تفاصيل مروعة ...ما الذي دفع المتفوقة الحافظة للقرآن لقتل أخيها الطفل في غزة
هلْ هيَ قاسيةٌ لهذهِ الدرجةِ، بأن تدفعَ الصوّامة القوامَة، حافظة القرآنِ الكريمِ (هـ، ن) ابنة التاسعة عشر عامًا، بأن تقتلَ أخاهَا ذا الأربعة أعوامٍ، خنقًا بعدما أطعمته وحملته إلى السّرير، الذي كانَ غطاؤه كالكفنِ، المودِي لقبرٍ مظلمٍ.
صغيرةٌ هِي، حينمَا طُلقت أمُها، وتزوّج بأخرى، لتبدأَ رحلةً قطعة من عذابٍ، كانتْ جرعتُها كافيةً بأن تقلبَ الحنونةَ إلى قاتلةٍ بعمرِ الوردِ، فأحالتها شوكًا يبددّ الفرحَ، ويدمِي القلبَ، ويثيرُ ضبابًا على العينين، فلا تدرِي أين المسير.
قطعةٌ من عذابٍ
خدّامةٌ ومهانةٌ وذليلةٌ ومحرومةٌ، كلماتٌ صغيرةٌ أمامَ عظمةِ المعاناةِ، وشراسةِ أبٍ لا يعرف للرحمةِ سبيلًا، بعدما انفصلت أمّها بسبب سلوكياتٍ مشينةٍ لا يقبلها عاقلٌ، ولا يستوعبها عقلٌ، ولا يتحملها صابرٌ صبورٌ.
كانَ كُلِ حلمها، أن ترى أمها، وأن تخطو قدماها نحو معاقلِ العلمِ، التي لم تر منها، سوى حقائب الذاهبين والعائدين من المدراس، فعاشت حياةً قاسيةً، مليئة بالهمومِ والمتاعبِ والتضييق والمعاملةِ السيئة، التي صنعت جسدًا قادرًا على الانفجارِ في أي لحظةٍ.
جلباب مهترئ وحرمان من العلم
تناظرُ إخوانَها من أبيها، وهم يتزينون للذهاب إلى المدرسة، تصحبهم البسماتُ والضحكاتُ العالية، في مدارسهم الخاصة، حاملين الأمل والفرحَ والسعادة، في حين هي لم تتذوق ولو للحظةٍ من كأسِ السعادةِ رشفةً تغير حالها الأسود، ففصلها أبوها من المدرسة وهي في الأول الثانوي، على الرغم من تفوقها الدراسي، وكتابتها للشعر.
وعلى صعيدِ الملبسِ والمأكل، فهي على الدوام تلبس جلبابَ شقيقتها الوحيدة المهترئ التي استشهدت في مطلع العام 2009، إبان العدوان الإسرائيلي الشرس على قطاع غزة، إضافة إلى رفض الأب قبول أي ملابسٍ من والدتها، كما كانت تصومُ كثيرًا من قلةِ الطعام التي يتاح لها في البيت.
يدورُ الأبُ حولها وهي نائمة، يقرأ كلامًا غير مفهومٍ، أشبه بالتعاويذ، التي جعلتها تستيقظ مرعوبة، تلف البيت، حتى أصبحت تبحث عن القهوةِ في كل مكانٍ، لتحافظ على استيقاظِها، خوفًا منه ومن جبروتِه، وخشية أن يسيل دمها كما حصل في مراتٍ كثيرةٍ، من ضرب أبيها وزوجتــه.
تراكماتٌ أوصلت للانفجارٍ
صرخاتُها أقوى من البركان حين الغليان، وألمها أشد من عاصفةٍ هبّت على قريةٍ وهي خاوية، وآهاتها كفيضانٍ حطّم سدّ الحياةِ وأملِها، وكل شيءٍ جميلٍ فيها، رغم حفظها للقرآن الكريم!
فأطعمت أخاها وهي حالةٍ نفسيةٍ لا يمكن أن تصفها الكلماتُ والحروف، خنقــته بيديها، وهي شبه نائمةٍ تتذكر مشهدًا مؤلمًا، بأن زوجة الأب اعتادت على وضع الملعقة في حلقها، وقص خصلاتٍ من شعرها بلا أدنى ذنبٍ، فكان من الممكن أن تصنعا يداها أملًا وحبًا وفرحًا، وأن تحملا ورود عروسةٍ أو شهادةَ جامعةٍ، لكنهما حملا القهر الذي أنذر بالانفجار مرارًا وتكرارًا، لكنه انفجر لحظةً بلا وعيٍ، فمن باستطاعته أن يوقف الانفجار؟!
وطالب المصدر المقرب في حديثه لــ"فلسطين الآن"، بعرض الفتاة على طبيبٍ نفسي، وانقاذها، مؤكدًا أن الفتاة ارتكبت الجريمة بلا قصدٍ، موضحًا أنها بعد ارتكابها الجريمة، استمرت بالجلوس قرب الطفل، لتتأكد من نومه، وحملته إلى سريره، واكتشفت الجريمة صباحًا.
هذه الرواية جاءت على لسانِ أحد المقربين جدًا من الفتاة، فيما أكد مصدر مسئول بعض المعلومات التي وردت.
المصدر : فلسطين الآن