اربد: اطفال دور الرعاية.. عيون تتطلع خارج السور بحثا عن حياة آمنة
جو 24 :
*حضانة الجدة من طرف الام طريق اسهل لاختصار معاناة الطفلة
ياسر شطناوي - لم تدرك الطفلة (ر.ش) التي لا يزيد عمرها عن العشرة اعوام ان اثار انفصال والديها قبل تسع سنوات ستبقى جاثمة على صدرها طيلة تلك الفترة، حتى انتهى بها الأمر في نهاية المطاف الى ان تودع احدى دور الرعاية بمحافظة اربد تشارك عشرات الفتيات ممن هن بعمرها واقل آلام الضرب والشتائم التي تلقتها من زوجة ابيها، بعد احتدام الصراع بين والديها على حق الحضانة القانوني.
ولم تلتفت الجهات المعنية الى حجم المأساة الكبيرة التي تعانيها هذه الطفلة التي نتحفظ على ذكر اسمها وهي خلف قضبان الدار، وانقطاعها عن دراستها لاكثر من 18 يوما وتهديدها بالانتحار اكثر من مره اذا بقيت تحت رحمة زوجة والدها..!
تفاصيل القضية تدور ان والدي الطفلة (ر.ش) انفصلا وهي بعمر العام، وانتقل قرارالحضانة الى الجدة من طرف الام وفقا لاحكام القانون الى ان بلغ عمر الطفلة عشرة سنوات ومطالبة والدها بالحضانة.
الرواية التي وصلت لجو24 تبين ان الطفلة عانت الامرين من سوء المعاملة التي كانت تتلقاها من زوجة ابيها، وتهديد الطفلة بالضرب والشتائم اذا تحدثت لمركز حماية الاسرة عن معاملتها خلال الجولات التي كانت تقوم بها الادارة.
وتبين الرواية ان شدة سوء المعالمة اجبرت الطفلة على الهروب لمركز حماية الاسرة في اربد بعد ان تعرضت للضرب المبرح من زوجة ابيها بموافقة والدها، الى ان تم ايداعها باحد مراكز الايواء التابعة لادارة حماية الاسرة لحين اطلاع محافظ اربد على القضية.
الرواية تبين ان مسار القضية اخذ بالتصاعد اكثر بعد ان قرر مركز حماية الاسرة اخيرا ايداع الطفلة لدى والدها لكن الرفض والبكاء من الطفلة اجبر نائب المحافظ الى ايداع الطفلة لدى المركز الامني لحين البت في القضية من قبل القاضي الشرعي.
وتولدت قناعة لدى الجهات المعنية بانه من الصعوبه ان تعيش الطفلة مع والدها وزوجته ولاباي شكل من الاشكال خاصة بعد الضرب المبرح اللذي كانت تتلقاه من زوجة الاب. كما أن والدتها أيضا متزوجة من اخر، وكذلك جدتها متزوجة من اخر غير والد طليقته.
القضاء الشرعي اصدر قراره وقال ان خطرا كبيرا يواجه الطفلة وان تهديدها بقتل نفسها اكثر من مرة يبين مدى صعوبة الحالة النفسية التي تعانيها الطفلة ، فجاء قرار نقلها الى احد مراكز الرعاية الاسرية التابع لوزارة التنمية الاجتماعية.
بعد انقضاء اكثر من اسبوعين على انقطاع الطفلة عن دراستها تحولت القضية الى ادارة حماية الاسرة التابعة لمديرية الامن العام والتي اكدت لجو24 ان الخلافات العائلية اجبرت الطفلة على التهديد بالانتحار مما حدى بمحافظ اربد الى اطلاع القاضي الشرعي على القضية لاتخاذ الاجراء اللازم.
الادارة من خلال فرعها في اربد قامت بدورها التنفيذي في ايداع الطفلة لدى احدى دور الرعاية في المحافظة طبقا لقرار القاضي.
في نهاية المطاف مازالت الطفلة تقبع الى الان في دار الرعاية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية التي عملت على احتضان الطفلة وحمايتها مثل غيرها من الاطفال المعنفين و الاحداث، والعمل على ابعادها الخطر الذي يترصد لها داخل جدارن بيت والدها.
المتحدث باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط اكد لجو24 ان دور الوزارة ياتي استكمالا لقرار القضاء وادارة حماية الاسرة في احتضان ورعاية الاطفال الذين يعانون من سوء المعاملة من قبل ذويهم .
وشدد على ان دور الرعاية التابعة للوزارة تعمل على توفير كل سبل العناية بالاطفال من التعليم والصحة والماكل والمبيت بشكل مجاني لحين زوال اي خطر على الطفل ليتم اتخاذ الاجراء اللازم بعد ذلك بقرار قضائي حول احقية الحضانة.
تدهور نفسي كبير اصاب الطفلة ، وخلق عندها خوف ورهبة شديدة من مخالطة الناس بعد الضرب والشتائم المتتالية التي كانت تتلقاها من زوجة والدها، وها قد غدت الطفلة الان في دار الرعاية بين عشرات الاطفال المعنفين تبحث عن عاطفة الام التي فقدتها ورآفة الاب التي سرقت منها .
اخيرا يجدر السؤال هنا لما لم تتخذ الجهات المعنية قرارها بعودة الطفلة الى كنف جدتها من امها التي رعتها منذ ان كانت بعمر العام دون ان تذوق مرارة التشرد في دور الرعاية ومكاتب حماية الاسرة ؟ فحضانة الجدة مسموحة قانونا وان زوجها محرما على الفتاة تحريما شرعيا ،فما كان المانع في ذلك ؟
عودة الطفلة الى جدتها كان هو القرار الاسهل لاختصار ايام المعاناة ،وهو الحل الامثل لبث روح الامل مجددا لدى الطفلة حتى تعود ترتسم على شفاهها الابتسامة البريئة بعيدا عن قهر زوجة الام وقضبان دار الرعاية