ضعف التعليم المبكر .. غياب للعدالة الاجتماعية وانعكاسات سلبية على المسيرة الأكاديمية
جو 24 :
يروي اربعيني مفارقة بينه وبين طفلته ابنة الست سنوات، في «الشغف» للذهاب الى المدرسة، فهو التحق بالصف الاول، عندها لم يكن يعرف حرفا او كتابته، ومنذ اليوم الاول، وهو مكلف بالحفظ والواجبات، ما ولّد لديه كرها لمبنى المدرسة والقائمين عليها، بينما أبنته التي تنتظر الصباح يطل، ليبدأ مشوار «الشروق» والفرحة لديها لاستقبال يوم جديد ومفاجآت جديدة تكون موضوعات حديثها بعد العودة من المدرسة .
كان ينتظر بشغف ايام العطل، كان يتظاهر بالمرض، إلا أن ابنته عكسه تماما.
ليكون السؤال ما هو السبب؟
هنالك اسباب متعددة، يطرحها خبراء ودراسات في هذا المجال، إلا أن جميعها تصب في إطارها العام في ضعف الرعاية للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، والتي تنعكس اثار ذلك الضعف على نفسية الطفل في تقبل البيئة الجديدة (المدرسة)، بإعتبار انهم غير مهيئين لهذه المرحلة ما يؤدي إلى تأخر نجاحهم أو فشلهم في وقت يرى خبراء ومختصون ان العدالة الاجتماعية تقتضي انه من حق جميع الأطفال الالتحاق بالمدرسة وهم مهيئون للنجاح وقادرون عليه.
هذا التشخيص، ينطبق تماما على المفارقة بين الوالد وابنته، فهو التحق بالمدرسة مباشرة، بينما طفلته منذ بلوغها سن الرابعة وهي تتعايش مع اجواء مشابهة للمدرسة، ما جعل تقبلها للتطور في عملية التعليم ليس غريبا.
وتؤكد مساعدة كلية العلوم التربوية لشؤون الجودة في الجامعة الاردنية الدكتورة ديالا الحميدي ضرورة ان تكون مرحلة ما قبل المدرسة الزامية، رغم كلفتها، بإعتبار ان الاستثمار في هذه المرحلة سيخفف من كلف المراحل المتقدمة للعملية التعليمية سواء ماديا او تربويا وعلميا.
وتشير الى ان العملية التعليمية تمر بمراحل تطور، لجهة انه في السابق كان المعلم «لا يسمع إلا صوت نفسه»، في اشارة الى اسلوب التدريس الذي لا يراعي الفروق الفردية بين الطلبة، في حين انه في الوقت الحالي الطالب هو المستهدف بحيث يتم مراعاة ميوله ورغباته وابداعاته ومحاولة التركيز عليها لتنميتها لا قتلها.
ومن هذا الواقع، تشدد الدكتورة الحميدي على ضرورة الزامية التعليم المبكر،وان لا تكون حكرا على صاحب الامكانيات، بإعتبارها مرحلة «التهيئة»، بما يعزز حب الطفل للمدرسة، مشيرة الى أن مسمى مرحلة «الروضة» يتطلب توفير متطلباته من معلم مهيأ وبيئة مدرسية مناسبة واساليب تعليمية حديثة.
ورغم ان واقع الحال، لا يصبو الى اي الطموح، إلا ان الدكتورة الحميدي، ترى في واقع التعليم الاردني الافضل في المنطقة، وان المحافظة عليه والسعي لتطويرها يتطلب تضافرا للجهود ومزيدا من العمل ومواكبة العصر.
وتشير دراسات الى أن اهمية ضرورة الاستثمار في التعليم المبكر للاطفال تكمن بانها مؤثرة في صقل الشخصية والمرحلة الاهم في غرس الفضائل الدينية والاخلاقية وبناء الانسان المتزن فكريا وبدنيا، الى جانب ان شريحة السكان في الاردن تحت سن (6) سنوات تبلغ مليون طفل ونسبتهم (63%) تقريبا من اجمالي الطلبة في جميع مراحل التعليم.
وتعزز احصائيات اهمية مرحلة التعلم المبكر، إذ أن نتائج احد الاستبيانات التي أجرتها مؤسسة الملكة رانيا تشير الى أن (40%) من الأمهات لا يقرأن لأبنائهن، رغم أن بحوِثا تظهر أن الأطفال الذين تتم القراءة لهم هم في الغالب أكثر قدرة على التعرف على 10 حروف من حروف اللغة العربية مع بلوغهم سن الخامسة. الى جانب ان (65%) من البيوت لا تحتوي على كتب تناسب أعمار الأطفال في العائلة.
وتشير دراسات الى أن معدلات الإلتحاق في الأردن بـ»الروضة 2» و»الروضة 1» ودور الحضانة هي على التوالي (60%) و(28%) و(2%)، وان معدل الإلتحاق في المرحلتين الأولى والثانية لرياض الأطفال في الأردن إلى (38٪) في عام 2015 ، وهي نسبة متدنية مقارنةً بمتوسط البلدان ذات الدخل المتوسط.
وتشير نتائج دراسة استقصائية استهدفت مدارس محددة واجراها البرنامج الدولي عام 2012 إلى أنَّ مشاركة الآباء في المدارس غائبة إلى «حدٍ كبير» إذ أن (76%)من الطلاب ملتحقون في مدارس تعتبر فيها مشاركة أولياء الأمور قليلة جدأ، في حين فقط (24%) من الطلاب يلتحقون بمدارس يوجد بها مشاركة من الآباء لتحقيق التحسين في المدرسة.
وكان حسب خطط الجهات المسؤولة ان يتم زيادة عدد الاطفال الملتحقين بـ»رياض الاطفال 2» من (5400) عام 2005 ليصل الى (23) الفا عام 2014 في القطاع العام و(68) الفا في القطاع الخاص، إلا أن هذا الطموح لم يتحقق بسبب العديد من التحديات.
ويرى خبراء ان هذا الواقع يتطلب اصلاحات جذرية لمواجهة تحديات عدم مواءمة التشريعات الحالية وضعف السياسات والبرامج ذات العلاقة بمؤهلات الكوادر البشرية والنقص في التمويل اللازم لزيادة برامج التنمية والتعليم المبكر وتطوير المناهج.
ويشيرون الى ان مواجهة التحديات والمعيقات تتمحور في تعديل الاطار التشريعي والمؤسسي وزيادة إمكانية الالتحاق والمساواة وتحسين نوعية تنمية الطفولة المبكرة وإعداد استراتيجية إعلامية تهدف الى رفع مستوى الوعي لدى المجتمع وزيادة نسبة مشاركة الاباء وتبني نهج شامل لتنمية الطفولة المبكرة وتطوير اليات التمويل وتحسين التخطيط الاستراتيجي والبحوث وادارة المعلومات والمتابعة والتقييم.الراي
كان ينتظر بشغف ايام العطل، كان يتظاهر بالمرض، إلا أن ابنته عكسه تماما.
ليكون السؤال ما هو السبب؟
هنالك اسباب متعددة، يطرحها خبراء ودراسات في هذا المجال، إلا أن جميعها تصب في إطارها العام في ضعف الرعاية للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، والتي تنعكس اثار ذلك الضعف على نفسية الطفل في تقبل البيئة الجديدة (المدرسة)، بإعتبار انهم غير مهيئين لهذه المرحلة ما يؤدي إلى تأخر نجاحهم أو فشلهم في وقت يرى خبراء ومختصون ان العدالة الاجتماعية تقتضي انه من حق جميع الأطفال الالتحاق بالمدرسة وهم مهيئون للنجاح وقادرون عليه.
هذا التشخيص، ينطبق تماما على المفارقة بين الوالد وابنته، فهو التحق بالمدرسة مباشرة، بينما طفلته منذ بلوغها سن الرابعة وهي تتعايش مع اجواء مشابهة للمدرسة، ما جعل تقبلها للتطور في عملية التعليم ليس غريبا.
وتؤكد مساعدة كلية العلوم التربوية لشؤون الجودة في الجامعة الاردنية الدكتورة ديالا الحميدي ضرورة ان تكون مرحلة ما قبل المدرسة الزامية، رغم كلفتها، بإعتبار ان الاستثمار في هذه المرحلة سيخفف من كلف المراحل المتقدمة للعملية التعليمية سواء ماديا او تربويا وعلميا.
وتشير الى ان العملية التعليمية تمر بمراحل تطور، لجهة انه في السابق كان المعلم «لا يسمع إلا صوت نفسه»، في اشارة الى اسلوب التدريس الذي لا يراعي الفروق الفردية بين الطلبة، في حين انه في الوقت الحالي الطالب هو المستهدف بحيث يتم مراعاة ميوله ورغباته وابداعاته ومحاولة التركيز عليها لتنميتها لا قتلها.
ومن هذا الواقع، تشدد الدكتورة الحميدي على ضرورة الزامية التعليم المبكر،وان لا تكون حكرا على صاحب الامكانيات، بإعتبارها مرحلة «التهيئة»، بما يعزز حب الطفل للمدرسة، مشيرة الى أن مسمى مرحلة «الروضة» يتطلب توفير متطلباته من معلم مهيأ وبيئة مدرسية مناسبة واساليب تعليمية حديثة.
ورغم ان واقع الحال، لا يصبو الى اي الطموح، إلا ان الدكتورة الحميدي، ترى في واقع التعليم الاردني الافضل في المنطقة، وان المحافظة عليه والسعي لتطويرها يتطلب تضافرا للجهود ومزيدا من العمل ومواكبة العصر.
وتشير دراسات الى أن اهمية ضرورة الاستثمار في التعليم المبكر للاطفال تكمن بانها مؤثرة في صقل الشخصية والمرحلة الاهم في غرس الفضائل الدينية والاخلاقية وبناء الانسان المتزن فكريا وبدنيا، الى جانب ان شريحة السكان في الاردن تحت سن (6) سنوات تبلغ مليون طفل ونسبتهم (63%) تقريبا من اجمالي الطلبة في جميع مراحل التعليم.
وتعزز احصائيات اهمية مرحلة التعلم المبكر، إذ أن نتائج احد الاستبيانات التي أجرتها مؤسسة الملكة رانيا تشير الى أن (40%) من الأمهات لا يقرأن لأبنائهن، رغم أن بحوِثا تظهر أن الأطفال الذين تتم القراءة لهم هم في الغالب أكثر قدرة على التعرف على 10 حروف من حروف اللغة العربية مع بلوغهم سن الخامسة. الى جانب ان (65%) من البيوت لا تحتوي على كتب تناسب أعمار الأطفال في العائلة.
وتشير دراسات الى أن معدلات الإلتحاق في الأردن بـ»الروضة 2» و»الروضة 1» ودور الحضانة هي على التوالي (60%) و(28%) و(2%)، وان معدل الإلتحاق في المرحلتين الأولى والثانية لرياض الأطفال في الأردن إلى (38٪) في عام 2015 ، وهي نسبة متدنية مقارنةً بمتوسط البلدان ذات الدخل المتوسط.
وتشير نتائج دراسة استقصائية استهدفت مدارس محددة واجراها البرنامج الدولي عام 2012 إلى أنَّ مشاركة الآباء في المدارس غائبة إلى «حدٍ كبير» إذ أن (76%)من الطلاب ملتحقون في مدارس تعتبر فيها مشاركة أولياء الأمور قليلة جدأ، في حين فقط (24%) من الطلاب يلتحقون بمدارس يوجد بها مشاركة من الآباء لتحقيق التحسين في المدرسة.
وكان حسب خطط الجهات المسؤولة ان يتم زيادة عدد الاطفال الملتحقين بـ»رياض الاطفال 2» من (5400) عام 2005 ليصل الى (23) الفا عام 2014 في القطاع العام و(68) الفا في القطاع الخاص، إلا أن هذا الطموح لم يتحقق بسبب العديد من التحديات.
ويرى خبراء ان هذا الواقع يتطلب اصلاحات جذرية لمواجهة تحديات عدم مواءمة التشريعات الحالية وضعف السياسات والبرامج ذات العلاقة بمؤهلات الكوادر البشرية والنقص في التمويل اللازم لزيادة برامج التنمية والتعليم المبكر وتطوير المناهج.
ويشيرون الى ان مواجهة التحديات والمعيقات تتمحور في تعديل الاطار التشريعي والمؤسسي وزيادة إمكانية الالتحاق والمساواة وتحسين نوعية تنمية الطفولة المبكرة وإعداد استراتيجية إعلامية تهدف الى رفع مستوى الوعي لدى المجتمع وزيادة نسبة مشاركة الاباء وتبني نهج شامل لتنمية الطفولة المبكرة وتطوير اليات التمويل وتحسين التخطيط الاستراتيجي والبحوث وادارة المعلومات والمتابعة والتقييم.الراي