حملات مقاومة التطبيع في الأردن تؤتي ثمارها
جو 24 :
شكّل إقرار مجلس النواب الأردني حظر وبيع وتأجير الأراضي لحملة الجنسية الإسرائيلية في إقليم البتراء السياحي جنوب البلاد، علامة فارقة في جهود مقاومة التطبيع في الأردن، بعدما كانت لوقت قريب تقتصر على جهود فردية أو نقابية أو مؤسسية بعيدا عن المؤسسات الرسمية.
القانون الذي أثار جدلا وصخبا داخل أروقة مجلس النواب، وشهد تراجعات وتأجيلات عدة من قبل المجلس نظرا لاختلاف وجهات النظر حيال مادة أساسية تجيز بيع وتملك الأراضي في إقليم البتراء، انتهى به المطاف إلى أن وافق المجلس بأغلبية الأصوات على حظر التعامل نهائيا مع الإسرائيليين، في حين سمح للجنسيات الأخرى باستملاك أو بيع أراض بعقود لا تتجاوز 99 عاما فقط.
وكانت مدينة البتراء وتحديدا منطقة وادي موسى مسرحا لعدة اعتصامات واحتجاجات من أهالي المنطقة، بعد توارد أنباء بأنه سيُسمح بتملك الإسرائيليين لأراض وعقارات داخل المدينة.
الأردن يقاطع
ومثل حملات كثيرة في الأردن تجتهد في مقاومة التطبيع مثل حركة "استح"، ولجان مقاومة التطبيع الحزبية والنقابية المختلفة، اعتبرت حملة "الأردن يقاطع" من أكثر الحملات تأثيرا حاليا على الساحة الأردنية، وهي امتداد لجهود عالمية في الميدان نفسه.
وتقول الناشطة في الحملة لبنى عبد الله إن الاعتصامات المتكررة للحملة قبالة مؤسسات الأمم المتحدة في الأردن بعد تعاقد الأولى مع شركة الحراسة الأمنية "جي فور أس"، وهي إحدى الشركات الفاعلة في توفير الأمن والتدريب للأجهزة العسكرية والشرطية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، دفع بمنظمتين أمميتين وهي منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والمفوضية العليا للاجئين، إلى عدم تجديد عقودهما مع الشركة المذكورة، وهي شركة بريطانية دانماركية.
وستستمر الجهود تجاه المؤسسات الأخرى لثنيها عن التعامل مع الشركة المتواطئة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على حد قول الناشطة.
ولم تخف لبنى عدم قدرة جهود مقاومة التطبيع على اكتشاف بعض مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي القادمة من إسرائيل مثل الحبوب والأعلاف والكرتون وقطع غيار المركبات والشاحنات، ومحاسبة المتورطين فيها من التجار والمستثمرين.
الغاز الإسرائيلي
وكانت مذكرة تفاهم لاستيراد الغاز الإسرائيلي وقعتها الحكومة الأردنية مع تل أبيب بقيمة 15 مليار دولار لمدة 15 عاما هي الحلقة الأقوى لحملة "الأردن يقاطع" التي نجحت -كما تقول لبنى- في خلق رأي عام لدى الشارع الأردني يرفض الصفقة.
ووفق المتحدثة نفسها فإن الحملة أجرت اتصالات فردية مع جميع أعضاء مجلس النواب، ونقاشات وحوارات من أجل رفض الصفقة التي ما زالت مجمدة حتى الآن من لدن الحكومة جراء الرفض النيابي والشعبي الواسعين.
تاريخيا، كانت جهود مقاومة التطبيع مع إسرائيل -رغم توقيع اتفاقية وادي عربة بين الجانبين- ناجحة ومؤثرة أحيانا، إلا أنه كانت تعتريها بعض المآخذ والملاحظات. وكانت النقابات المهنية الأردنية تشكل الرافعة الأولى لمقاومة التطبيع، وهو ما تسبب لبعض رموزها بالسجن والاعتقال.
انقسامات سياسية
وتقول الناشطة الحقوقية في مقاومة التطبيع هالة ذيب إن الانقسام في صفوف الأحزاب والنقابات ورؤسائها بشأن القضايا المحلية والعربية -مثل الموقف من الأزمة السورية- أثر بشكل فادح على جهود مقاومة التطبيع المؤسسية.
وتضيف هالة أن مبادرات مناهضة التطبيع أصبحت جهودا فردية غير مؤثرة ومنقسمة في بعض الأحيان، دون أن تغفل نجاح كثير من الجهود التاريخية في كبح جماح التطبيع مع إسرائيل.
وتتابع القول إن غياب رموز قوية فاعلة حاليا تكون قادرة على مواجهة ضغوط الأجهزة الأمنية المختلفة، كان سببا آخر في إضعاف جهود مقاومة التطبيع مقارنة بما كان عليه الوضع سابقا. -(الجزيرة)