معلومات غريبة عن كائن من خلية واحدة ومن دون خلايا عصبية.. ماذا يستطيع أن يفعل؟
اظهرت دراسة انجسما مؤلفا من خلية واحدة ولا يملك اي خلايا عصبية قادر على اكتساب المعلومات من تجاربه للتغذي من دون التعرض للخطر.
وقال رومان بواسو الباحث في علوم الاحياء واحد معدي هذه الدراسة المنشورة اليوم، في مجلة الجمعية البريطانية الملكية للعلوم: "انها المرة الاولى التي يثبت فيها ان جسما مؤلفا من خلية واحدة قادر على التعلم".
واضافت زمليته اودري دوسوتور الباحثة في جامعة تولوز الفرنسية: "هذا الامر يثبت ان التعلم لا يتطلب بالضرورة وجود جهاز عصبي".
والجسم الحي الذي تناولته الدراسة يسميه العلماء "فيساروم بوليسيفالوم"، وهو يشبه الفطر الاصفر ولكنه ليس من الفطريات، ويعيش في غابات المناطق المعتدلة.
وظهر هذا الكائن الحي على سطح الارض قبل 500 مليون سنة من ظهور الانسان، وعاش لوقت طويل الى جانب النبات والفطريات والحيوانات.
وهو يتكون من خلية واحدة، ولكن من الاف او ملايين النوى، ويمكنه ان يغطي مساحة بضعة امتار مربعة بفضل زوائده.
ويمكنه ان يتحرك بسرعة خمسة سنتيمترات في الساعة بحثا عن الغذاء، وهو يقتات اجمالا على البكتيريا والفطريات، لكنه يأكل الشوفان ايضا.
على مدى تسعة ايام، وضع العلماء مجموعات من هذه الكائنات امام "جسور" من مواد ذات مرارة ولكن غير ضارة، يتعين عليها اجتيازها للوصول الى الغذاء.
فقد وضع امام المجموعة الاولى جسر من نبات الكينا، وامام الثانية جسر من الكافيين، وامام الثالثة جسر يخلو من اي مادة.
في بداية الاختبار، اظهرت هذه الكائنات ترددا في عبور جسري الكينا والكافيين، ثم تقدمت بعد ذلك مقلصة احتكاكها مع المادة التي تبدو اول الامر انها ضارة، واستغرق الامر ساعات عدة قبل الوصول الى الطعام.
لكن مع مرور الايام، تعلمت هذه الكائنات ان المواد التي تجتازها ليست ضارة، فصارت تجتازها اسرع، وصولا الى اجتيازها بالسرعة نفسها التي اجتازت فيها المجموعة الثالثة الجسر الخالي من اي مادة.
ويسمي العلماء هذه الظاهرة "التأقلم"، وهو "مسار تعلمي بسيط يقضي بالاعتياد على ظاهرة تصادف كثيرا"، فقا لاودري دوسوتور.
فحين يتعرض احد لنفخ هواء في اذنه، يغمض عينيه. لكن ان تكرر الامر سيكف عن اغماض عينيه لانه سيفهم ان لا خطر على العينين من ذلك.
ويلي ظاهرة التأقلم ظاهرة اخرى هي النسيان.
فحين نزعت المادة ذات المرارة من امام المجموعتين مدة يومين، عادت الكائنات الى سلوكها الاول في التعامل بحذر معها ان ظهرت مجددا.
وتبين ايضا ان المجموعة التي اعتادت على الكينا ظلت حذرة في حركتها مع الكافيين، والعكس.
ومسار التعلم هذا المعروف لدى كل الحيوانات، لم يسبق ان رصد لدى كائن ذي خلية واحدة.
وتفتح هذه الدراسة باب الاسئلة حول قدرة كائنات اخرى ابسط من حيث التكوين على التعلم.
وتقول اودري: "اظن ان التأقلم موجود ايضا لدى البكتيريا، لكن ينبغي اثبات ذلك".
وهي ليست المرة الاولى التي تخضع فيها كائنات "فيساروم بوليسيفالوم" لهذا النوع من التجارب، ففي السنوات الماضية اظهرت هذه الاجسام انها تستطيع اختيار الطريق الامثل داخل متاهة للوصول الى الغذاء.