ماذا لو انسحب مرشحان من قائمة تخوض الانتخابات.. تحايل أم مراعاة للقوة القاهرة؟
جو 24 :
أحمد الحراسيس - عاد الجدل حول دستورية قانون الانتخاب إلى الواجهة من جديد. في هذه المرة دار الحديث حول مدى صحة ترشّح فرد واحد للانتخابات دون قائمة كما يشترط القانون، بالاضافة لسهولة التحايل على القانون الحالي عبر استغلال الثغرة الواردة في الفقرة (د) من المادة 17.
وتنصّ الفقرة (د) من المادة 17 على أنه: "اذا قل عدد المرشحين في القائمة عن الحد الأدنى المنصوص عليه في الفقرة (ب) من المادة (9) من هذا القانون نتيجة الانسحاب او الوفاة أو فقدان أي شرط من شروط الترشح المنصوص عليها في أحكام المادة (10) من هذا القانون فتعتبر القائمة مستوفية للشروط المنصوص عليها في هذا القانون"، أي أنّ ثلاثة أشخاص يمكنهم تشكيل قائمة لخوض الانتخابات ويقوم اثنان بالانسحاب خلال الفترة المحددة لتصبح القائمة مشكّلة من شخص واحد فقط وهو ما يُناقض الأصل والأساس الذي بُنيت عليه فكرة القانون (القوائم).
واتفق الخبيران الدستوريان الدكتور محمد الحموري والمحامي يونس عرب على أن نظام القوائم بحدّ ذاته مخالفة دستورية، على اعتبار أنه يحرم المواطن من حقّ أصيل متمثل بـ"حرية الترشح وحرية الانتخاب"، وهو ما يمكن الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية في أي وقت..
الحموري: باب للتحايل
الخبير والفقيه الدستوري، الدكتور محمد الحموري، أكد من جانبه على أن عدة مخالفات وثغرات قانونية ودستورية تضمنها القانون، حيث أن الفقرة (ب) من المادة 9 والتي تنصّ على أنه: "مع مراعاة احكام البند (2) من الفقرة (د) من هذه المادة ، يجب ان تضم القائمة عدداً من المرشحين لا يقل عن ثلاثة ولا يتجاوز عدد المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية" قد سلبت المواطن الفرد حقّا أصيلا كفله الدستور وهو حقّ الترشح.
وأوضح الحموري ذلك بالقول "ان القانون اشترط تكون القائمة من ثلاثة مرشحين على الأقل، لكن، ماذا إذا لم يقبل المرشحون وجود أحد الأفراد في قوائمهم؟! القانون سلبه حقّه وأجبره على تكوين قائمة لخوض الانتخابات"
ولفت الحموري في ذات السياق إلى فقرة قال إنها تفتح الباب أمام الاحتيال على القانون وتضرب الأساس الذي قام عليه "القوائم"، حيث أن الفقرة (د) من المادة 17 تنصّ على أنه: "اذا قل عدد المرشحين في القائمة عن الحد الأدنى المنصوص عليه في الفقرة (ب) من المادة (9) من هذا القانون نتيجة الانسحاب او الوفاة أو فقدان أي شرط من شروط الترشح المنصوص عليها في أحكام المادة (10) من هذا القانون فتعتبر القائمة مستوفية للشروط المنصوص عليها في هذا القانون"؛ أي أن القانون منع الترشح للانتخابات إلا عبر قائمة كاملة -من 3 أفراد على الأقل- وسمح لفرد واحد بالمنافسة على المقعد دون وجود قائمة وهذا تضارب واضح.
عرب: قانون مليء بالمخالفات
واتفق الخبير القانوني والدستوري المحامي يونس عرب مع الدكتور الحموري بكون نظام القوائم بحدّ ذاته هو مخالفة دستورية، وأن "كل ما يتعلق بالتعامل بالقوائم يتعارض مع مبدأ دستوري اساسي وهو حرية الترشح وحرية الانتخاب".
وأكد عرب لـجو24 على أن "ما يحدث هو قيد على الترشح وقيد على حرية الناخب في الاختيار"، مذكّرا في ذات السياق بقرارات اتخذتها المحكمة الدستورية المصرية على مدار 30 عاما قضتها في بحث ومناقشة جميع قوانين الانتخاب، حيث أكدت في كلّ قراراتها على "حرية الترشح وحرية الانتخاب".
وشدد عرب على ضرورة أن يتم الطعن بعدم دستورية عدد من مواد قانون الانتخاب الجديد في أول فرصة وخاصة تلك المتعلقة بالقوائم والترشيح، مشيرا في ذات السياق إلى اعتقاده أن "القانونيين في مجلس النواب ربما فُرض عليهم القانون أكثر من كونهم حصلوا على فرصة للتفكير به، حيث أنه مليء بالمخالفات الدستورية".
وحول جدلية منع الأشخاص من الترشح أفرادا وعدم سقوط القوائم بعد انسحاب جميع مرشحيها عدا واحدا، قال عرب إن "الأصل هو عدم دستورية القوائم، وما بعد ذلك تبقى تفصيلات، والأساس هو خرق حرية الانتخاب والترشح التي يمكن اثباتها بعد الاستفادة والاستنارة بقرارات المحكمة الدستورية في مصر".
وأضاف عرب: "إنه وعلى فرض أن المحكمة قضت بدستورية القانون، فإن القائمة في حال انسحاب اثنين من أعضائها الثلاثة فهي تبقى قائمة ومتخذة صفة القائمة حتى لو انفرد بعضويتها شخص واحد، ولكن على أن لا تنشأ كذلك".
وأكد عرب على أن القائمة إذا نشأت بشكل صحيح، وحدثت انسحابات لاحقة وبقي شخص واحد "فإن الأصل أن القائمة نشأت صحيحة ويمكن خوض الانتخابات على أساسها"، ولفت عرب في هذا السياق إلى أن القضاء يعتبر أي حكم صادر عن "هيئة" رغم أنه قد يكون صادرا عن قاضٍ واحد "فالأصل أنها نشأت هيئة محكمة كاملة واتخذت تلك الصفة".
وأشار عرب إلى أن رأيه هذا قائم على "اطار تفسيري يستند إلى اصول التفسير التي تنص على أنه إذا نشأ الاجراء سليما مشروعا اكتسب الصفة المقررة بالقانون، وأن الصفة لا تنتقص ولا تسقط عند اي تعديل لاحق إلا اذا نص القانون على ذلك، وقانون الانتخاب لم ينصّ على بطلان القائمة في حال انسحب المرشحون إلا واحدا".
وجدد عرب تأكيده على أن مبدأ القوائم في قانون الانتخاب هو مخالفة دستورية واحدة تسلب مواطنين حقهم في حرية الترشح والانتخاب.
الكلالدة والقوة القاهرة
ومن جانبه، أكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور خالد الكلالدة على أن جميع شروط وقوانين الانتخاب لا بدّ أن تراعي "شيء اسمه القوة القاهرة"، حيث أن العدالة تقتضي عدم حرمان شخص من الترشح بسبب ظروف خارجة عن ارادته "مثل فقدان أحد المرشحين على قائمته الأهلية أو الانسحاب".
وأوضح الكلالدة لـجو24 إنه يمكن لثلاثة أشخاص الترشح ضمن قائمة واحدة كما فرض القانون، ولا تسقط القائمة بخروج اثنين منها "لأننا لا يمكن أن نحمّل أحد المتواجدين في القائمة وزر اخر في ذات القائمة فقد أهليته أو قرر الانسحاب لظروف خاصة، فهذا يفتح الباب أمام المؤامرات".
وشدد الكلالدة على ضرورة أن يدرس المرشحون شركاءهم في القوائم والتحالفات التي يعقدوها، وأن يراعي المرشحون في اختياراتهم لشركائهم أخلاقهم والمواثيق والعهود.
وحول الجدل الدائر حول دستورية القوائم وأنها تسلب الأفراد حرية الترشح والانتخاب، لفت الكلالدة إلى وجود رأي دستوري يقول أن "الانتخاب المباشر يعني عدم توكيل اخرين بالاختيار بدلا عنهم".