الجامعات الرسمية تواجه خطر الإفلاس
جو 24 :
يكشف الواقع المالي للجامعات الرسمية عن مرحلة «حرجة» و»خطرة» تواجه غالبية الجامعات الى حد ان (7) من أصل (10) جامعات تعاني من عجز في ميزانيتها، يقدر ب(125) مليون دينار خلال الفترة من بداية العام الماضي وحتى نهاية شهر تشرين الثاني الماضي، يضاف الى ذلك الديون المتراكمة على الجامعات بعد عام 2006.
وتفاقم الوضع لدى بعض الجامعات الى حد انشغال القيادات فيها ( رؤساء مجالس امناء ورؤساء) في توفير رواتب الشهر المستحقة للموظفين، سواء من خلال تسسيل من الدعم الحكومي او من مصادر اقتراض أخرى.
وتعاني غالبية الجامعات من ازمات مالية، وهذا العجز يتباين في فترات خلال السنة، اعتمادا على حجم الايرادات في فترات معينة وبالمقابل حجم النفقات، إذ ان الايرادات في فترة معينة تشح الى حد «الندرة» بينما تكون «جيدة».
هذا الواقع، ليس سرا او مجرد حديث في «الكواليس»، إنما وجع بات الحديث عنه على لسان المسؤولين، مستغلين اي مناسبة للافصاح عنه في محاولة لانقاذ واقع تلك الجامعات.
أحد رؤساء الجامعات، تحدث بكل صراحة في مداخلة في مؤتمر متخصص لتنمية الموارد البشرية، وامام العشرات من المسؤولين والاكاديميين والمراقبين، بأنه في نهاية كل شهر يسعى الى توفير استحقاقات الرواتب، ليكون السؤال، ماذا عن باقي متطلبات العملية التعليمية؟
وتصنف أحدى الدراسات الصادرة عن وزارة التعليم العالي الجامعات، ليس على اساس كفاءة او جودة، إنما على صعيد الواقع المالي، خلال الفترة (2010-2014)، إذ جاءت في ثلاثة تصنيفات: جامعات ذات ظروف مالية جيدة: العلوم والتكنولوجيا / الهاشمية وجامعات ذات ظروف مالية متعثرة: الأردنية، اليرموك، البلقاء التطبيقية، الألمانية الأردنية. وجامعات ذات ظروف مالية صعبة: مؤتة و آل البيت والحسين بن طلال والطفيلة التقنية.
وبحسب الدراسة، فإن إجمالي النفقات المتكررة (التشغيلية) لعام 2014 (413.373) مليون دينار، في حين ان اجمالي النفقات للعام ذاته بلغت (526.852) مليون دينار.
وبينت الدراسة ان نسبة النفقات المتكررة الى الإيرادات المالية الذاتية كانت في الجامعات ذات الظروف المالية الجيدة: العلوم و التكنولوجيا (90%) وفي الهاشمية (62%). اما الجامعات ذات الظروف المالية المتعثرة: الأردنية (96%) وفي اليرموك (100%) وفي البلقاء التطبيقية (106%) وفي «الألمانية –الأردنية» (108%)، اما الجامعات ذات الظروف المالية الصعبة: مؤتة (113%) وفي آل البيت (122%) وفي الحسين بن طلال(145%) وفي الطفيلة التقنية (171%).
بالمقابل، تقر الدراسة بأن الدعم الحكومي خلال الفترة (2010-2014) تناقص بحوالي (70%) بفعل عوامل التضخم و زيادة عدد الطلبة، موضحة ان ربع الدعم الحكومي المخصص للجامعات الرسمية يحول لصالح صندوق دعم الطالب والذي يعود بالفائدة على الجامعات من ناحية وعلى المجتمع الأردني من ناحية أخرى.
وتشير الى أن جامعات الأطراف هي صاحبة الحظ الأوفر من الدعم الحكومي ، في وقت ان المخصصات المتاحة للدعم الحكومي لا يغطي عجز و التزامات الجامعات الرسمية.
حالة عدم استقرار الدعم الحكومي (لجهة التناقص) خلال السنوات الخمسة عشر الاخيرة، فإن احسن احوال الدعم وصل (74) مليونا وتناقص ليصل الى (36) مليون دينار.
ورغم ارتفاع الدعم الحكومي للعام الحالي ، إلا أن الزيادة على الدعم لن يحل اشكالية الجامعات المالية، والتي باتت مصدر تهديد لها، في حال استمر الوضع دون ايجاد حلول جذرية قادرة على «إنقاذ» الجامعات من «الافلاس».
وفي قراءة للمشهد، فإن اعداد الطلبة الملتحقين في الجامعات الرسمية تضاعف من عام 2001 وصولا الى عام 2014 بحوالي ثلاثة اضعاف الطلبة الملتحقين فيها مقابل انخفاض الدعم الحكومي لنفس الفترة.
تظهر ارقام الدراسة ان نسبة ايرادات الجامعات من البرامج الخاصة تصل الى نسبة (51%) من اجمالي الرسوم الجامعية علما بان عدد الطلاب الدارسين ضمن البرامج الموازية، بحسب ما تنص عليه اسس القبول، يجب ان لا يزيد عن (30%) من اجمالي الطلبة.
وتبين ان اجمالي الرسوم في البرامج العادية خلال الفترة بين (2010-2014) بلغ (702.783) مليون دينار، مقابل (743.568) مليون دينار من رسوم البرامج الموازية.
بالمقابل، هنالك تدني نسبة الانفاق على البحث العلمي حيث تصل النسبة الى (2.7%) من اجمالي موازنات الجامعات الرسمية إذ تم انفاق(14) مليون دينار من اجمالي موازنات الجامعات البالغة (529) مليون دينار في عام 2014، وتوصف الدراسة «هذه النسبة ضعيفة جدا»، ما يؤثر بشكل مباشر على التصنيف العالمي للجامعات.
في حين توصف نسبة الانفاق على الايفاد و الابتعاث ب»المقبولة»، إذ تصل الى (3.1%) من اجمالي موازنات الجامعات الرسمية بحيث تم انفاق(16) مليون دينار من اجمالي موازنات الجامعات في عام 2014.
وتشير القراءة في الارقام والبيانات المالية ان اولويات الجامعات اختلفت، إذ أن «الاصل ارتفاع نسبة الانفاق المالي في الجامعات على البحث العلمي و الايفاد كونها هي النفقة الرئيسية التي تتوافق مع مهام الجامعات ويلاحظ انخفاض نسب الانفاق في اغلب الجامعات كونها تعاني من مشكلة توفير الرواتب للعاملين فيها».
الواقع المالي للجامعات، له انعكاسات جملة على جميع مكونات العملية التعليمية ومخرجاته واولويات الاهتمام فيها، بحيث يربك الاداء ويفاقم الوضع، ما دامت الحلول تعتمد على الاقتراض والديون، ما يفضي الى نتيجة مسبقة بأن الاصلاح سيبقى «اسير» التنظير الاستراتيجي.الراي