القضاء الإسرائيلي يسهّل تهجير المقدسيين
مهدت عملية اقتحام القوات الإسرائيلية مقر الصليب الأحمر بالقدس المحتلة، واختطاف نواب كتلة الإصلاح والتغيير مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي لإبعادهم عن المدينة بعد سحب إقاماتهم، الطريق لمختلف أذرع المؤسسة لمواصلة مخططها القاضي بتفريغ المدينة من الفلسطينيين سعيا لتهويدها.
وتجندت المحكمة العليا الإسرائيلية لمنح الصبغة الشرعية لهذه الإجراءات حين قضت بشطب الالتماس التمثيلي الذي قدمته "جمعية حقوق المواطن" و"مركز الدفاع عن الفرد" الذي طالب باستصدار أمر احترازي يلزم وزارة الداخلية بالكف عن اعتماد سياسة سحب الإقامة المقدسية من العائلات الفلسطينية وتهجيرها من المدينة.
وسببت المحكمة موقفها بأن الالتماس يعتمد بالأساس على البعد النظري العام ولا يرتكز على حالات عينية محددة تضررت من سحب الإقامة، على الرغم من أن المحكمة ذاتها تماطل ومنذ عام 2006 في البت بالتماس عيني ومحدد بخصوص سحب الإقامة من نواب المجلس التشريعي عن القدس وإبعادهم عن المدينة.
تطهير عرقي
واتهم النائب المقدسي أحمد عطون (متزوج وأب لخمسة أولاد) إسرائيل بممارسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين بالقدس. وأكد أن مختلف أذرع مؤسسة الاحتلال بما فيها القضائية تنسق وتعمل فيما بينها لتهجير السكان الأصليين تحت مسميات مختلفة.
وسرد عطون -الذي أبعد مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى رام الله- معاناته بإبعاده عن مدينته وتشريده عن عائلته وحرمانه من التواصل مع مجتمعه المقدسي وشعوره بالغربة بوطنه، مبينا رفضه عدم المساهمة بقرار الإبعاد والإبقاء على زوجته وأولاده بالقدس والاكتفاء باللقاء بهم نهاية الأسبوع برام الله، حيث يرفض الحصول على هوية بديلة لقناعته بعودته للقدس وإن كان بعد حين.
واعتبر الإجراءات الإسرائيلية بسحب الإقامات من العائلات المقدسية وإبعادها عن المدينة جريمة حرب. ولفت الانتباه إلى تشييد جدار الفصل العنصري الذي سلخ العديد من الأحياء السكنية عن المدينة، ودعا إلى عدم التعويل على القضاء الإسرائيلي الذي يعتبر شريكا بالجريمة.
وعزا هذا التصعيد الإسرائيلي الراهن إلى الفراغ السياسي وعدم الاكتراث عربيا وفلسطينيا بملف القدس، قائلا "هذا الصمت يطلق العنان لإسرائيل للمضي قدما بمخططاتها التهجيرية للفلسطينيين وإتمام مشروعها الصهيوني بإنجاز تهويد القدس".
طرد وإبعاد
ويقطن القدس نحو 360 ألف فلسطيني بينما يبلغ تعداد اليهود قرابة ستمائة ألف مستوطن، ويسكن الأحياء التي فصلها الجدار نحو 160 ألف فلسطيني سحبت الإقامة منهم تدريجيا.
ويستعد الملتمسون التوجه مرة ثانية خلال أيام إلى المحكمة بالتماس باسم المواطنة المقدسية نادية خليل، التي سحبت إقامتها ويتهددها الطرد والإبعاد، وهي تشكل نموذجا محددا لضحايا سياسات الداخلية الإسرائيلية التي مست خلال السنوات الخمس الأخيرة أكثر من سبعة آلاف فلسطيني فقدوا الإقامة المقدسية ولا يسمح لهم بالعودة لمدينتهم.
مواطنون بالميلاد
واعتبرت المحامية نسرين عليان من "جمعية حقوق المواطن" الإجراءات الإسرائيلية بسحب الإقامة من الفلسطيني المقدسي مساسا بالحقوق الأساسية للسكان الأصليين. وأشارت إلى أن تشريد العائلة ومنع لم شملها يمثل مخالفة لمبادئ حقوق الإنسان العالمية، وخرقا للقانون الدولي الذي يكفل الحماية للسكان بالقدس محتلة.
وقالت عليان للجزيرة نت إن وزارة الداخلية الإسرائيلية ضاعفت خلال الأعوام الأخيرة حالات سحب الإقامة من المقدسيين بهدف تقليص أعداد الفلسطينيين، معتمدة على قرار للمحكمة العليا من العام 1988، حيث فسرت القانون الإسرائيلي بأنه ينظر لفلسطينيي القدس على أنهم "مهاجرون".
وأوضحت أنه وبموجب هذا التفسير يحق لأذرع المؤسسة المختلفة الشروع بسحب إقامة كل مقدسي لم ينجح بإثبات أن مركز حياته بالمدينة، أو لم يثبت أن ليس لديه سكن خارج حدودها لأي هدف كان.
واستمرت عليان لتقول إن الجمعيات الحقوقية تدعو لمنح سكان القدس الفلسطينيين مكانة "مقيمين محميين" كونهم سكانا أصليين بالمدينة المحتلة، وأن تمتنع إسرائيل عن اعتبارهم "مهاجرين أجانب" حصلوا على تصريح مكوث دائم قد يسحب منهم بأي لحظة، حيث يجب الفصل والتمييز بين الإقامة الدائمة الممنوحة للغرباء والمهاجرين الأجانب، وبين إقامة الفلسطينيين بالقدس المحتلة باعتبارها مكان الولادة لهم.الجزيرة