الخيارات الحكومية البائسة لخفض المديونية ..هل من مخرج غير الزحف على جيب المواطن؟
كتبت اسراء صالح - صرح وزير المالية الأردني عمر ملحس أن صندوق النقد الدولي اشترط على الأردن تخفيض الدين العام من 93% إلى 80% في غضون ستة أشهر أي مع نهاية العام الجاري, وهو أمر غير منطقي على الإطلاق في ظل التدهور الاقتصادي الذي تعيشه الأردن حاليا وتراجع الاستثمارات الأجنبية وتحويلات الأردنيين بالخارج وتراجع القطاع السياحي والركود العام بالأسواق التجارية.
وكانت وزارة المالية أعلنت عبر نشرتها المالية لشهر كانون ثاني الماضي أن صافي الدين العام ارتفع نهاية شهر كانون ثاني من العام الحالي بنسبة 0.17 % عن نفس الفترة من العام 2015. ووصل اجمالي الدين العام 93.6% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 93.4% في نهاية عام 2015.
وعلى الصعيد النظري حتى تستجيب الحكومة لشروط النقد الدولي فعليها الاعتماد على أحد العوامل التالية:
أولا: المساعدات الخارجية والتي تراجعت بشكل كبير في الفترة الأخيرة وتشير الأوضاع إلى أن هذا التراجع سيستمر لأجل غير مسمى حيث لا توجد مؤشرات لأي مساعدات خارجية في الفترة القادمة خاصة من المنطقة الخليجية
ثانيا: الاقتراض من صندوق النقد الدولي وهو أمر غير وارد أيضا فليس معقولا أن الدولة تقترض في الوقت الذي تحاول فيه تخفيض الدين العام لها.
ثالثا: الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية التي تراجعت بدورها في ظل التدهور الاقتصادي العام للبلاد ونتيجة للسياسات التي تنتهجها الحكومة والتشريعات غير المحفزة لأي مستثمر أجنبي حقيقي, والمستثمر الحقيقي هنا يقصد به المستثمر الذي ينفذ مشاريعا تضخ أموالا داخل الدولة وتوفر فرص عمل للأفراد وليس المستثمر الذي يأتي للاقتراض من البنوك الأردنية لإنشاء مشاريعه وتحقيق ربحا خاصا داخل الأردن يخرج به فيما بعد اذا تحققت هذه الارباح ولم يتبين انه مشروع وهمي ومغامرة يقصد منها الربح السريع لا اكثر ولا اقل .
أما رابعا: وهو ما يتضح أن الدولة تتوجه نحوه بشكل عملي هو اللجوء إلى جيب الشعب من خلال رفع الدعم عن السلع الأساسية للمواطن وزيادة الرسوم والضرائب على الأنشطة التجارية التي بدورها تشهد كسادا وركودا عاما بالأسواق نتيجة كل ما سبق.
ما يحدث حاليا هو أن الحكومة أصبحت تتفنن وتبدع في الطرق التي تستطيع بها ما يمكن وصفه بلم القليل والكثير من المواطنين حتى أنها دخلت في الأمور التي كانت مستقرة منذ سنوات مثل رسوم تراخيص السيارات وتجديد رخصة القيادة ومضاعفة مخالفات السير وأمورا مثل ذلك لم يتوقع أنها قد تحدث فرقا هائلا في الموازنة كالذي تحتاجه البلاد في الوقت الحالي.
لذا ما يتوجب على الحكومة القيام به حاليا هو تبني سياسة اقتصادية حكيمة للخروج من الأزمة بدلا من تلك التصريحات عن امكانية تحقيق الهدف والاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي دون توضيح برنامج اقتصادي حقيقي بخطوات فعلية نحو الخروج من الأزمة, والكف عن الحديث عن رفع الدعم وارتفاع الأسعار والأمور التي تستفز المواطن ولا تعكس له إلا الفشل والغباء السياسي والاقتصادي .
بالإضافة إلى ضرورة وضع خطة استراتيجية للسياسات الأردنية الخارجية مع دول الخليج العربي كما يجب تبني سياسات وتشريعات جديدة تعمل على جذب المستثمر الأجنبي للأردن وإنعاش القطاع السياحي الذي تراجع بشكل كبير.
وأخيرا يجب الحد من النفقات الرسمية للحكومة حتى تحقق بعضا من التوازن المطلوب بدلا من الزحف على جيوب المواطنين كخيار استراتيجي وحيد لا تتقن غيره .