الأسباب الحقيقية وراء انسحاب بوتين من سوريا..
جو 24 :
بدأت موسكو سحب الطائرات الحربية من سوريا، الثلاثاء 15 مارس/آذار2016، وذلك بعد يوم واحد من إصدار الرئيس فلاديمير بوتين أمراً بسحب معظم القوات الروسية بعد حملة قصف جوي استمرت 6 أشهر ساهمت في تحويل الصراع بشكل حاسم لصالح الحكومة السورية.
وعلى الرغم من أن هناك وجهات نظر متباينة حول الدوافع الكامنة وراء هذا الانسحاب، إلا أن الخبراء اتفقوا بشكل عام على أن روسيا تجنبت التورط في مستنقع عسكري في سوريا وفي نفس الوقت حققت أهدافاً مهمة، بحسب تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلس تايمز الأميركية.
فقد أكدت الحملة الروسية على مكانة موسكو كلاعب دولي كبير وعززت الموقف العسكري الضعيف للرئيس السوري بشار الأسد، حليف موسكو.
علاوة على ذلك، لم يستبعد بوتين إعادة نشر القوات الروسية في سوريا إذا ما اقتضت الضرورة.
وقال مسؤولون روس إن مئات من أفراد الجيش الروسي سيبقون في سوريا لإدارة القاعدة الجوية الروسية والمنشأة البحرية في سوريا. وقد تعهدت روسيا بمواصلة حملتها ضد الإرهاب في سوريا.
نيكولاي بانكوف، نائب وزير الدفاع الروسي، قال في حفل تكريم الطيارين المغادرين في قاعدة حميميم الجوية الواقعة في شمال غرب مقاطعة اللاذقية السورية، حسبما ذكرت وكالة أنباء ريا نوفوستي المملوكة للدولة "من السابق لأوانه الحديث عن الانتصار على الإرهاب".
صورت موسكو مهمتها في سوريا على أنها معركة ضد الإرهابيين الذين يهددون حكومة الأسد، الذي يَعتبر جميع خصومه من المسلحين، إرهابيين.
بقاء بعض القوات
وقال سيرجي إيفانوف، وزير الدفاع السابق الذي أصبح الآن كبير الموظفين لدى بوتين، في تصريح له للتلفزيون الروسي، إن منظومة صواريخ S-400 المتقدمة المضادة للطائرات ستبقى أيضاً في سوريا، فضلاً عن طائرات هجومية وقاذفات القنابل، وذلك بهدف "ضمان أمن" القوات المتبقية.
وفي الوقت الذي فاجأ فيه إعلان بوتين الحكومات والمراقبين في جميع أنحاء العالم، فقد أثار موجة من التخمين حول السبب الكامن وراء هذا القرار.
وقد نفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس الثلاثاء إحدى التكهنات الرئيسية، وهي أن الانسحاب كان محاولة من جانب بوتين المحبط للضغط على الأسد العنيد لتقديم تنازلات في محادثات الأمم المتحدة لتحقيق السلام في سوريا.
كما نفى المتحدث باسم الكرملين مثل هذا الدافع، على الرغم من تواتر أنباء حول وجود خلاف بين موسكو ودمشق.
دعم على المدى القصير
الصحيفة الأميركية نقلت عن مسؤول بالاستخبارات الأميركية قوله "عند قراءة ما بين السطور، فمن الواضح أن روسيا قد أصيبت بالإحباط بسبب التعنت وعدم كفاءة النظام السوري".
وتابع المسؤول الذي لم يكشف عن هويته للصحيفة "ربما يكون بوتين قد دعم الأسد على المدى القصير، لكنه أدرك أيضاً عن كثب مدى ضعف القوات السورية".
بعد إعلان بوتين، أصدر مكتب الأسد في دمشق بياناً ينكر فيه وجود أي "خلاف سوري-روسي"، وذكر أن قرار بوتين بالانسحاب لا يعني "تجاهل" روسيا للقتال في سوريا. وقال البيان إن خطوة سحب القوات الروسية قد "درست بعناية ودقة" قبل تنفيذها، مشيراً الى أن بوتين والأسد ناقشا الانسحاب على الهاتف.
ومع ذلك، لا يزال هناك احتمال أن يكون الانسحاب الروسي قد سبب توتراً لدى بعض مؤيدي الأسد. بينما جاء رد الفعل الإيراني صامتاً عموماً، وهي الدولة التي كانت الداعم الدولي الرئيسي الآخر للأسد.
وقال علي أكبر ولايتي، مستشار بارز في الشؤون الخارجية لدى القيادة الإيرانية، لوكالة أنباء تسنيم المحافظة "لقد أكد الروس أنهم سوف يبقون على قواعدهم. وفقًا لتقديراتنا، فإن الروس سيخوضون الحرب ضد الإرهابيين كلما اقتضت الضرورة ذلك."
تقليص القصف الروسي
وبينما لم يتضح بعد كيف ستواصل الطائرات الروسية ضرب أهداف في سوريا، فإن من المؤكد أن وتيرة القصف ستضعف، بعدما كانت الطائرات المقاتلة وقاذفات القنابل تنفذ ما يصل إلى 100 طلعة جوية يومياً في سوريا.
وقال بوتين أخيراً إن كلاً من المنشأة البحرية الروسية الواقعة في مدينة طرطوس السورية على البحر الأبيض المتوسط وقاعدة حميميم الجوية ستظلان قيد التشغيل.
وكانت القاعدة الجوية محور الهجوم الروسي الذي تضمن حوالي 9000 طلعة جوية ما بين 30 سبتمبر/أيلول وهذا الأسبوع.
ساعد القصف الروسي في تقهقر فصائل المعارضة التي تقاتل للإطاحة بالأسد الذي كان قد طلب التدخل الروسي.
وذكر الرئيس الروسي إن الجيش قام بمهمته وساعد على تسهيل استئناف محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة التي جرى استئنافها يوم الإثنين الماضي في جنيف.
وقد وصف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، قرار روسيا "بتطور مهم، والذي نأمل أن يكون له أثر إيجابي."
الذكرى الخامسة للثورة
يصادف هذا الأسبوع الذكرى الخامسة للثورة السورية، التي بدأت باحتجاجات سلمية في الشوارع في مارس/أذار 2011، وسرعان ما تحولت إلى حرب أهلية تركت الكثير من أنحاء البلاد في حالة خراب واضطر ما يقرب من نصف السكان البالغ عددهم 23 مليون إلى هجر منازلهم.
كان أحد أهداف روسيا المعلنة في سوريا هو القضاء على 2000 أو نحو ذلك من المتشددين الناطقين بالروسية الذين توجهوا للجهاد في سوريا. وتقول موسكو إنها قد قتلت الكثيرين منهم.
لم تحدد موسكو قط عدد الأفراد الذين خدموا في سوريا، على الرغم من أن بعض التقارير غير المؤكدة ذكرت أن العدد يقدر بحوالي 4000 فرد. وقد ذكرت الصحف الروسية أن حوالي 70 طائرة مقاتلة وطائرات هليكوبتر شاركت في الحملة في سوريا.
كان عضو مجلس الشيوخ الروسي فيكتور اوزيروف قد صرح لوكالة انباء انترفاكس الثلاثاء أن ما يصل الى 800 جندي سيبقون في سوريا، وذلك بهدف حماية القاعدة الجوية الروسية والمنشأة البحرية.
وبالإضافة إلى ذلك، تواصل القوات الروسية في سوريا مراقبة "وقف الأعمال العدائية" الجزئي الذي بدأ في 27 فبراير/شباط. وتراقب كل من روسيا والولايات المتحدة الانتهاكات المبلغ عنها. كما أن لروسيا أيضا قوة كبيرة من الطائرات بدون طيار في سوريا تراقب وقف إطلاق النار، حسبما ذكرت السلطات.
وقد أظهرت قنوات تلفزيونية تابعة للكرملين هبوط ثلاث قاذفات قنابل من طراز سوخوي 34، وهي أول طائرات روسية تعود من سوريا بعد الانسحاب المعلن. كما كررت وسائل الإعلام المملوكة للدولة ذكر النجاحات التي حققتها الحملة الروسية القصيرة نسبياً.وكالات