فادي وربى ... ارادة لا محدودة وثمرتهما مرقص
جو 24 : بإرادتهما اللامحدودة وإصرارهما على الحياة جعلا المستحيل ممكناً... تحدّيا إعاقتهما الجسدية بإيمان وثقة، وكسرا الحواجز التي واجهتهما في كل اتجاه ليعيشا معاً تحت سقف واحد ... وكان لهما ذلك. وأثبت فادي وربى يونان، للقريب والبعيد، أن المعجزات تُصنع بالإرادة والعزم والحب ...
تروي ربى حنا خوري (36 عاماً) من اللاذقية لـ"النهار"، أنها عاشت طفولتها كسائر الأولاد إلى سنة الـ13 حين بُترت يدها اليمنى من الطرف العلوي من الكتف نتيجة خطأ طبي أثناء عملية جراحية خضعت لها: "هذه الحادثة المفاجئة في حياتي لم تمنعني من متابعة دراستي المدرسية، بل تأقلمت مع واقعي بدعم عائلتي، واتكلت قدر المستطاع على نفسي في تدبير أموري اليومية، وواصلت الإختلاط مع العالم الخارجي الذي لم يرحمني أحياناً كثيرة بسبب إعاقتي".
لم تسمح ظروف ربى العائلية من اتمام مرحلة دراستها الثانوية، فانخرطت في الأشغال اليدوية والحياكة وأبدعت في مجال التزيين رغم أنها تنجز أعمالها فقط في يدها اليسرى. وثمة عبارة ترددها باستمرار: "بالإرادة نصنع العجائب، وبالإيمان نصنع الكثير"، ... وأتى رفيق الدرب يُشاركها هذه العبارة فوقع في حبها.
من هو شريك حياتها؟
"ربما هي المصادفة التي جمعتني بفادي يونان (38 سنة) من الحسكة، وكان الإنسان الذي دخل عقلي وقلبي". والمفارقة أن فادي مصاب بشلل الأطفال منذ الشهر الثامن من عمره، يضع جهازاً في رجله اليمنى ويستعين بعكاز لرجله اليسرى ويستخدم الكرسي النقال عند الضرورة.
دامت علاقة الثنائي قرابة خمسة أشهر قبل أن يقررا الارتباط وتحديد موعد الزواج في 25 أيلول 2006. واجها صعوبات كثيرة، أولها من عائلتيهما اللتين رفضتا فكرة ارتباطهما بسبب إعاقتهما معتبرين أن الأمر سيولّد لهما مشكلة إضافية، "لكن تصميمنا على الزواج واستمرارية الحياة لم يشعرانا يوماً بأن الإعاقة الجسدية يمكن أن تمنع صاحبها من تحقيق حلمه في تأسيس عائلة، خصوصاً أننا نستمد قوتنا وإيماننا من الله الذي أعطانا نعماً كثيرة".
تؤكد ربى، وإذا كانت هي من دون يد ففادي يدها، وهو لا يقصر في الوقوف الى جانبها. وهكذا تزوجا، وجاء مرقص، الذي هو اليوم في الثامنة من عمره، ثمرة هذا الحب الذي ربطهما معًا.
من الحسكة... إلى لبنان؟
بعدما دخل إرهابيو داعش في آب 2015 قرى الخابور في سوريا، وتهدّدت حياة أهالي تلك القرى بالخطف والقتل، اضطرت عائلة يونان الصغيرة إلى اللجوء إلى لبنان منذ نحو ثلاثة أشهر. "قبل أن نترك منازلنا وممتلكاتنا التي دُمرت بالكامل، كنا في وضع مرتاح، إذ كان يعمل فادي موظف سنترال لدى إحدى الشركات في الحسكة، وأنا أيضاً عملت في المجال عينه"، تقول ربى، أما اليوم، فقد تراجع وضعهما المادي وبات سيئاً جداً، "ونحن حالياً نقيم مع أربع عائلات في منزل واحد في السبتية، وعددنا نحو 14 شخصاً بين صغير وكبير، ويتألفون من أشقاء زوجي وشقيقاته وعائلاتهم، وكان لجأ البعض منهم إلى لبنان قبل عامين والبعض الآخر قبل ثلاثة أعوام". والتحق مرقص بالمدرسة الرسمية في سد البوشرية بدوام بعد الظهر الخاص بالتلامذة السوريين.
ترفض ربى الاستجداء لكي تعتاش وعائلتها، بل تساعد في إيجار المنزل الذي يُكلّف 650$ شهرياً، عدا عن مصروف المأكل والمشرب وتسديد الفواتير. تبحث لفادي عن عمل يلائم وضعه، "مع أنني أدرك تماماً أن العثور على عمل ليس بالأمر السهل، ونحن في حاجة ماسة إلى راتب شهري وإن كان مبلغاً زهيداً، حتى أنني مستعدة للعمل في إحدى الجمعيات الخاصة بذوي الحاجات الخاصة أو غيرها وأفيدهم من خبرتي في تدريس الأشغال اليدوية التي أبدعت فيها سنوات طويلة".
لا تتقبّل ربى أن يعطف أحد على طفلها مرقص ليشتري له ما يستحلي من الشوكولاتة أو "الشيبس" لكون العائلة اعتادت الاعتماد على نفسها في تدبير شؤونها وتأمين مصاريفها قبل تهجيرها رغماً عنها إلى لبنان. إلى ذلك، تتناول ربى أدوية للضغط وكذلك فادي يحتاج إلى فيتامينات يستحيل عليه شراؤها.
خبرتها في الحياة أكدت لها، وفق قولها: "كل ذي عاهة جبار، وبإعاقتنا تحدّينا العالم والمجتمع وأثبتنا أن المعوق ليس معوقا بجسده، إنما معوق بعقله، والإنسان الذي يعتبر نفسه كاملاً هو مريض ويحتاج إلى طبيب نفسي".النهار الللبنانية
تروي ربى حنا خوري (36 عاماً) من اللاذقية لـ"النهار"، أنها عاشت طفولتها كسائر الأولاد إلى سنة الـ13 حين بُترت يدها اليمنى من الطرف العلوي من الكتف نتيجة خطأ طبي أثناء عملية جراحية خضعت لها: "هذه الحادثة المفاجئة في حياتي لم تمنعني من متابعة دراستي المدرسية، بل تأقلمت مع واقعي بدعم عائلتي، واتكلت قدر المستطاع على نفسي في تدبير أموري اليومية، وواصلت الإختلاط مع العالم الخارجي الذي لم يرحمني أحياناً كثيرة بسبب إعاقتي".
لم تسمح ظروف ربى العائلية من اتمام مرحلة دراستها الثانوية، فانخرطت في الأشغال اليدوية والحياكة وأبدعت في مجال التزيين رغم أنها تنجز أعمالها فقط في يدها اليسرى. وثمة عبارة ترددها باستمرار: "بالإرادة نصنع العجائب، وبالإيمان نصنع الكثير"، ... وأتى رفيق الدرب يُشاركها هذه العبارة فوقع في حبها.
من هو شريك حياتها؟
"ربما هي المصادفة التي جمعتني بفادي يونان (38 سنة) من الحسكة، وكان الإنسان الذي دخل عقلي وقلبي". والمفارقة أن فادي مصاب بشلل الأطفال منذ الشهر الثامن من عمره، يضع جهازاً في رجله اليمنى ويستعين بعكاز لرجله اليسرى ويستخدم الكرسي النقال عند الضرورة.
دامت علاقة الثنائي قرابة خمسة أشهر قبل أن يقررا الارتباط وتحديد موعد الزواج في 25 أيلول 2006. واجها صعوبات كثيرة، أولها من عائلتيهما اللتين رفضتا فكرة ارتباطهما بسبب إعاقتهما معتبرين أن الأمر سيولّد لهما مشكلة إضافية، "لكن تصميمنا على الزواج واستمرارية الحياة لم يشعرانا يوماً بأن الإعاقة الجسدية يمكن أن تمنع صاحبها من تحقيق حلمه في تأسيس عائلة، خصوصاً أننا نستمد قوتنا وإيماننا من الله الذي أعطانا نعماً كثيرة".
تؤكد ربى، وإذا كانت هي من دون يد ففادي يدها، وهو لا يقصر في الوقوف الى جانبها. وهكذا تزوجا، وجاء مرقص، الذي هو اليوم في الثامنة من عمره، ثمرة هذا الحب الذي ربطهما معًا.
من الحسكة... إلى لبنان؟
بعدما دخل إرهابيو داعش في آب 2015 قرى الخابور في سوريا، وتهدّدت حياة أهالي تلك القرى بالخطف والقتل، اضطرت عائلة يونان الصغيرة إلى اللجوء إلى لبنان منذ نحو ثلاثة أشهر. "قبل أن نترك منازلنا وممتلكاتنا التي دُمرت بالكامل، كنا في وضع مرتاح، إذ كان يعمل فادي موظف سنترال لدى إحدى الشركات في الحسكة، وأنا أيضاً عملت في المجال عينه"، تقول ربى، أما اليوم، فقد تراجع وضعهما المادي وبات سيئاً جداً، "ونحن حالياً نقيم مع أربع عائلات في منزل واحد في السبتية، وعددنا نحو 14 شخصاً بين صغير وكبير، ويتألفون من أشقاء زوجي وشقيقاته وعائلاتهم، وكان لجأ البعض منهم إلى لبنان قبل عامين والبعض الآخر قبل ثلاثة أعوام". والتحق مرقص بالمدرسة الرسمية في سد البوشرية بدوام بعد الظهر الخاص بالتلامذة السوريين.
ترفض ربى الاستجداء لكي تعتاش وعائلتها، بل تساعد في إيجار المنزل الذي يُكلّف 650$ شهرياً، عدا عن مصروف المأكل والمشرب وتسديد الفواتير. تبحث لفادي عن عمل يلائم وضعه، "مع أنني أدرك تماماً أن العثور على عمل ليس بالأمر السهل، ونحن في حاجة ماسة إلى راتب شهري وإن كان مبلغاً زهيداً، حتى أنني مستعدة للعمل في إحدى الجمعيات الخاصة بذوي الحاجات الخاصة أو غيرها وأفيدهم من خبرتي في تدريس الأشغال اليدوية التي أبدعت فيها سنوات طويلة".
لا تتقبّل ربى أن يعطف أحد على طفلها مرقص ليشتري له ما يستحلي من الشوكولاتة أو "الشيبس" لكون العائلة اعتادت الاعتماد على نفسها في تدبير شؤونها وتأمين مصاريفها قبل تهجيرها رغماً عنها إلى لبنان. إلى ذلك، تتناول ربى أدوية للضغط وكذلك فادي يحتاج إلى فيتامينات يستحيل عليه شراؤها.
خبرتها في الحياة أكدت لها، وفق قولها: "كل ذي عاهة جبار، وبإعاقتنا تحدّينا العالم والمجتمع وأثبتنا أن المعوق ليس معوقا بجسده، إنما معوق بعقله، والإنسان الذي يعتبر نفسه كاملاً هو مريض ويحتاج إلى طبيب نفسي".النهار الللبنانية