القطامين مهنئا العمال : هنيئا لقمحكِم لخبزِكم لملحِكم،هنيئا للشهيقِ وللزفيرِ وللرمقِ الأول والأخيرْ
جو 24 :
مندوبا عن رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، رعى وزير العمل الدكتور نضال القطامين الاحتفال الذي نظمه الاتحاد العام لنقابات العمال في المركز الثقافي الملكي اليوم الاحد احتفاء بعيد العمال العالمي.
وتاليا نص كلمة وزير العمل :
بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمْ، والصلاةُ والسلامُ على إمامِ الهدى ونبيِّ الرحمةِ محمدٍ عليه أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم،
أصحابَ المعالي والعطوفةِ والسعادةْ،
السيداتِ والسادةْ،
الحضورَ الكرام،
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته...
يقولُ الله تعالى في كتابهِ العزيزْ (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).
صدق الله العظيم
واستهل والسلام على الملك القرشي عبد الله الثاني بن الحسين، مُسرج خيل العروبة بأخلاق الفرسان، وجابر عثرات الكرام وقد كثرت، الحامل في إهابه الأخلاق الهاشمية، الفاتح بيوته للناس شرفاً ومروءة، الباسط كفّيه للعروبة قولا وفعلا، وللأردنيين حنان الأب وشهامة الأخ، المنافح عن الدين وقد اعتلى خيله الخوارج، القائل في ملندن وقد اجتمع العالم أن ما نبديه من كرم تجاه ضيوفنا هو ترجمة لقيمنا الأردنية الأصيلة....
السلام عليه وعلى الحسينين وعلى عبد الله الأولُّ ، قامات الأمة الباسقة، وقراميها العتيقة، وعلى الشهداء الذين ارتقوا كرما وشجاعة، وعليكم أيّها البناة الذين وضعتم بصمةً في تاريخ العالم، وهنا، في الوطن الذي بناه الهاشميون على قواعد العدل والمساوة السمحة، وعلى الشروط التي نهضت بها الثورة الكبرى، حين أنضجتم التجربة تماما، فبات واضحا أن العمل قيمة استثنائية في منظومة قيم العدل والمساواة والمجد، وهو قيمة إنسانية تاريخية، بقيت على مر التاريخ، تنهض بالبناء وبصناعة الحضارة.
في الأول من أيار، والأول من كل يوم، ينهمك العامل في أبجديته الأولى، حيث يرسم بمعوله حروف النهضة والمجد، حيث يفسح لنا طريق الحياة ويكدح، وحيث يلقي علينا قصيدته الأولى، وحكمته الأولى ويشرعُ في صناعة الحياة بنكهة الوطن.
يأتي الأولُّ من أيّار لهذا العام
ليس كباقي أعيادِ العمالِ التي مرت خلالَ السنواتِ الماضيةِ على وطننِا العزيزْ، فمنذُ منتصفِ القرنِ التاسعِ عشرْ ثمّةَ قصةُ تحولٍ في الوعيِ العربيِّ والقوميِّ بدأتْ تتنامى، وكان للحركاتِ العماليةِ والعمالِ الذين نحتفلُ اليومَ بعيدِهم، الفضلُ في إرهاصاتِها الأولى، حين سارتْ قوافلُ الشغلِ والتجارةِ تمخرُ عُبابَ المياهِ الأوروبيةِ وترقبُ بعينِ اللهفةِ توقَ الشعوبِ الأجنبيةِ إلى التحرر، وكانَ يلتقطُ السيارةُ أفكارَ الانعتاقِ من نيرِ الاستعمارِ الخارجي.
ولم تجدْ أمةُ العربِ أيها الكرامُ بداً، بعد أن تبلورتْ لديها الإرادةُ الصلبةُ، وضربت بعصاها الأرضَ فانفلقت منها يرعةُ الاستقلالِ، إلاَّ أن تبحثَ عن القويِّ الأمينِ القادرِ على صونِ رسالتِها الخالدةْ، والذودِ عن حياضِها، وقيادةِ ثورتِها العربيةِ الكبرى ضدَّ الحكمِ العضودِ والسنينَ العجافْ، ولم يلبثوا طويلاً حتى أعطوا البيعةَ في المغنمِ والمغرمِ لسلالةِ الشرفِ العظيمِ المتحدرةِ من نسلِ الرسولِ المصطفى محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمْ.
فهنيئاً لكم يا عمالَ الأردنِّ عيدَكم الذي جاءَ هذا العام بطعمِ مئويةِ الثورةِ العربيةِ الكبرى، هنيئاً لمبادئكِم المستوحاةِ من فقهِ هذه الثورةِ وسواعدِها المتينةِ، وإرادتِها الصلبةِ، وعشقِها وولائِها للهاشميين آل بيتِ النبوةْ.
هنيئا لقمحكِم لخبزِكم لملحِكم،هنيئا للشهيقِ وللزفيرِ وللرمقِ الأول والأخيرْ،وللعرقِ يسيلُ على جباهِكم السمراءّ ذاتَ صيفٍ قائظْ، فيصنعُ التاريخَ ويكتبُ المجدَ،ويعيدُ صياغةَ الأشياءِ، ويرسمُ الفرحَ، ويملأُ الطريقَ إلى النهضةِ بالعلمِ والعملِ والمحبةِ والوسطيةِ والمنهجِ القويمْ.
يا أيها الممسكونَ بمعاولِ المجدْ، يا بناةَ الأوطانِ ودعاةَ الاستقرارِ والأمنِ والأمانِ، يا من كنتم على الدوامِ وما زلتم محطَّ ثقةِ ومحبةِ سيدِ البلاد، جلالةِ الملكِ عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظهُ اللهُ ورعاهْ، فلا يكادُ يخلو خطابٌ أو توجيهاتٌ ساميةٌ إلا واستوصى بكم خيراً، وأمرَ بتحسينِ ظروفِكم المعيشيةِ على الوجهِ اللائق بالأردنَّ الأنموذجْ، الأردنِّ الذي ارتضاهُ صاحبُ الجلالةِ قبلةً للتعايشِ ومحجاً للسلامِ، ومثالاً يحتذى على مستوى المنطقةِ والعالمْ.
أصحابَ المعالي والعطوفةِ والسعادةْ،
الحضورَ الكرام،
إن التحدياتِ التي واجهَهَا سوقُ العملِ خلالَ السنواتِ الماضيةِ، تنوءُ بها كبرياتُ الاقتصاداتِ العالميةِ فما بالكَ ببلدٍ محدودِ المواردِ، فتحَ أبوابَه للهجراتِ القسريةِ من دولِ الجوارْ، وعانى من تداعياتِ الظروفِ السياسيةِ والأمنيةِ التي تحيطُ بنا، فأمستْ فرصُ العملِ التي تولدُها مختلفُ القطاعاتِ لا تكفي للأفواجِ السنويةِ من الخريجينَ الجددْ، والذين يتخصصُ معظمُهم في مجالاتٍ لا يحتاجُها سوقُ العملِ، جراءَ غيابِ المواءمةِ المفترضةِ بين احتياجاتِ هذه السوق ومخرجاتِ التعليم.
أضفْ إلى ذلكَ ملفَّ العمالِة الوافدةِ الذي أُتخمَ على مدى سنواتٍ طوالٍ بأعدادٍ كبيرةٍ من الوافدينَ المخالفينَ لقوانينَ العملِ النافذةِ، جراءَ غيابِ الخططِ الاستراتيجيةِ اللازمةِ لإحداثِ الموازناتِ المفترضةِ بين حاجةِ القطاعِ الخاصِّ إلى هذه العمالةِ وواجباتِه الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ تجاه أعدادِ الأردنيينَ المصطفِّينَ منذ سنينَ طوالٍ على قوائمِ الانتظارِ والبطالةِ ولا يجدُ بعضُهم قوتَ يومِه.
من هنا وجدنا أنفسَنا مضطرين لخوضِ المهمةِ شبه المستحيلةِ، وإيجادِ الحلولِ لسلسةٍ من التناقضاتِ والمتضاداتِ التي خلَّفَها الواقعُ المذكورْ، فأطلَعنا القطاعين العامَ والخاصَ على دقائقِ الأمورِ، ثم استطعنا بالشراكةِ الفعليةِ معهما أن نخططَ وننفذَ منهجياتٍ غيرِ مسبوقةٍ، من شأنها الحدُّ من الآثارِ السلبيةِ المشارِ إليها، بحيثُ ترتبطُ هذه الخططُ ببعضِها البعضُ ارتباطاً عضوياً وفق أعلى درجاتِ التنسيقِ والمتابعةْ، فاتفقنا مع شركائِنا في القطاعِ الخاص، على تثبيتِ نسبةٍ معينةٍ للعمالةِ الوافدةِ كلٌ حسبَ الاحتياجاتِ الفعليةِ لقطاعه، ولا يُسمحُ له بتجاوزِها، على أن نسمحَ لأشقائِنا السوريينَ بالمنافسةِ ضمن هذه النسبةِ المخصصةِ للعمالةِ الوافدةِ فقط، في إطارِ الجهودِ المبذولةِ للتعاملِ مع أزمتِهم الإنسانيةِ، مع الحفاظِ على حقِّ المواطنِ الأردنيِّ في وجودِ فرصةِ عملٍ لائقةْ.
وتزامنَ ذلكَ مع حملاتٍ مكثفةٍ للتفتيشِ على العمالةِ الوافدةِ المخالفةِ لقوانينَ العملِ، فيما كانت فرقُ التشغيلِ تنشطُ ضمنَ كافةِ قرى ومحافظاتِ المملكةِ لا سيما النائيةَ والفقيرةَ منها، لإقامةِ حملاتِ ومعارضِ التشغيلِ، مع ما تحتاجهُ من دعمٍ لوجستيٍ وماديٍ، فضلاً عن مشاريعِ الفروعِ الإنتاجيةِ التي افتتحتها وزارةُ العملِ في المحافظاتِ والمناطقِ النائيةْ واستطعنا من خلالِها تشغيلَ أكثرَ من 3400 متعطلٍ عن العملِ، معظمُهم من الإناثْ، وسيصارُ قريباً إلى زيادةِ طاقةِ هذه المصانعِ لتتجاوزَ أعدادُ المشتغلين فيها حاجزَ الأربعةِ آلافِ شخصْ.
السيداتِ والسادة،
الحضورَ الكرام،
ولم نكتفِ بتشكيلِ اللجانِ وعقدِ الاجتماعاتِ اللازمةِ مع المعنيينَ في عملياتِ المواءمةِ بين مخرجاتِ التعليمِ واحتياجاتِ سوقِ العمل، بل قمُنا بمعالجةِ الواقعِ القائمِ كما هو، عبرَ برامجَ إعادةِ تأهيلِ الخريجينَ المدرجينَ ضمنَ قوائمَ انتظارِ ديوانِ الخدمةِ المدنية، في مجالاتٍ يحتاجهُا سوقُ العملْ، وسنواصلُ السيرَ على خطى حاديَ الركبِ وراعيَ المسيرةِ جلالةِ الملكِ عبد اللهِ الثاني ابن الحسين المعظم، ليظلَّ الأردنُ في طليعةِ الدولِ القادرةِ على تحويلِ الأزماتِ إلى إنجازاتْ، والمصاعبِ إلى مكاسبْ. وكلُّ عامٍ والوطنُ وقائدُ الوطنِ وعمالُ الوطنِ بألفِ خيرْ.
والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،