللوحات «بالطين» وآخرون أزالوها نهائيا أو قلبوها على وجهها غير المرقم، وذلك للتمويه على دوريات الشرطة أو للهروب من مندوبي مديرية صحة البيئة.
ويلاحظ أن مياه سيل «عراق الأمير» تمر بمنطقة وادي الشتا وصولا إلى وادي شعيب ثم البحر الميت، ولا تنحصر التعبئة منها في نقطة معينة بل تمتد الى هذه النقاط جميعها، ومن الأساليب الفريدة للتعبئة من «سيل عراق الأمير» أن أحدهم بنى غرفة كبيرة «مخبأ للصهاريج» من الصخر والطين مغطاة بورق النخيل فيدخل الصهريج، ويعبئ المياه الملوثة بعيدا عن الأنظار.
بعض سكان المنطقة، يؤكدون «إن ما لا يقل عن عشرات من سائقي الصهاريج يقومون بتعبئة المياه من موقع (وادي الشتا) دون حسيب او رقيب» ويضيفون: «لا أحد يستطيع اعتراضهم فهم عدوانيون وقد يلجأون إلى ضرب أي شخص يقترب منهم أو يحاول التصوير».
مالك متنزه في منطقة وادي الشتا رعد الخلايلة يقول ان «الصهاريج تقوم بالتعبئة على مدار الساعة صباحا ومساء، وهي صهاريج لا تحمل نمرة ومكتوب عليها صالحة للشرب، علما بأن الموقع بأكمله محظور من قبل وزارة الصحة ووزارة البيئة ووزارة المياه والري بسبب تلوثه وعدم صلاحيته للشرب».
رجب العلوان يعمل سائق صهريج منذ 10 أعوام يتحدث عن عين تسمى «عين فريدة» في عراق الامير تقوم بعض الصهاريج زرقاء اللون وتحمل عبارة غير صالحه للشرب بتعبئة المياه منها، وبيعها لأصحاب صهاريج مياه صالحة للشرب بأسعار رمزية ليبيعوها للمواطنين على أنها صالحة للشرب».
خلال زيارة للموقع للتحقق من دقة المعلومة تمكن «كاتب التحقيق» من تصوير صهريج (لون أزرق يحمل عبارة غير صالح للشرب) يقوم بالتعبئة من تلك المياه غير الصالحة للشرب وفق تصنيف مديرية صحة البيئة التي تحظر استخدامها لهذه الغايات ليبيعها بعد ذلك إلى صهريج كتب عليه «مياه صالحة للشرب».
«الصحة» تقر
ويشير مصدر في وزارة الصحة إلى وجود صهاريج تقوم بتعبئة مياه غير صالحة للشرب عن طريق صهاريج مياه تحمل عبارة (مياه غير صالحة للشرب) مدهونة باللون الازرق، وبيعها بأسعار رمزية وبعيدة عن أعين المواطنين لصهاريج تحمل عبارة (مياه صالحة للشرب) مدهونة باللون الاخضر، لتسهيل عملية سحب المياه وبيعها للمواطنين.
ويقول المصدر «توجد طرق اخرى يمارسها أصحاب الصهاريج لبيع هذه المياه الملوثة، اذ يقومون بابتياع مياه صالحة للشرب من حين لآخر من مناطق مرخصة للحصول على ورق قانوني وعرضه للآخرين في حال وجود مساءلة».
صحة البيئة
مديرية صحة البيئة لا تنكر وجود ظاهرة بيع المياه الملوثة من سائقي صهاريج، ويقول مدير صحة البيئة المهندس صلاح الحياري إن «سائقي الصهاريج تصعب السيطرة عليهم بسبب كثرتهم وخروجهم في جماعات لحماية أنفسهم فضلا عن تعدد مصادر التعبئة للمياه الملوثة».
ويضيف الحياري «هناك صهاريج غير مرخصة تقوم بسحب المياه الملوثة من مناطق محظورة وبيعها في اماكن بعيدة عن الانظار لصهاريج مياه صالحة للشرب التي بدورها تبيع هذه المياه للمواطنين على اساس انها مياه معالجة وصالحة للشرب».
ويقول «تعرض عدد من موظفي صحة البيئة للضرب المبرح مرات عديدة من قبل هؤلاء ما قلص من عدد الزيارات التفتيشية الا بوجود مندوب من الامن العام برفقتهم «الشرطة البيئية». وطلبت «الرأي» لقاء بعض الموظفين الذين تعرضوا للضرب إلا أن الحياري رفض ذلك، وقال «لا داع للمقابلات».
ويؤكد ان موظفي وزارة الصحة لم يكونوا قادرين على حماية انفسهم أثناء الجولات التفتيشية على مصادر المياه الملوثة من «عصابات الصهاريج الملوثة» فهم يتواجدون على شكل مجموعات لتأمين الحماية لانفسهم، ما اضطر الوزارة الى تقديم كتب رسمية الى وزارة الداخلية لتأمين الحماية للموظفين وتمكينهم من رصد ومتابعة الصهاريج التي تقوم بتعبئة المياه الملوثة.
ويبين أنه تصعب متابعتهم جميعا لأنهم يتوزعون على مصادر مياه ملوثة عديدة من بينها: نبع الطرابيل وسيولها ونبع وادي السير وسيل حسبان وسيل ناعور وسيول عراق الامير بالاضافة الى السيول الموجودة في شمال المملكة الموجودة في جرش واربد.
ويبين الحياري ان مطالب الوزارة من مديرية الامن العام تركزت بضرورة اجراء الحجز الاولي للآليات المسببة للضرر «الصهاريج» لمدة اسبوع عند كل مخالفة، وعند ضبطهم أثناء تعبئة المياه الملوثة احالتهم الى القضاء.
ويؤكد ان ما يحول دون وقف تعبئة الصهاريج من مصادر المياه الملوثة حتى يومنا هذا طول مدة الاجراءات التنسيقية بين الجهات المعنية -وزارة الصحة والبيئة والمياه والري ووزارة الداخلية- للخروج في الجولات التفتيشية الدورية على تلك المصادر، خصوصا مع تكرار الاعتداءات على الموظفين اثناء قيامهم بهذه المهمة ما يستدعي ضروره وجود رجال الامن اثناء الجولات التفتيشية.
كذلك تشير إحصايئات مديرية الامن العام إلى انها رصدت في الشهور الخمسة الاولى من العام الحالي 80 مخالفة فقط، يقوم سائقو الصهاريج المعبأة بالمياه الملوثة ببيعها على انها صالحة للشرب للمواطنين.
شكاوى
مصدر مسؤول في وزارة الصحة يشير إلى وجود عدد كبير من «مافيات» صهاريج المياه يبيعون مياها ملوثة على انها صالحة للشرب، وينتقد المصدر الذي رفض ذكر اسمه «ضعف الرقابة من قبل وزارة الصحة ووزارة المياه والري ومديرية صحة البيئة وهو ما سهل لتلك العصابات التمادي في عملهم دون رقيب».
ويؤكد ان «الموظفين المكلفين بمهمة المراقبة على تلك الآبار والسيول يخافون أصحاب الصهاريج بسبب كثرة الاعتداءات عليهم بالضرب والشتم».
وتبين لـ«الرأي» أنه مع قلة عدد المخالفات لا وجود لأي إحصاءات لدى وزارة المياه والري تتعلق بعدد الشكاوى.
وتنكر وزارة المياه والري وجود أية شكاوى حول بيع صهاريج المياه الملوثة لديها رغم أن تلقي الشكاوى من صلب عملها، واكتفى مدير احدى الدوائر في الوزارة بالقول إن «وزارة المياه تتلقى شكاوى حول انقطاعات وتسرب المياه ووجود سرقات وعطل او خلل في التمديدات، لكن متابعة قضايا بيع المياه الملوثة ليست من اختصاص الوزارة».
ويقول الناطق الاعلامي لوزارة الصحة حاتم الازرعي «تسعى الوزارة الى بسط الهيمنة على اصحاب الصهاريج المخالفين للقانون، كما يتم توزيع اصحاب الاختصاص في جميع المواقع ليتم ضبط مخالفين يقومون بسحب المياه الملوثة من السيول والاودية وبيعها على اساس انها مياه صالحة للشرب». ويلفت إلى أن الوزارة تقوم بحجز صهاريج المخالفين لمدة أسبوع فيما تحيل مكرري المخالفة الى المحكمة.
سجل إحصائي ضعيف
من الصعوبات التي واجهت «كاتب التحقيق» الحصول على ارقام ومعلومات دقيقة حول حجم وعدد المخالفات المتعلقة ببيع المياه الملوثة للمواطنين على انها مياه صالحة للشرب أو شكاوى بحق اصحاب صهاريج بصفة محددة قاموا بهذا العمل، كما ظهر تباين في الارقام التي تم الحصول عليها من الجهات المتعددة المعنية بالموضوع وهي مديرية صحة البيئة والامن العام ووزارة المياه.
ووفق الناطق الاعلامي باسم مديرية الامن العام المقدم محمد الخطيب فإنه خلال الخمسة شهور الأولى من العام الحالي تم الكشف على ما يقارب 130 صهريج مياه وتمت مخالفة 80 منها لعدم صلاحية المياه التي يقومون بنقلها من السيول والآبار غير الصالحة مياهها للشرب ويبيعها اصحابها على انها صالحة للشرب للمواطنين.
ويشير الخطيب إلى أن شرطة البيئة المنضوية تحت مظلة الامن العام تقوم بحملات بالتعاون مع وزارة الصحة والبيئة لملاحقة المخالفين.
«الرأي» رصدت في موقعي وادي الشتا وسيل وادي السير الموجود في عراق الأمير المدرجين ضمن مواقع المياه غير الصالحة للشرب، فسجلت من سيل وادي الشتا «بئر البحّاث» مخالفة 53 صهريج ماء يقومون بتعبئة مياههم وذلك خلال فترة زمنية استغرقت 5 ساعات فقط فيما، رصدت 67 صهريجا عبأت مياها من عراق الامير خلال 7 ساعات فقط، وهذه المشاهدات كانت على مدار يومين فقط ما يبرز نشاط سائقي الصهاريج وغياب الرقابة.
ويقول متصرف وادي السير محمد الخريشة إن الأمور في وادي السير مسيطر عليها تماما، وان عدد الشكاوى لا يزيد عن 4 شكاوى خلال الشهر الواحد.
وبين ان دور متصرفية وادي السير ينحصر في ما يحول لها من قبل وزارة الداخلية «شرطة البيئة» من عمليات ضبط لاشخاص، اذ تقوم المتصرفية بحجز الصهريج لمدة أسبوع او كفالة عدلية او التحويل للقضاء عند تكرار ضبط ذات الصهريج.
وبحسب معلومات متطابقة من مديرية صحة البيئة ووزارة الصحة فإن ابرز المناطق التي يقوم اصحاب الصهاريج بتعبئة المياه الملوثة منها هي ينابيع الطرابيل ووادي السير والبحاث وسيل وادي السير/عراق الامير وسيل حسبان وسيل ناعور والآبار الزراعية في شرق عمان والشونة الجنوبية.
مخاطر صحية
ويؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات على ضرورة تفعيل الرقابة على المخالفين للحد من الاضرار التي تنجم عن هذه التجاوزات، وتكثيف التعاون والتنسيق بين وزارة الصحة ووزارة المياه ووزارة البيئة في هذا الاطار.
ويشدد عبيدات على خطورة القضية لضررها المباشر على صحة وسلامة المواطنين من جهة وما يترتب على ذلك من الاصابة بالامراض حيث تتكبد الدولة لاحقا كلف العلاج وتأمين الدواء للمصابين بالامراض جراء شرب المياه الملوثة.
ويؤكد الطبيب محمد البويطل على وجود عناصر في المياه الملوثة تفتك سمومها بخلايا المخ والدم والعظام، مثل مادة «الرصاص» التي تنتشر على المسطحات المائية جراء منتجات كيميائية يدخل الرصاص في تكوينها أو عندما تلقي بعض المصانع الكيميائية المطلة على هذه المسطحات نفاياتها وفضلاتها إلى المياه، اذ ينتقل للإنسان مؤدياً الى الموت البطيء، وهلاك خلايا المخ.
ويضيف تحتوي المياه الملوثة على مادة «الزئبق» التي تهاجم خلايا المخ والجسم وتقتلها كما تهاجم العظام وتؤدي إلى قصر طولها، ولا يوجد علاج حقيقي لحالات التسمم الناتجة عن الزئبق.
ويقول تتعدد مصادر تلوث المياه بمادة «الزئبق» منها المخلفات الصناعية والمعادن المتنوعة والنفايات ومياه الصرف الزراعية ومخلفات مياه المجاري، كما ان تعدد الزيوت والمبيدات المستخدمة لمكافحة الفطريات وأنواع أخرى من الفطريات الغروية من أخطر المصادر الملوثة بعنصر «الزئبق».
ويبين الدكتور البويطل المخاطر والامراض التي قد تصيب الانسان بواسطة المياه الملوثة والتي ابرزها، تواجد بكتيريا السالمونيلا والتي تسبب أمراض حمى التيفوئيد والنزلات المعوية، وبكتريا الشيجالا وطفيليات الجيارديا والاميبا التي تسبب أمراض الإسهال، وبكتيريا الإشريشيا كولاي، والتي تسبب أمراض الجفاف والإسهال والقيء عند الأطفال بصفة خاصة، أما بكتيريا الفيبريو فتسبب مرض الكوليرا، وبكتيريا اللبتوسبيرا فينجم عنها حدوث التهابات الكلى والكبد والجهاز العصبي المركزي.
تعليمات مزاولة المهنة
وتنص تعليمات مزاولة المهنة الصادرة عن امانة عمان على تنظيف وتطهير سيارات ووسائل نقل الماء اسبوعياً وبانتظام ضمن مواصفات وطرق تستخدم فيها مواد محددة، وان يتم جلي وفرك داخل الصهريج لازالة الرواسب بمعدل مرة واحدة شهرياً باستخدام أدوات ووسائل بمواصفات معينة.
وتلزم التعليمات الصهاريج بلصق تعلميات التنظيف والتطهير لصهاريج الماء لرجوع الموظف المختص اليها عند قيامه بفحصها، وان تسجل تواريخ عمليات التنظيف والتطهير مقابل توقيع القائم بهذه العمليات في دفتر خاص جاهز للتفتيش عليه ويبقى في السيارة باستمرار.
ويقول سائق صهريج: «لا توجد أي جهة رقابية تقوم بالتفتيش على التنظيف والتطهير، وينحصر الأمر فقط عند ترخيص المركبات».
وجود هذه الظاهرة المقلقة يضع أسئلة مهمة أمام المسؤولين في الصحة والبيئة والأمن والمياه، ابرزها: إلى متى تستمر هذه الظاهرة؟ وهل تعجز الحكومة فعلا عن ردعها؟ لماذا لا تكون العقوبات رادعة بحق من يرتكبون هذه الجريمة؟ الأسئلة كثيرة، فمن يجيب؟ . الراي