من الذي اخل بمبدأ العدالة في التعيينات
علي السنيد
جو 24 :
عبثا نحاول ان نقنع الناس ان ديوان الخدمة المدنية هو مرجعية التعيين في الاردن، وان الاردنيين سواء في حق الحصول على العمل ، وينتظمون على الدور للتعيين، وان صاحب الدور يأخذ حقه في نهاية المطاف ، وان هذا النهج في طريقه لان يترسخ في عمل الوزارات، وبحيث ننتهي من الصورة المشوهة لهذا الحق الدستوري الذي كانت تكتنفته عملية تدخل الواسطات المستمرة.
وهذا الواقع واجه للاسف عدم توفر مبدأ المؤسسية في عمل هذه الحكومة، والتي ابقت على كافة التشوهات والاستثناءات التي جاءت من حقبة الحكم السابقة ، وهي التي تشوه وجه العدالة في الاردن، ومبدأ الخلل في التعيينات ينطلق من عند المادة 60 في نظام ديوان الخدمة المدنية، والتي تتيح لرئيس الوزراء صلاحية الاستثناء في التعيين لنكتشف ان دولته قسم الدولة الاردنية الى دولتين، والمواطنيين الاردنيين الى فئتين فهنالك جزء من الدولة خاضع لديوان الخدمة المدنية ويتم التوظيف من خلاله، وعلى التساوي بين الاردنيين، ووزارات لا تخضع في تعييناتها - وفقا لاستثناء الرئيس- للديوان، ويتم التعيين فيها من خلال وزرائها، وبذلك اصبحنا امام مواطن ملتزم بالتعيين من خلال الدور على ديوان الخدمة المدنية، ومواطن يعين من خلال علاقة الواسطة بوزير الوازرة الحاصلة على استثناء التعيين، وهذا افقدنا صفة المؤسسية في التعيين وسيادة العدالة والانصاف في الدولة الاردنية، وعلى اثر ذلك اندفع صوت الاردنيين بالمطالبة بحق العمل، وهم ينتظرون بمئات الالاف على الدور في ديوان الخدمة المدنية.
واما الشركات المملوكة للحكومة والتي تدفع رواتبها من الموازنة العامة فهي ايضا غير مشمولة بديوان الخدمة المدنية في التعيين، وكذلك المؤسسات المستقلة والتي تصل موازناتها الى 2 مليار دينار سنويا مدرجة في الموازنة العامة فما يزال التعيين فيها ليس خاضعا لديوان الخدمة المدنية. واما باقي الوزارات التابعة لديوان الخدمة المدنية شكلاً فتستيطع هذه الوزارات ايضاً او المديريات التابعة لها التفلت من نظام ديوان الخدمة المدنية عن طريق اختراع مسميات مؤقتة للتعين، وبدون اعلان من مثل تعيين مهندسين بعقود، او التعيين على بند شراء خدمات، او التعيين على حساب المشاريع، او صندوق الزكاة، او على بند الاضافي ، ويتم بذلك تعيين طالبي العمل ممن يجدون دعما من اصحاب النفوذ والواسطات في الاردن، وباشكال غير مرئية ، وعن طريق الوزراء وبعيدا عن اسس وتعليمات ديوان الخدمة المدنية، وتظل هذه الحكومة تثرثر عن العدالة والمؤسسية في التعيين وهذا غير قائم عملياً.
وعلى ذلك اقول ان الدول التي استقرت في مؤسسيتها اصبحت لا تفرق بين مواطنييها ولا تحابي مواطنا على حساب مواطن اخر، وترسخ في وعيها العام ان الحقوق متساوية ومحمية بموجب الدساتير، والمؤسسات الحاكمية لا تتعامل بصفة فردية مع حقوق الناس، ولا يمكن تصور الاخلال بمبادئ المساواة والعدالة في اعمال حكوماتها ، ولا يستطيع احد ان يستخدم السلطة لحرمان مواطن من حقه، والصورة الاولية البسيطة المنطبعة عن تلك الدول انها دول قانونية ودستورية تترتب فيها الحقوق على المواطنة لا غير، ولذلك حققت تقدمها في حين اننا ما نزال ننازع المواطن الاردني على ابسط حقوقه الاولية للاسف، ونعبر عن بدائية في سلوكنا السياسي.