قصة مريم.. عنف جسدي ونفسي تولد من الطلاق
لا احد يدفع ثمن الطلاق سوى الأولاد، فالطلاق سبب لاستغلال الاطفال وإبعادهم عن أمهاتهم.
مريم – اسم مستعار - قصة تجسد آثار الطلاق على الابناء في تعريضهم لتجارب اجتماعية ونفسية لا تقدم لهم سوى مزيد من المعاناة، والشعور بالخوف من المستقبل.
عمر مريم عشرون عاما. تطلق والداها وهي بعمر العشر سنوات، وحرمت من رؤية والدتها حيث عاشت مع والدها الذي تزوج مرة اخرى، لتبدأ رحلتها الجديدة مع معاناة تجسدت بايذاء جسدي وعنف لفظي من زوجة ابيها التي لم تتوقف عند العنف فقط بل امتدت لحرمانها من إكمال تعليمها، فقد أخرجت من المدرسة وهي بالصف العاشر لتتولى رعاية اشقائها وتخدم الاسرة بأكملها.
تؤكد مديرة دار الوفاق الاسري سمر صبحا تعرض مريم لكافة أنواع العنف الجسدي والنفسي فبعد ان حرمت من رؤية والدتها التي لم تتوقف يوما عن السؤال عنها، رغم مطالبتها أبيها المتكررة، منعت من ذلك، وتفاقمت المشكلة عندما حرمت إكمال تعليمها واجبرت على العمل وهي في مرحلة عمرية كان يجب ان تكون فيها على مقاعد الدراسة.
وقالت صبحا إن مريم «عملت في سن السادسة عشرة كمرافقة لطلاب في حافلات مدرسية لتساعد والدها على تكاليف الحياة ليذهب كل ما تحصل عليه الى والدها الذي أجبرها ايضا على ترك العمل لاقتناعه أنه غير مجد ماليا لتعود الى محيط الاسرة المنغلق ويمارس عليها كافة اشكال العنف».
بسبب ضيق الحال الذي تعيشه مريم وشعورها بالحرمان وعدم قدرتها على العيش كأي فتاة طبيعية في اسرة طبيعية، تقول صبحا، تعرفت على شاب من خلال الهاتف النقال كوسيلة للهروب من حياتها في ظل غياب دور الام بهذه المرحلة العمرية لكل فتاة الامر الذي ادى الى علم والدها بالامر ما عرضها لمزيد من الاساءة الجسدية المتمثل بالضرب المبرح والحرمان فاصبحت منبوذة من قبل أسرتها لا أحد يحادثها ولا يجالسها، لتعيش حالة نفسية سيئة قادتها للهروب من المنزل والتغيب لمدة يومين قضتها عند بيت الجيران.
تكشف صبحا أن الفتاة لجأت لادارة حماية الاسرة التي حولتها بدورها الى دار الوفاق الاسري الذي قدم لها الرعاية النفسية والاجتماعية والصحية بعد ان حصلت على تقرير يفيد بتعرضها لإساءة جسدية بليغة وتم استدعاء والدها وزوجته اللذين أنكرا ما تعرضت له من سوء معاملة مما استدعى بقاءها بالدار لمدة ثلاثة شهور رفضت خلالها العودة لوالدها في الوقت الذي كانت ترغب فيه بالعودة للعيش مع والدتها رغم رفض ابيها لذلك ومحاولاتنا المستمرة لاقناعه بذلك حيث أصرت الفتاة على تحريك دعوى بناء على التقرير الطبي الذي حصلت عليه في حال رفض والدها انتقالها للعيش مع والدتها.
تضيف صبحا تم تحويل قضية مريم للحاكم الاداري الذي بدوره اعادها الى والدتها وهي ماتزال تعيش معها بعد ان حرمت من حنانها وعطفها طيلة هذه المدة، مشيرة الى انه خلال فترة وجودها بالدار تعلمت مهنة الفسيفساء التي توفرها الدار للمنتفعات كجانب من جوانب مساعدتهن باتقان مهن معينة تساعدهن بعد الخروج من الدار.
واشارت صبحا الى ان الدار دعمت مريم ووالدتها لانشاء مشروع خاص بهن في هذا المجال لتتمكن الفتاة من استعادة ثقتها بنفسها من جديد برعاية والدتها، لافتة الى ان الطلاق يحمل بطياته سلبيات كبيرة يتحملها الابناء في ظل غياب رعاية واشراف امهاتهن مما يؤدي في حالات عديدة الى تغيبهن عن المنازل هروبا مما يتعرضن اليه من سوء معاملة.الراي