مستشفى الأميرة بسمة .. نقص باطباء الاختصاص والأدوية والأجهزة الطبية
جو 24 :
مع تزايد الضغط على خدمات مستشفى الأميرة بسمة التعليمي (المستشفى الاقليمي لمحافظات الشمال)،واكتظاظه بالمراجعين والمرضى، والمعاناة والإرباك التي يعيشها المواطن، ينتظر المواطنون المباشرة بتنفيذ مبنى المستشفى "الجديد" الذي أعلن عنه في مطلع عام 2013 .
وكالة الأنباء الأردنية (بترا) رصدت العديد من المشكلات التي يعيشها المرضى والمراجعون، والمتمثلة بنقص الكوادر الطبية والتمريضية ولا سيما المتخصصة منها؛ حيث يعمل طبيب لكل من إختصاصات (جراحة الأعصاب، الأوعية الدموية، الجهاز الهضمي، الروماتيزم)، إلى جانب عدم توفر العديد من الأدوية والأجهزة الطبية، وطول رحلة تلقي العلاج وتأخر مواعيد المراجعات الطبية وصور الرنين لأشهر، وتعطل نظام التكييف في بعض مباني وأقسام المستشفى.
وتطغى على السطح ايضا مشكلات النظافة في بيئة المستشفى الخارجية وخاصة في حديقة مبنى العيادات الخارجية السابقة التي تنتشر فيها رائحة المجاري والجراذين، إضافة لاستخدامها من قبل أصحاب السوابق في تعاطي المخدرات والمشروبات الروحية، بحسب سكان المنطقة.
ويعبر مرضى ومراجعون عن فقدانهم الأمل من أية تطورات مستقبلية ايجابية، يمكن أن تعمل على تحسين الخدمة والرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية، ولا سيما مستشفى الأميرة بسمة، فيما ترى إدارة المستشفى أن "تآكل" بعض الأجزاء في المبنى رغم التوسعات المتكررة، ووجوده في منطقة شعبية وسط المدينة، وتحويل المرضى من جميع مناطق الشمال إليه، وارتفاع نسبة الإشغال عن حاجز 120% في بعض الأقسام، وزيادة عدد سكان المحافظة بشكل سريع نتيجة دخول الأشقاء السوريين، وانتظار مبنى المستشفى "الجديد"، تشكل بمجملها أبرز التحديات التي يعاني منها هذا الصرح الطبي الذي يمتد تاريخه إلى خمسينيات القرن الماضي.
نقص أطباء الإختصاص .. وأخلاقيات المهنة .. وهاجس النظافة.
يروي الأربعيني "رامي" قصته التي بدأت عندما نقل إلى المستشفى في حالة طارئة بعد تعرضه إلى حادث أدى إلى كسر قدمه اليسرى وتقطع أربعة أوتار فيها قبل نحو 3 أشهر، وبعد تصويره في قسم الإسعاف والطوارىء أبلغه طبيب العظام المناوب،ضرورة إجراء عملية لقدمه ، لكن لا يمكن إدخاله للعمليات بسبب وجود أكثر من 20 مريضا يحتاجون لعمليات.
وبعد أكثر من ساعة بحسب "رامي" نصحه الطبيب بإجراء العملية وأن يستفسر من المحاسب عن قيمة إجراء العملية، خاصة أنه غير مؤمن، ليتبين أن قيمة العملية حوالي (250 – 270) ديناراً، فنصحه الطبيب بإجراء العملية في مستشفى أو مركز خاص، موضحاً أنه لا يمكن أن تزيد قيمة العملية هناك عن 100 دينار علاوة عن المبلغ المطلوب منه في المستشفى.
ويتابع .. وجهني الطبيب لمركز خاص للقيام بالعملية بعد أن زودني بجميع التفاصيل عن المركز وعنوانه، مبيناً بأنه وسط حالة الألم التي يشعر بها اضطر للتوجه إلى المركز الطبي الخاص، وأجريت له العملية المطلوبة في نفس اليوم وتلقى العلاجات، ليتفاجأ أن الطبيب له علاقة بذلك المستشفى ، وأن المبلغ الإجمالي المطلوب منه تخطى حاجز الـ 850 دينارا (قيمة العملية، والأدوية، والمراجعات)، ليخضع للأمر الواقع نتيجة عدم توفر بديل آخر، رغم صعوبة وضعه المعيشي.
ويتسائل "رامي" عن الأمر الذي يدفع الطبيب بأن يقول له "حرام تعمل عمليتك هون ... حالتك ما إلنا قدرة عليها..."، مبيناً أنه ما دام الهدف هو توجيه المريض للعلاج بالقطاع الخاص، لماذا لا يتم ابلاغه ذلك من البداية، دون اللجوء إلى أساليب تثير الشك في نفس المريض حول جدوى تلقيه العلاج اللازم في المستشفى جراء ذلك.
وتستغرب أم خالد تأخير المواعيد وبالذات مواعيد تصوير الرنين المغناطيسي، التي تمتد حسب قولها، إلى ثلاثة أشهر في بعض الأحيان، وبعد إجراء التصوير يطلب من المريض المراجعة بعد اسبوع للحصول على التقرير رغم وجود طبيب أشعة، معتبرة أن "الواسطة" قد تحل ذلك وتختصر المدة إلى يوم أو يومين، كما أن النقص الشديد بأعداد أطباء الإختصاص يحول دون تلقي المريض للعلاج اللازم في الوقت المناسب، داعية إلى زيادة أعداد الكوادر الطبية وإمداد المستشفى بالأجهزة الطبية اللازمة لتتناسب مع حجم الضغط الذي يواجهه هذا المستشفى "المركزي".
وتشكو( أم أنس) من تدخين الكوادر الطبية والتمريضية بشكل واضح ومكرر في المستشفى، وفي أروقة الأقسام والعيادات الطبية، متسائلة عن مدى الجدية في مكافحة التدخين ومنعه في الدوائر والمؤسسات الحكومية وخاصة الصحية منها، مطالبة بمنع التدخين في المستشفيات والمراكز الطبية، لما في ذلك من تهديد لصحة المرضى.
وترى بعض العائلات التي تقطن في البيئة المحيطة للمستشفى،ان هناك تجاوزات تتعلق بالنظافة وعدم الاهتمام في بيئة المستشفى الخارجية، كما حديقة مبنى العيادات الخارجية السابقة تستخدم مرتعاً للعديد من أصحاب السوابق والمدمنين على شرب الكحول وتعاطي المخدرات، واصفين هذا المكان "بالمكرهه الصحية" نتيجة انبعاث الروائح الكريهة وتراكم النفايات فيها، مطالبين بتشديد الإجراءات وتركيب كاميرات مراقبة لمحاسبة كل من تسول له نفسه الإساءة لهذا المكان.
الغزاوي: المستشفى يقدم خدمات طبية كبيرة في ضوء الإمكانات المتاحة.
يقول مدير المستشفى الدكتور ناجح الغزاوي، إن هذا المستشفى يقدم خدمات طبية عظيمة في ضوء الإمكانات المتاحة لأبناء إقليم الشمال، رغم قدم المبنى الذي يعود إلى خمسينيات القرن الماضي وتآكل البنية التحتية في بعض الأماكن، ومع ذلك لم تأل وزارة الصحة جهداً في تقديم الدعم للمستشفى وإمداده بالتجهيزات الطبية اللازمة وتوسعته في ضوء الموارد والإمكانات المتاحة.
ويضيف رغم أننا في طور تأسيس مبنى جديد للمستشفى بسعة 500 سرير، لكننا نعمل على تحديث المستشفى وترميمه حتى يبقى في أعلى جاهزية لتقديم خدماته الصحية للمنطقة .
وحول مشكلات نقص أطباء الإختصاص في المستشفى يبين أن بعض الإختصاصات يوجد بها طبيب واحد مثل (جراحة الأعصاب، والأوعية الدموية)، فلجأ المستشفى الى أسلوب "شراء الخدمات" في تخصصات (الجهاز الهضمي، والروماتيزم، والدم)، مؤكداً أن جميع الاختصاصات الأخرى باستثناء الباطني يتوفر فيها أعداد جيدة من الأطباء.
ويوضح حول نقص الأجهزة الطبية،أنه تم تزويد المستشفى في الفترة الأخيرة بالعديد من الأجهزة مثل أجهزة (تحليل الكيمياء، بانوراما،...) ووحدة تصوير الثدي التي حصلت على الإعتماد الوطني والدولي، ووحدة تفتيت الحصى التي تحتوي على أحدث الأجهزة.
وبالنسبة لمشكلة النظافة يبين انها أصبحت هاجساً تسعى إدارة المستشفى إلى علاجها بشكل جذري، ورغم أن النظافة حول المستشفى تدخل في مسؤولية بلدية إربد ومديرية الصحة، إلا أننا نقوم بتنظيف المنطقة المحيطة من باب المحافظة على البيئة الخارجية للمستشفى ، موضحاً أن بعض الجيران يقومون بوضع النفايات على أسوار المستشفى أو على الأرصفة المحاذية له، ومع ذلك نقوم بتنظيفه مع أن هذا الأمر ليس ضمن مسؤولياتنا.
ويبين أنه تم تشكيل لجنة للوقوف على مشاكل البيئة الخارجية والخروج وخرجت بتوصيات قدمت للجهات ذات العلاقة لحل هذه المشكلة، إلا أننا ما زلنا لغاية الآن نعاني من مشاكل البيئة الخارجية للمستشفى، لافتاً أن ما يشاع حول عدم فرز النفايات الطبية ليس له أساس من الصحة، حيث يتم العمل وفق نظام لفرز النفايات الطبية وتجميعها أو نقلها أو تخزينها حسب الأصول، موضحاً بأن ما يتم اتلافه ليس نفايات طبية كما يروج البعض، وإنما هي نفايات منزلية كونها لا تحتوي على أدوية أو سوائل.
بني هاني: نسبة الإشغال تتجاوز الـ120% يشير المدير الفني للمستشفى الدكتور محمود بني هاني إلى أن تأخر مواعيد صور الرنين المغناطيسي يعود لوجود جهاز واحد فقط لإقليم الشمال، والصور تتفاوت في مدتها حيث يأخذ بعضها من ربع إلى نصف ساعة وأخرى تأخذ مدة تصل إلى ساعتين، مؤكداً تصوير الحالات الطارئة في نفس اللحظة، وبالتالي يوجد نظام يحدد ذلك حسب درجة أهمية الحالة المرضية والحاجة إلى الصورة.
ويلفت الى أن نسبة الإشغال في المستشفى عالية جداً، وتتجاوز في بعض الأيام حاجز الـ120%، وأن عدد الأسرة في المستشفى بعد جميع أعمال التوسعة يبلغ (228) سريرا، حيث تزيد الأقسام الطبية ولكن على حساب الكوادر الطبية والتمريضية، لافتاً بأنه تم إنشاء عيادة "طب عام" مسائية بقسم الإسعاف والطوارئ، لتخفيف العبء على كاهل هذا القسم وعدم تأخير العلاج للحالات الطارئة وأخذ دورها.
وفيما يتعلق بالاجازات الخاصة للاطباء، وفتح عيادات يتم توجيه مرضى للعلاج فيها يقول بني هاني، إن هذه التجاوزات هي حالات فردية ولا يمكن تعميمها، مؤكداً أن إدارة المستشفى تحارب هذا الأمر بشتى الوسائل، مؤكداً بأنه لم ترد أية شكاوى حول ذلك لغاية الآن، وأن أي مواطن يمكنه تقديم شكوى إلى إدارة المستشفى حول مثل هذه السلوكيات في حال حصولها ليتم محاسبة كل من يثبت تورطه فيها، مبيناً بأن مسألة أخلاقيات المهنة لا يمكن ضبطها إلا إذا نبعت من الإنسان نفسه.
ويلفت أنه تم تلقي بعض الملاحظات المتعلقة بوجود سلوكيات سلبية في المحيط الخارجي للمستشفى، ولا سيما حديقة مبنى العيادات الخارجية السابق، موضحاً بأنه تم التعامل مع ذلك عبر زيادة عدد الحراس وتشديد الحراسة الليلية للحد من هذه التجاوزات التي تحدث داخل سور المستشفى .
ويشير بني هاني إلى أن البنية التحتية للمستشفى بالرغم من التوسيعات المتكررة له تبقى قديمة، خاصة في ظل زيادة أعداد المرضى بعد دخول الأشقاء السوريين، إضافة إلى هجرة العديد من الأطباء، وهي من أبرز التحديات التي يعاني منها المستشفى ويسعى إلى تجاوزها بجميع الإمكانات والموارد المتاحة، داعياً إلى الإسراع في تنفيذ مبنى المستشفى "الجديد"، الأمر الذي يسهم في تجاوز هذه التحديات وتقديم الرعاية الصحية بشكل أكبر .
تعطل نظام التكييف وإعطاء مهلة للمتعهد لتصويب الأوضاع..
يشير مدير المستشفى إلى شكاوى من عدم فعالية التكييف والتبريد داخل المستشفى، لافتاً أن هذه المشكلة تعاني منها أغلب المستشفيات في المملكة، حيث تقوم وزارة الصحة بطرح عطاءات وتدفع عشرات الآلاف من الدنانير، إلا أنه في المقابل نتفاجأ بأن نظام التكييف لا يعمل بكفاءة عالية أو بالشكل المطلوب، وقد لا يعمل في كثير من الأحيان، عازياً ذلك لعدم قيام بعض المتعهدين والمقاولين بعملهم بالشكل المطلوب.
وتقول مساعدة المدير لشؤون الخدمات والتزويد في المستشفى الدكتورة إيمان دعيبس، بأن نظام التكييف بالمستشفى هو نظام مجزأ، حيث يوجد نظام لمبنى الأقسام السريرية يعمل بكومبريسور واحد ويحتاج لآخر حتى يقوم بفعالية أكبر وتم طرح عطاء مؤخراً لتركيب "كومبريسور" آخر لتحسين فعالية التكييف والتبريد لهذا المبنى، أما مبنى الحروق والجراحة التجميلية فيتوفر فيه نظام تكييف منفصل ويعمل بشكل ممتاز .
وتضيف .. بالنسبة إلى مبنى الإسعاف والطوارىء فقد قامت الوزارة مؤخراً بطرح عطاء لشراء "كومبريسورات" جديدة لتكييف هذا المبنى، وتم تشكيل لجنة استلام أولي قبل نحو أسبوعين، إلا أنه عند تشغيل نظام التكييف "الجديد" لم يعط الكفاءة المطلوبة وأظهر فعالية منخفضة، الأمر الذي دعا اللجنة لتقييم هذه المشاكل إلى عدم الإستلام، حيث تم إعطاء المتعهد مهلة لتصويب الأوضاع وإصلاح المشاكل الفنية، ونحن في المهلة الآن إلا أن الوضع ما يزال على ما هو عليه ولا يوجد تكييف في هذا المبنى لغاية الآن، لافتة أنه لا يمكن البقاء على هذا الحال لأن المستشفى يحتاج إلى التكييف خاصة في أقسام العمليات والعناية الحثيثة وغيرها.