طلبة المدارس العربية في غير بلدانها ..واختبار القدرات حقائق وتساؤلات
جو 24 :
الرأي -حاتم العبادي - تنذر قضايا يشهدها قطاع التعليم، في شقيه العام والعالي، بخطورة تقتضي قرع «ناقوس الخطر»، ليس لجهة مضامين تلك القضايا فقط، إنما في التعامل معها والسعي لحلها ايضا.
وينشغل اولياء امور طلبة في الفترة الحالية بقضية ابناء لهم التحقوا بمدارس عربية خارجية للحصول على الثانوية العامة، نتيجة قرارات لوزارة التربية والتعليم وأخرى صادرة عن مجلس التعليم العالي، تحدد مصير طلبتهم.
الاشكالية في القرارات، رغم انها في ظاهرها موضوعية، إلا ان الحلول التي تضمنتها القرارات، لا تنهي «جذور المشكلة»، لعدم بحثها في الاسباب والمسببات، إنما تعاملت معها على اساس انها سلوكيات مخالفة لقرارات صدرت بعد إقدام الطلبة واولياء أمورهم على التسجيل في تلك المدارس، في ضوء اسس وتعليمات نافذة تسمح لهم بذلك.
ورصدت «الرأي» خطابات وتصريحات الوزارتين المتعلقة بتلك «الازمة»، والتي تبين حجم التغيير المستمر في القرارات المعنية بهذه الفئة من الطلبة، وعدم انسجامها، ما تسبب بإرباك اولياء امور الطلبة، الذين يعتبرون انهم «ضحية».
متى بدأت القصة
بحسب المخاطبات والتصريحات الصادرة من وزارة التربية والتعليم، بدأت القصة في الرابع عشر من حزيران العام الماضي عندما خاطبت وزارة التعليم العالي، التربية والتعليم « أن العديد من الطلبة الأردنيين يسجلون في مدارس عربية في غير بلدانها الأصلية لغايات الحصول على شهادة الدراسة الثانوية العامة، وكون المدارس مرتبطة بوزارات التربية والتعليم في بلدانها فإنها لا تحتاج الى معادلة او يكتفى بالمصادقة عليها (...) وبحسب المعلومات المتوفرة فإن سوية التعليم فيها ليست بالمستوى المطلوب، مطالبة بعدم اعتماد هذه الشهادات أو المصادقة عليها».
وبموجب مخاطبة التعليم العالي، عرضت وزارة التربية والتعليم ما تضمنته المخاطبة على لجنة معادلة الشهادات فيها، وقررت في جلستها بتاريخ 9/7/2015 عدم اعتماد الشهادات وعدم المصادقة عليها كما جاء في طلب وزارة التعليم العالي (...) حيث تم ابلاغ وزارة التعليم العالي بقرار اللجنة وفق كتاب وزارة التربية بتاريخ 17/8/2015 ، وعلى أن يسري القرار على الطلبة الذين يلتحقون بمثل هذه المدارس اعتباراً من العام الدراسي 2015/2016 .
وبحسب ما نشرته وزارة التربية والتعليم، على موقعها الالكتروني، فإن لجنة المعادلة، ألغت القرار السابق بعد عشرة ايام، واستبدلته بقرار جديد في جلسته (147/2015)، إذ نص على : «تعد الشهادات الصادرة من الدول التي لا تعتمد الامتحان الوطني العام لشهادة الدراسة الثانوية العامة شهادات مدرسية ولا تعادل بالثانوية العامة الاردنية (...) على ان يسري القرار اعتبارا من العام 2015-2016» ونص القرار على الغاء القرار السابق.
وبعد عشرة ايام من القرار السابق، اصدرت لجنة المعادلة في وزارة التربية والتعليم اسسا جديدة للمعادلة على ان تسري من العام الدراسي 2016-2017، ونصت الاسس الجديدة على: تُعادل الشهادات الثانوية التي تخضع لأسس المعادلة الصادرة من خارج الأردن شريطة : «أن يكون الطالب قد درس السنتين الأخيرتين على الأقل في نفس البلد وإقامته في بلد الدراسة سنوية بحيث تكون إقامة لكل سنة منفصلة عن الأخرى وأن تكون الشهادة قد منحت للطالب بعد خضوعه لامتحان وطني وأن تكون السنة التحضيرية (سنة اللغة) منفصلة عن سنوات الدراسة في الدول التي لا تعتمد اللغة العربية أو اللغة الإنجليزية».
بعد صدور قرارات لجنة المعادلة في وزارة التربية والتعليم، سجل العديد من الطلبة في مدارس عربية موجودة في غير بلدانها الاصلية، باعتبار ان اشتراطات المعادلة لتلك الشهادات، تنطبق عليهم وتمكنهم من الالتحاق بالجامعات الاردنية وكذلك الجامعات الاجنبية، ولغايات الحصول على معدلات تمكنهم من الالتحاق بتخصصات يرغبون فيها.
مخاطبات تكشف
مستجدات جديدة
وفي الرابع والعشرين من شباط العام الحالي، تلقت وزارة التربية والتعليم خطابا جديداً من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يفيد بأنه يتوفر لديها « معلومات بوجود أعداد كبيرة من الطلبة الأردنيين الذين يدرسون في مدارس عربية وأجنبية خارج المملكة لغرض الحصول على شهادة الدراسة الثانوية العامة وأن هناك جهات تطلب منهم مبالغ مالية مقابل الحصول على هذه الشهادة وبمعدل مئوي محدد سلفاً، مطالبة عدم المصادقة على شهادات الدراسة الثانوية العامة الصادرة من خارج المملكة إلا بعد خضوع الطلبة لامتحان الكفايات أو الامتحان التحصيلي الذي تجريه هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وذلك لضمان جودة الشهادات ولاعتمادها لغايات الالتحاق ببرامج التعليم العالي داخل وخارج المملكة».
التطور الجديد، في مخاطبة وزارة التعليم العالي لوزارة التربية والتعليم، تمثل في بندين، الاول: هناك جهات تطلب منهم مبالغ مالية مقابل الحصول على هذه الشهادة وبمعدل مئوي محدد سلفاً، اما الثاني: خضوع الطلبة لامتحان الكفايات أو الامتحان التحصيلي الذي تجريه هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي.
وهنا يطرح تساؤلان، الاول في ظل علم وزارة التعليم العالي بوجود «جهات» تنظم إجراءات عملية قبول الطلبة بطرق غير قانونية، لماذا لم تلاحق الوزارة تلك الجهات قانونيا وقضائيا ؟
اما السؤال الثاني: ما هو امتحان الكفايات أو الامتحان التحصيلي الذي تجريه هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي ؟
فيما يتعلق بالاجابة على السؤال الاول، فإنه متروك لوزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم للإعلان، إذا كان هناك اجراءات اتخذت، وفيما إذا كان الاعلان عن تلك الاجراءات قد يضر في عملية التحقيق فيها، إذا كان هنالك تحقيق فُتح بالموضوع.
اختبار القدرات المعرفية والتحصيلية
اما السؤال الثاني: فأجاب عليه مجلس التعليم العالي في جلسته رقم (8) في السابع من شهر نيسان الماضي، بإصدار قرار عقد «اختبار القدرات المعرفية والتحصيلية لجميع الطلبة الراغبين بالالتحاق في مؤسسات التعليم العالي في الأردن (الجامعات والكليات الجامعية المتوسطة) والحاصلين على الشهادة الثانوية المدرسية النهائية غير الأردنية وفق المعايير المعتمدة في وزارة التربية والتعليم الأردنية، وكذلك للطلبة الحاصلين على الشهادة الثانوية العامة غير الأردنية من بلد غير البلد الأصلي الذي تصدر عنه هذه الشهادة».
وتضمن القرار الفئات المستثناة من الاختبار، والجهة المنفذة ومعايير اعتماد نتيجة الطالب.
فحدد الفئات المستثناة: بالطلبة الحاصلين على شهادة معادلة من وزارة التربية والتعليم الأردنية للشهادات الثانوية غير الأردنية للبرامج الدولية والحاصلين على شهادة الثانوية التي ُتمنح للطالب بعد النجاح في الامتحان الوطني المعتمد في البلد الذي تصدر عنه هذه الشهادة شريطة أن يكون الطالب قد درس في البلد الاصلي الذي يصدر هذه الشهادة و الحاصلين على شهادة الثانوية من بلدها الأصلي ومقترنه بنتيجة للاختبار التحصيلي للقدرات تؤهلهم من الالتحاق في جامعاتها مباشره دون أي شروط اضافية اخرى, شريطة احضار وثيقه رسميه تثبت ذلك من بلدها الاصلي مصدقة حسب الاصول وغير الأردنيين الحاصلين على الشهادة الثانوية من بلدها الأصلي وتؤهلهم هذه الشهادة من الالتحاق في جامعاتها مباشرة دون أي شروط اضافية اخرى, شريطة احضار وثيقه رسميه تثبت ذلك من بلدها الاصلي مصدقة حسب الاصول.
اما الجهة المنفذة فحددها القرار بـ»هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم»، وفقا لتعليمات تحددها هيئة الاعتماد ويقرها المجلس.
اما معايير اعتماد النتيجة، تتكون، بحسب القرار: من نتائج اختبار القدرات المعرفية والتحصيلية ونتائج الشهادة الثانوية كأساس للقبول والمفاضلة بين الطلبة للالتحاق في تخصصات مؤسسات التعليم العالي في الأردن وفقاً للشروط والحدود الدنيا لمعدلات الالتحاق الواردة في أسس قبول الطلبة في هذه المؤسسات على أن يطبق هذا القرار على جميع الطلبة الراغبين بالالتحاق في مؤسسات التعليم العالي في الأردن اعتباراً من بداية الفصل الدراسي الأول للعام الجامعي 2016/2017».
ماذا حصل بعد إقرار الامتحان، احتج اولياء امور الطلبة الذين التحقوا في مدارس عربية موجودة في غير بلدانها الاصلية، مستندين في تبرير القبول الى قرارات لجنة المعادلة في وزارة التربية والتعليم، التي الغت قرار عدم معادلة تلك الشهادات ووضعت اسسا جديدة للمعادلة تتوفر في ابنائهم، ولم يكن انذاك اشتراط مجلس التعليم العالي بخضوع الطلبة للامتحان.
ماذا بعد، صدر عن مسوؤلين في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تصريحات تفيد أن «التعليم العالي» تعتمد معادلة وزارة التربية والتعليم لشهادات الثانوية العامة لغايات القبول الجامعي.
تساؤلات برسم الإجابة
التساؤل الاول: هل يعتبر اشتراط مجلس التعليم العالي لقبول الطلبة الملتحقين بمدارس عربية في غير بلدانها الاصلية، قرارا اداريا طُبّق بأثر رجعي على الطلبة الملتحقين قبل صدور قرار مجلس التعليم العالي؟
التساؤل الثاني: هل يحق لوزارة التعليم العالي البت في معادلة شهادات ثانوية عامة من ناحية الصلاحية والاختصاص، خصوصا وان قرار مجلس التعليم العالي عند إقرار الاختبار نص على ان تكون وفقا لـ» المعايير المعتمدة في وزارة التربية والتعليم الأردنية» ؟
التساؤل الثالث: هل سيتم تعديل قرار مجلس التعليم العالي، في ضوء التصريحات التي صدرت عن مسؤولين فيه ؟
التساؤل الرابع: ما هي طبيعة الاختبار ؟ هل سيكون في طبيعته مشابها لامتحان «التوجيهي» الاردني ؟ واين سيعقد ؟ ومن سيضع الاسئلة ؟ ومن يتحمل رسوم كلفة الامتحان ؟
التساؤل الخامس: كيفية تحديد النتيجة، وما هي حجم الاوزان، التي سيحصل عليها الطالب والمخصصة لنتيجة الثانوية العامة وتلك المتعلقة بالاختبار التحصيلي ؟
التساؤل السادس: هل سيكون هنالك دراسة تقوم بها وزارة التربية والتعليم وكذلك مجلس ووزارة التعليم العالي للوقوف على الاسباب «العميقة» والحقيقية لذهاب هؤلاء الطلبة وتحليلها وايجاد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة ؟ خصوصا وان المبرر لذهاب هؤلاء الطلبة له ارتباط بـ»التوجيهي» وكذلك بـ»القبول الجامعي»، ام ستكتفيان بالاجراءات التي تعالج النتائج، لا الاسباب والمسببات ؟
التساؤل السابع : من المسؤول عن الجهات، التي اشّرت اليها «التعليم العالي» ولم تحددها في مخاطاباتها لوزارة التربية والتعليم، تلك الجهات التي تطلب من الطلبة مبالغ مالية مقابل الحصول على هذه الشهادة وبمعدل مئوي محدد سلفاً ؟
التساؤل الثامن: هل يعتبر الطلبة واولياء امورهم وقعوا «ضحية» تقصير الجهات الحكومية، عندما الحقوا ابناءهم في تلك المدارس، في ظل القرارات المتخذة ؟ ام نعتبرهم «مجرمين» ويجب عقابهم؟
ملاحظة
يشار الى أن جميع المعلومات التي رصدت للتسلسل الزمني، مصدرها موقع وزارة التربية والتعليم، وبيانات صادرة عن مجلس التعليم العالي حول قرارات جلساته.