ما علاقة ألوان وزركشة الحيوانات بالتحرش؟
توصل علماء إلى تفسير رتابة ألوان إناث الحيوانات وخلوّها من التنوع البديع والزركشة التي تميز الذكور، وقالوا إن السبب في ذلك يرجع إلى محاولة تلافي التحرش الجنسي.
وكانت محاولات سابقة لتفسير هذا التباين الكبير في الزينة والجمال قد خرجت ببضع نظريات على مدى السنين، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، الجمعة 18 آذار 2016.
من المعروف أن ذكور الحيوانات في موسم التزاوج تحاول لفت أنظار الإناث إليها كي يقع عليها اختيار الأنثى، فالأنثى في عالم مملكة الحيوان تتخير الأجمل والأقوى من الذكور ليكون أباً لصغارها مستقبلاً، وبذلك تضمن قوة جينات صغارها وصحتها الجيدة.
ولذلك يتبارى الذكور في نفش ريشها واستعراض ألوانها البراقة أو أي علامات مميزة؛ بغية الاستحواذ على إعجاب الإناث كي ينالوا شرف الدعوة إلى التناسل.
تساءل العلماء كالبروفيسور ديفيد هوسكن من جامعة إكستر: "لماذا لا تعبر الإناث عن مميزاتها الجنسية عبر الزينة الجذابة مثل الذكور؟".
قلة تزين الإناث حرصاً على الطاقة
وأجاب هوسكن بأن قلة تزين الإناث يرجع إلى حرصها على توفير طاقتها لإنتاج أكبر عدد من البيض، فكلما بذلت الأنثى طاقة لتدافع عن نفسها أمام المتحرشين، تقل طاقتها الكامنة التي تمكنها من وضع البيض، وبالتالي تزداد المخاطر التي تتعرض لها البيضات القليلة من مثل الكسر أو الإصابة، فلا تفقس.
وأضاف هوسكن: "أعتقد أن زينة الإناث قد تزيد من تعرضها للتحرش الجنسي من قبل الذكور، ما يضر بعدد الصغار لاحقاً. فالثمن الذي تدفعه الأنثى عند تعرضها للتحرش – من محاولات جاهدة لردع الذكور وحماية النفس منهم - سينعكس على عدد البيض فيقلله".
وهكذا يبدو أن المظهر الخالي من الزركشة وسيلة للوقاية، لكنه ليس الوسيلة الوحيدة في ذلك؛ إذ من المعروف عن إناث الحيوانات لجوؤها إلى عدة وسائل لحماية أنفسها من نظرات الذكور غير المرغوبة، بل حتى أنها في بعض الأحيان تتنكر مثل الذكور.
ردع التمدد الذكوري
ومن الوسائل الأخرى الانتقال للعيش في أماكن بها أعداد ذكور قليلة، فتكوّن الإناث مجموعات ضخمة تردع أي تمدد ذكوري أو اقتراب متحرش غير مرغوب فيه، كما تستخدم وسائل تطفئ الرغبة الجنسية لدى الذكور.
فمثلاً أنثى "حشرة العصا الورقية الشائكة الأسترالية" Australian spiny leaf stick insect تصد الذكور غير المرغوب بهم بإطلاق مادة كيميائية ذات رائحة نفاذة تقضي على الفور على أي رغبة جنسية في التناسل قد تراودها تلك اللحظة.
ونشرت هذه الدراسة الأخيرة في مجلة "سلوك الحيوانات" Animal Behaviour، كما شارك بها عالم من جامعة كاليفورنيا بسانت كروز.
ونوّه البروفيسور هوسكن بأن نظرية صد التحرش ليست قطعاً التفسير الوحيد لقلة تزين الإناث وجاذبيتها الجنسية، لكن النظرية تلفت نظر الباحثين إلى أن ذلك العامل ممكن جداً.
ومن النظريات الأخرى في تفسير مظهر الإناث غير الجذاب تلك القائلة إن حاجتها للتخفي والتستر أكبر من الذكور، فأنثى الطاووس مثلاً الخالية من أناقة وروعة ذكرها بحاجة أكثر للاختباء من الثعالب لأنها المسؤولة عن التكاثر وحضن البيض أكثر من الذكور.
وهناك نظرية أخرى سائدة تقول إن كثرة الزينة تقلل من خصوبة الأنثى لأنه كلما أنفقت الطاقة على التلون بالريش زاهي الألوان وعلى غير ذلك من بُهْرُج المكملات الجمالية، انخفضت طاقة الإناث في إنتاج البيض.
(هافينغتون بوست)