بينهم بطل سوريا في الشطرنج.. مصابو الأمراض العقلية يتضاعفون في شوارع دمشق
جو 24 :
منذ أشهر يتجوّل رجلٌ بشعر طويل وثياب متسخة ورائحة مخيفة في شوارع دمشق، يجلس أمام مقهى الكمال وسط العاصمة، ويفردُ رقعةً مهترئة يلعب عليها الشطرنج وحده.
آخر بطولاته كانت عام 2010، بعد أن أحرز المركز الأول في النهائي لبطولة أذكياء دمشق، لكنّ أحداً لم يتمكن من التعرف عليه الآن سوى النادل، وفقاً لوكالة أوقات الشام المحلية، بعد أن أصيب البطل الدولي السوري في لعبة الشطرنج عماد حقي بالجنون، منضماً إلى آلاف المصابين بالأمراض العقلية الذين يتجولون في شوارع دمشق.
تضاعف عدد المرضى في سوريا 3 مرات
صحيفة الوطن السورية الصادرة من دمشق أكدت في يناير/كانون الثاني 2016 وصول عدد المصابين بالأمراض العقلية في شوارع دمشق إلى 10 آلاف شخص. وذلك بزيادةٍ قُدّرت بثلاثة أضعاف عن إحصائية العام السابق التي قدّرت أعدادهم ا بـ 3 آلاف.
وقال القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي إنه تم الحجر على أكثر من 10 آلاف شخص خلال السنوات الخمسة الماضية، بسبب نقص أهليتهم ووصولهم لمرحلة "الجنون أو العته".
متسولون ومرضى في كل مكان
كما رصدت صحيفة الحياة في تقرير لها من العاصمة السورية ازدياد ظاهرة التسول والمصابين بالأمراض العقلية في الشوارع بشكل غير مسبوق، مؤكدة أن سكان دمشق لم يتوقعوا هذا الانقلاب الجذري في حياتهم ومشاهدة بعض أبناء جلدتهم يبحثون في حاويات القمامة عن لقمة عيش أو يتسولون في الشوارع، بينما يعيش آخرون من أبناء جلدتهم برخاء ويرقصون في "حانات ناهضة فوق بعض الفنادق".
وأكدت الصحيفة أن المتسولين والأشخاص الذين فقدوا عقلهم انتشروا إلى حدّ كبير في شوارع المدينة ووصل الأمر إلى مشاهدة أطفال ونساء وشيوخ يبحثون في أكياس القمامة أمام البيوت والحاويات عن بقايا طعام. كما يُشاهد كثيرون من مصابي الأمراض العقلية وهم يتجولون في حدائق دمشق.
حالات تزداد سوءاً دون علاج
وبعد مرور أكثر من 5 سنوات على بدء الثورة السورية في مارس/آذار 2011، قُتل أكثر نصف مليون شخص، وفقاً لتقديرات أممية، بالإضافة إلى تشريد 6.6 مليون شخص داخل البلاد، وتحول 4.8 مليون شخص إلى لاجئين خارجها، مع عدم ظهور نهاية حقيقية في الأفق القريب.
وعلى الرغم من الانتشار الواسع لمشكلات الصحة النفسية في سوريا، لا يوجد في البلاد حالياً سوى مستشفى واحد للرعاية النفسية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "The Business Insider" الأميركية، وهو يعمل بشكل جزئي، حيث إن أكثر من نصف الأطباء والمتخصصين فيه فرّوا من البلاد.
وكانت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ذكرت أن المشاكل الطبية الأهم والأكثر انتشاراً بين السوريين هي الاضطرابات الوجدانية، مثل الاكتئاب، واضطرابات الحزن، واضطرابات ما بعد الصدمة، وغيرها من أشكال اضطرابات القلق. كما أكدت أن حالتهم تصبح أسوأ مع بقائهم دون علاج، في الوقت الذي يصعب فيه حالياً إيصال الرعاية الطبية اللازمة لأغلبهم.