المناظرة الحاسمة: تفوق أوباما ولكن!
د. حسن البراري - اظهرت استطلاعات الرأي تفوق باراك اوباما على المرشح الجمهوري مت رومني في المناظرة الثالثة والاخيرة التي جرت بينهما فجر اليوم في ولاية فلوريدا. وقد طغت المواضيع المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن القومي على المناظرة الثالثة والأخيرة بين الرئيس باراك اوباما ومت رومني، ففي المناظرة سعى كل من المتناظرين كسب تأييد الأصوات المتأرجحة (swing voters) في عدد قليل من الولايات التي سيكون للاصوات المتأرجحة أثر كبير في تحديد هوية من سيكون الرئيس القادم.
أهمية المناظرة الاخيرة انها جاءت في وقت تقلص الفارق بين المرشحين مع أن اوباما ما زال متصدرا السباق، وقد تركزت المناظرة على قضايا السياسة الخارجية ما يعني انها اعطت صورة نهائية لدى غالبية الناخبين عن الشخصية التي تصلح لأن تقود الولايات المتحدة في الأربع سنوات القادمة. بطبعية الحال سيكون الاقتصاد العامل الاهم في تحديد سلوك الناخب الاميركي ومن ثم تأتي القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية. وفي المناظرة ظهرت خلافات جوهرية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ومع ذلك برز الموضوع الاقتصادي. وحاول رومني التأكيد على ان الاقتصاد هو موضوع امن وطني وهو ما ادى الى تراجع نسبي في مكانة الولايات المتحدة في العالم، وقد قدم برنامجه المرتكز على خمس نقاط للنهوض بالاقتصاد ما دفع اوباما على التركيز على موضوع التعليم والاعمال الصغيرة وهما نقطتا ضعف رمني عندما كان حاكما لولاية ماساتشوستس.
وفي كثير من نقاط المناظرة كان أباوما يدافع عن سجلة بوصفه قائدا اعلى، وقد اكد على حقيقية ان الشعب الاميركي اصبح اكثر امنا تحت قيادته، فهو من قتل اسامة بن لادن وتعهد بالحفاظ على التفوق العسكري الاميركي غير انه لم يخف حاجة اميركا لاعادة البناء بعد عقد من الحرب. بالمقابل لا يوجد هناك اي سجل لمت رومني في السياسة الخارجية ليدافع عنه او حتى ليبني عليه. وبالتالي جاء تركيز اوباما على سجله ليظهر للناخب ميزة انه الرئيس وليس فقط مرشح. وكان لكلام اوباما عن حاجة العالم لاميركا قوية اثر كبير في التأكيد على مؤهلاته كرئيس وليس كمرشح وهي نقطة افتقدها مت رومني. انتقادات رومني بأن قيادة اوباما جعلت من الولايات المتحدة اقل احتراما وأقل قوة لم تصمد اما رد الرئيس اوباما الذي استغل ضعف خبرة رومني بالسياسة الخارجية ومعرفة بعناصر القوة المتغيرة نتيجة للتطورات التكنولوجية واستعرض عضلاته امام الناخبين في تلقين رومني درسا عن البحرية الاميركية.
وعبر رومني عن رؤيته لمعالجة التحدي الناتج عن التطرف بالعالم الاسلامي والذي يحتاج- كما يقول رومني- الى تعليم وتقليص الفوارق الجندرية وتنمية اقتصادية ومؤسسية ومع ذلك فقد عجز عن وصف اي طريقة تختلف عما يقوم به الرئيس أوباما. وفي هذا السياق احرج أوباما متحديه بالقول ان الولايات المتحدة تحتاج لاسلوب قيادة قوي في الشرق الاوسط وليس لقيادة متهورة وخاطئة. وانتقد اوباما بشده المرشح الجمهوري الذي يريد خفض الضرائب وزيادة الانفاق العسكري على اعتبار ان ذلك سيفضي الى عجز اضافي بالموازنة الاميركية.
بالمحصلة النهائية تمكن الرئيس اوباما من وضع منافسه في موقف الدفاع لمدة تسعين دقيقة وهو امر انعكس على موقف المحللين على شبكات التلفزة الاميركية وفي الاستطلاعات التي اعطت تفوقا واضحا للرئيس اوباما قبل اسبوعين من اجرء الانتخابات. وحتى المحللين الجمهوريين على شبكة سي ان ان امثال الكس كاستلانوز اعترفوا بتفوق اوباما. واظهر استطلاع ال سي ان ان تفوق اوباما بالمناظرة بنسبة 48% مقابل 40% لمت رومني. فمت رومني اخفق في التشكيك بقدرات الرئيس في السياسة الخارجية لا سيما ورومني نفسه يفتقد لأي خبره في هذا المجال، والمتابع للمناظرة يلحظ أن رومني انتهي بالموافقة على سياسة اوباما في السياسة الخارجية ابتداء من ايران وليس انتهاء بسوريا وهو ما منح الرئيس الافضلية في وقت كان على رومني ان يقدم رؤيا بديلة حتى يحرج الرئيس.
صحيح أن أوباما فاز بالمناظرة لكن يختلف المراقبون على اهمية نتيجة المناظرة على النتيجة العامة للانتخابات، فالشارع الاميركي يولي الاقتصاد وقضايا داخلية مثل الرعاية الصحية اهمية قصوى وتتراجع قضايا الامن القومي والسياسة الخارجية لا سيما وأن اميركا ليست بحالة حرب كما كان ابان عهد الرئيس بوش الإبن. وكان لمحاولة اوباما اظهار رومني كشخص متهور ومتحمس للحرب أثر كبير في دفع رمني الى الظهور بمظهر المتحفظ ما يعني انه انتهى مؤيدا لمواقف وخطوات الرئيس أوباما في موضوعي سوريا والملف النووي. ومع ذلك أفاد 24% بأنهم سيصوتون لأوباما مقابل 25% افادوا بأنهم سيصوتون لصالح مت رومني في حين افاد 50% بأنهم لا يفضلوا الاثنين. بكلمة، ما زال اوباما متقدما في الاستطلاعات العامة وإن بفارق قليل جدا ما يعني أن الاسبوعين القادمين سيحسما موقف عدد كبير من الاصوات المتأرجحة وبالتالي هوية الرئيس الجديد.
المعركة الان تدور رحاها على ولايات متأرجحة وهنا نشير الى أهايو وفرجينيا وفلوريدا. فأوباما يتقدم بولاية أهايو الصعبة في حين يتقدم رومني بولاية فلوريدا بينما المنافسة محتدمة ومتعادلة نوعا ما بولاية فرجينيا.