هل ينتخب الواقع محمد السادس سفيرا للتجربة المغربية في عمان؟
جو 24 : كتب أنس ضمرة - وصل الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية الشقيقة، إلى عمان مساء الاربعاء في زيارة عمل رسمية إلى الأردن يجري خلالها مباحثات مع الملك عبدالله الثاني تركز على علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات.
زيارة العاهل المغربي تعيدنا الى العام الماضي، حيث شهد المغرب خطابا ملكيا تاريخيا، تنازل فيه الملك عن بعض صلاحياته للبرلمان والحكومة، وتراجع عن عدد من القرارات السابقة، في استجابة للمطالب الشعبية لاحتواء الأزمة التي شهدها المغرب آنذاك.
الزيارة تاتي في وقت يشهد فيه الاردن أزمة سياسية اقتصادية اجتماعية خانقة، خاصة بعد اعادة استنساخ الحكومة السابقة وفشل الرئيس الجديد في تجاوز الكوتا الوزارية وتوجيهات مركز القرار الامني السياسي.
اصحاب القرار في الاردن كالنعامة التي تضع رأسها بالرمل -ليس خوفا- وانما في محاولة لإيهام انفسهم بأن الامور تسير في الاتجاه الصحيح، حيث عمدت الحكومة على اعتقال نشطاء الحراك و اقرت قانون المطبوعات والنشر لتكميم الافواه وخلق رأي عام عبر صحافتهم ذات الرأي الواحد، لتجاهل ما يدور في الشارع وتصوير الأمو ر على أنها تسير وفق ما يرام، وأن كل ما تشهده البلاد هو مجرّد " زوبعة في فنجان".
المماطلة والتسويف والتجاهل للمطالب الشعبية كان لسان حال الحكومات التي تعاقبت على الربيع الأردني، في عملية تراجع ممنهج عن الوعود الإصلاحية، حيث أن إنجاز الإصلاحات المنشودة سيكشف العديد من التجاوزات التي اقترفها المستفيدون من بقاء الوضع كما هو عليه، لذلك عمدت حكومة الظل إلى تكميم الافواه متجاهلة الغضب الشعب المتزايد منذ نحو عامين.
وبعد إمعان رئيس الحكومة السابق فايز الطراونة في تطبيق توجيهات حكومة الظل، تم إجراء عملية تجميل لحكومته، عبر التغيير الوزاري الذي جاء بالنسور "رئيسا للحكومة السابقة"، للدفع باتجاه المشاركة في الانتخابات المنوي إجراؤها وفق قانون الصوت المجزوء، والذي أقرّ رئيس الحكومة الحالي د.عبدلله نسور اثناء معارضته في البرلمان بأنه قانون مجحف ولا يمكن الانتخاب بموجبه.
صورة المعارض نظيف اليد و ذو الشعبية الكبيرة.. مواصفات اعتقد صناع القرار انها كافية لتجميل الحكومة وإقناع المواطنين بالمشاركة في الانتخابات التي تشهد مقاطعة حزبية وشعبية واسعة، فعُيّن د. عبدلله نسور رئيسا للحكومة في محاولة لرفع نسب التسجيل لهذه الانتخابات، دون التراجع عن قانون الصوت المجزوء.
وهكذا، تستمر السلطة في سياسة التعامي عن الواقع، إلا أنه لن يستطيع اي من صناع القرار ضمان نتائج ما قد تؤول إليه الاوضاع نتيجة الإصرار على هذه السياسة.
عودة لزيارة الملك المغربي التي تعيد الى الاذهان كيف كان صناع القرار في المملكة الشقيقة يتسمون بالعقلانية وقراءة الواقع والحرص على الاستقرار (استقرار البلد وليس استقرار ثلة من المستفيدين من بقاء الوضع عما هو عليه)، حيث شهدت المغرب احداثا خطيرة تم استيعابها من قبل العقلاء خدمة للصالح العام..إذ لم يكن المغرب بمنأى عن الربيع العربي، فبعد انتصار الثورتين التونسية والمصرية، اجتاحت كافة انحاء الدولة تظاهرات عارمة، سبقتها 6 محاولات انتحار أشعل خلالها المحتجون النار في أجسادهم، تعبيرا عن معاناتهم من تردي الاوضاع المعيشية.
الحكومة المغربية التي كان يقودها عباس الفاسي، عمدت إلى امتصاص موجة الغضب، فتراجعت عن قرار رفع الدعم عن السلع الغذائية وتعهدت بالحفاظ على استقرار أسعارها في الأسواق، في ذات الوقت الذي اتبعت فيه سياسة تقشف صارمة فرضتها على النفقات الحكومية.
الحركة الشبابية الاحتجاجية، أو ما بات يعرف بـ "20 فبراير"، نظمت في ذلك اليوم تظاهرات واسعة في معظم المدن المغربية، حيث قدر عدد المشاركين فيها بنحو 140 الف مشارك، وقد تعاملت الاجهزة الأمنية مع هذه التظاهرات بذكاء حال دون تأزيم الموقف، حيث اكتفت عناصر الامن بمراقبة الموقف عن كثب.
الملك محمد السادس فجر مفاجأة كبيرة في التاسع من مارس 2011، حيث توجه بخطاب الى شعبه أعلن فيه عزمه إجراء تعديلات دستورية أساسية يتنازل عبرها عن الكثير من صلاحياته للبرلمان والحكومة، وشكل لجنة لتقترح هذه التعديلات ترأسها عبد اللطيف المنوني (وهو رجل قانون يحمل أفكارا يسارية). وقد حددت لهذه اللجنة فترة زمنية لم تتجاوز الثلاثة أشهر لتقديم توصياتها، ليتم بعدها إجراء استفتاء شعبي على الدستور الجديد.
سار المغرب خلال عام 2011 على إيقاع المسيرات والمظاهرات، لكن لم تكن الأمور بالبساطة التي تبدو عليها، إلا أن العقلاء من صناع القرار تمكنوا من إقناع الملك المغربي بوجهة نظرهم لاحتواء الأزمة، وليس مجرد الاكتفاء بتجميل الواقع عبر انتخابات فارغة من مضمونها، ومحاولة التعامي عن مجريات الأمور عبر اعتقال النشطاء ومصادرة حرية الصحافة المستقلة.
زيارة العاهل المغربي تعيدنا الى العام الماضي، حيث شهد المغرب خطابا ملكيا تاريخيا، تنازل فيه الملك عن بعض صلاحياته للبرلمان والحكومة، وتراجع عن عدد من القرارات السابقة، في استجابة للمطالب الشعبية لاحتواء الأزمة التي شهدها المغرب آنذاك.
الزيارة تاتي في وقت يشهد فيه الاردن أزمة سياسية اقتصادية اجتماعية خانقة، خاصة بعد اعادة استنساخ الحكومة السابقة وفشل الرئيس الجديد في تجاوز الكوتا الوزارية وتوجيهات مركز القرار الامني السياسي.
اصحاب القرار في الاردن كالنعامة التي تضع رأسها بالرمل -ليس خوفا- وانما في محاولة لإيهام انفسهم بأن الامور تسير في الاتجاه الصحيح، حيث عمدت الحكومة على اعتقال نشطاء الحراك و اقرت قانون المطبوعات والنشر لتكميم الافواه وخلق رأي عام عبر صحافتهم ذات الرأي الواحد، لتجاهل ما يدور في الشارع وتصوير الأمو ر على أنها تسير وفق ما يرام، وأن كل ما تشهده البلاد هو مجرّد " زوبعة في فنجان".
المماطلة والتسويف والتجاهل للمطالب الشعبية كان لسان حال الحكومات التي تعاقبت على الربيع الأردني، في عملية تراجع ممنهج عن الوعود الإصلاحية، حيث أن إنجاز الإصلاحات المنشودة سيكشف العديد من التجاوزات التي اقترفها المستفيدون من بقاء الوضع كما هو عليه، لذلك عمدت حكومة الظل إلى تكميم الافواه متجاهلة الغضب الشعب المتزايد منذ نحو عامين.
وبعد إمعان رئيس الحكومة السابق فايز الطراونة في تطبيق توجيهات حكومة الظل، تم إجراء عملية تجميل لحكومته، عبر التغيير الوزاري الذي جاء بالنسور "رئيسا للحكومة السابقة"، للدفع باتجاه المشاركة في الانتخابات المنوي إجراؤها وفق قانون الصوت المجزوء، والذي أقرّ رئيس الحكومة الحالي د.عبدلله نسور اثناء معارضته في البرلمان بأنه قانون مجحف ولا يمكن الانتخاب بموجبه.
صورة المعارض نظيف اليد و ذو الشعبية الكبيرة.. مواصفات اعتقد صناع القرار انها كافية لتجميل الحكومة وإقناع المواطنين بالمشاركة في الانتخابات التي تشهد مقاطعة حزبية وشعبية واسعة، فعُيّن د. عبدلله نسور رئيسا للحكومة في محاولة لرفع نسب التسجيل لهذه الانتخابات، دون التراجع عن قانون الصوت المجزوء.
وهكذا، تستمر السلطة في سياسة التعامي عن الواقع، إلا أنه لن يستطيع اي من صناع القرار ضمان نتائج ما قد تؤول إليه الاوضاع نتيجة الإصرار على هذه السياسة.
عودة لزيارة الملك المغربي التي تعيد الى الاذهان كيف كان صناع القرار في المملكة الشقيقة يتسمون بالعقلانية وقراءة الواقع والحرص على الاستقرار (استقرار البلد وليس استقرار ثلة من المستفيدين من بقاء الوضع عما هو عليه)، حيث شهدت المغرب احداثا خطيرة تم استيعابها من قبل العقلاء خدمة للصالح العام..إذ لم يكن المغرب بمنأى عن الربيع العربي، فبعد انتصار الثورتين التونسية والمصرية، اجتاحت كافة انحاء الدولة تظاهرات عارمة، سبقتها 6 محاولات انتحار أشعل خلالها المحتجون النار في أجسادهم، تعبيرا عن معاناتهم من تردي الاوضاع المعيشية.
الحكومة المغربية التي كان يقودها عباس الفاسي، عمدت إلى امتصاص موجة الغضب، فتراجعت عن قرار رفع الدعم عن السلع الغذائية وتعهدت بالحفاظ على استقرار أسعارها في الأسواق، في ذات الوقت الذي اتبعت فيه سياسة تقشف صارمة فرضتها على النفقات الحكومية.
الحركة الشبابية الاحتجاجية، أو ما بات يعرف بـ "20 فبراير"، نظمت في ذلك اليوم تظاهرات واسعة في معظم المدن المغربية، حيث قدر عدد المشاركين فيها بنحو 140 الف مشارك، وقد تعاملت الاجهزة الأمنية مع هذه التظاهرات بذكاء حال دون تأزيم الموقف، حيث اكتفت عناصر الامن بمراقبة الموقف عن كثب.
الملك محمد السادس فجر مفاجأة كبيرة في التاسع من مارس 2011، حيث توجه بخطاب الى شعبه أعلن فيه عزمه إجراء تعديلات دستورية أساسية يتنازل عبرها عن الكثير من صلاحياته للبرلمان والحكومة، وشكل لجنة لتقترح هذه التعديلات ترأسها عبد اللطيف المنوني (وهو رجل قانون يحمل أفكارا يسارية). وقد حددت لهذه اللجنة فترة زمنية لم تتجاوز الثلاثة أشهر لتقديم توصياتها، ليتم بعدها إجراء استفتاء شعبي على الدستور الجديد.
سار المغرب خلال عام 2011 على إيقاع المسيرات والمظاهرات، لكن لم تكن الأمور بالبساطة التي تبدو عليها، إلا أن العقلاء من صناع القرار تمكنوا من إقناع الملك المغربي بوجهة نظرهم لاحتواء الأزمة، وليس مجرد الاكتفاء بتجميل الواقع عبر انتخابات فارغة من مضمونها، ومحاولة التعامي عن مجريات الأمور عبر اعتقال النشطاء ومصادرة حرية الصحافة المستقلة.