دعوة لفتح المدارس بالعطلة الصيفية للأنشطة مقابل مكافآت للمعلمين
تثير العطلة الصيفية مخاوف العديد من الأُسر تجاه أبنائها جراء أوقات الفراغ الطويلة التي تتعدى الشهرين بالنسبة لطلبة المدارس وكذلك بعض طلبة الجامعات، إضافة للمتعطلين عن العمل من فئات الشباب.
وتعاني الأُسر الفقيرة والغنية على السواء من مشكلة عدم إشغال أبنائها في نشاطات ترويحية وتنافسية وبرامج تدريبية وتثقيفية، إذ تعد مثل هذه النشاطات محدودة ان لم تكن على نطاق ضيق، وخصوصاً في المدن الكبيرة وبعض القرى النائية التي ينحصر فيها أشغال الأبناء على مساعدة آبائهم في الأعمال الخاصة المتعلقة بالزراعة او الأعمال الصناعية البسيطة.
ويخشى أرباب أُسر على أبنائهم من التعرض لمخاطر تعاطي المواد المهددة لحياتهم والمؤثرة على عقولهم كالمخدرات بمختلف انواعها أو التعرف على رفاق السوء والتضليل الفكري بسبب طول أيام العطلة دون التحاقهم ببرامج ونشاطات مفيدة.
ويرى وزير التنمية الاجتماعية وزير الشباب والرياضة الأسبق الدكتور محمد خير مامسر أن هناك مخاطر تهدد الشباب رغم ممارسة بعض الأنشطة، حيث يقضون ساعات طويلة باستخدام أدوات التكنولوجيا ما يجعل ممارسيها دون حركة ايجابية، وبالتالي الإنشغال الفكري السلبي والعزلة، والابتعاد عن التواصل في اللقاءات الاجتماعية والثقافية والترويحية والرياضية..، إضافة الى التهديد الجسمي من حيث النظر وطريقة الجلوس التي لها مضاعفات على الفرد.
ويؤكد مامسر أن قلة الامكانات لتلك النشاطات في المدارس والمراكز الشبابية التي تتبع للمجلس الاعلى للشباب مقارنة بالمقاهي، وربما المدارس الخاصة والمؤسسات في القطاع الخاص، زادت من الأعباء على الشباب وفي زيادة ساعات الفراغ، مبيناً في دراسة له ان عدد أيام الدوام في المدارس 180 يوماً أي 90 يوماً لكل فصل من أصل عدد أيام السنة 360 يوماً.
ويقول ان الاتحادات الرياضية والأندية واللجنة الأولمبية لم تنجح في استقطاب المزيد من الشباب لممارسة مختلف الألعاب، رغم ان لدى هذه الجهات مخصصات، إلا أنها تصرف على الرواتب والامتيازات الأُخرى كالسفر والجلسات وخصوصاً لمن يفترض ان يكونوا متطوعين في العمل الوطني.
ويدعو مامسر وزارة التربية والتعليم لفتح المدارس في العطلة الصيفية لممارسة الأنشطة الرياضية والفنية والترويحية والرسم وتنظيم الرحلات وغيرها مقابل تخصيص مكافآت للمعلمين، والأهالي لمراقبة أبنائهم حتى لا يكونوا عرضة لتعاطيهم تلك المهددات أو العنف والتطرف والعصابات التي تقوم بالسطو على المنازل أو التحرش بالناس، مبيناً أن الفراغ عادة ما يشكل للأجيال الشابة التدهور الصحي والنفسي والاجتماعي.
ويطالب مامسر بتخصيص مبالغ مالية لتأسيس مرافق للشباب إضافة للحدائق العامة والساحات الشعبية كما هو الحال في الدول الأوروبية بهدف إيجاد مناخ يفرغ الشباب طاقاتهم فيها.
ويقول مدير مدينة الحسن للشباب الدكتور رشاد الزعبي إن العطلة الصيفية تعد مفصلاً مهماً في استثمار طاقات الشباب لحمايتهم من الفراغ ومخاطره المجتمعية، كما أن العطلة هاجس وطني وللأُسر من حيث عملية التعامل في هذه الفترة ما يضع مسؤولية كبيرة على الدولة وليس على الحكومة، وان كان للمؤسسات الحكومية ومنها وزارة التربية والتعليم والجامعات والمجلس الاعلى للشباب وقطاع الأندية الدور المهم في وضع خطط مسبقة في أعداد وتنفيذ البرامج الشبابية وتطوير أدواتها من خلال التنسيق بين هذه المؤسسات، وصولاً الى الهدف الوطني العام وهو أشغال الشباب ببرامج ونشاطات نافعة وملموسة على أرض الواقع، يفعل فيها الحوار بدل المحاضرة، والممارسة بشكل تطبيقي وتشويقي لا مجرد تلقين.
ويبين الزعبي أن ابتكار وسائل جديدة وليس تقليدية من شأنه تحقيق الأستثمار في طاقات الشباب بحيث لا نبعدهم عن الثوابت المعرفية والتطوعية، وليديروا أنفسهم خلال المعسكرات والورشات والندوات والنشاطات التي تتوافق مع احتياجاتهم ورغباتهم، كالرياضة والفن والموسيقى والمسرح والثقافة والغناء والتوعية بمخاطر المخدرات وتسويقها واستخدام التكنولوجيا الحديثة، باعتبار الشباب هم أكثر الشرائح المجتمعية معرفة بتعاطيها واستخداماتها.
ويؤكد الزعبي ان عدم وجود قيادات تربوية وبالمستوى للمطلوب في كثير من المؤسسات أتاح لأشخاص آخرين غير مؤهلين ومختصين لتولي إدارات تلك المؤسسات، ما اضعف العمل الشبابي أو جعل الشباب عرضة للفراغ والتطرف الفكري، لافتاً الى ان دور الكوادر المؤهلة وتمكين المؤسسات بالأدوات والبرامج اللازمة من شأنها جذب الشباب الى تلك المؤسسات التي تقع على مسؤوليها تنظيم أفراد المجتمع وتوجييهم الى نشاطات نافعة.
ويشير الى أن مدينة الحسن في اربد أنشأت ساحات عامة للمجتمع المحلي لمزاولة نشاطات ترويحية مثلما أنشأت مدينة الحسين للشباب في عمان غابة لرياضة المشي لتكونا في خدمة شعار "الرياضة للجميع".
ويؤكد رئيس نادي الحسين وائل شقيرات ان دور الأندية لا يتوقف على الجانب الرياضي رغم أهميته، فالاندية تأسست لتؤدي رسالتها أيضاً في الجانبين الثقافي والمجتمعي بهدف خدمة القطاع الشباب وأفراد المجتمع بدل أن تكون الملاهي والمقاهي ملاذاً وبالتالي تعرضهم لأمور سلبية.
ويعزو شقيرات عدم تحقيق الأندية لهذه الرسالة التكاملية الى قلة الموارد المالية في توفير احتياجات الشباب من حيث الوسائل والأدوات وقلة أعضاء الهيئات العامة والظروف الاقتصادية الصعبة للاعضاء باعتبار العمل في الأندية عملاً تطوعياً، كما ان التعامل مع الشباب يحتاج في الجوانب غير الرياضية الى أعضاء تتناسب أعمارهم مع أعمار الفئات المستهدفة وهذا غير متوفر في معظم الأندية.
ويقول ان ممارسة كرة القدم على وجه الخصوص شكل عبئاً ثقيلاً على الاندية في ظل الاحتراف الذي عرّض الاندية الى مديونية جاءت على حساب تنفيذ نشاطات اُخرى لا بل أن كثيراً من الأندية تفتقر إلى المقار النموذجية التي توفر مناخ الترويح وتنظيم النشاطات الفكرية والاجتماعية واستقطاب المزيد من الشباب في العطلة الصيفية.(بترا)