جيش إلكتروني لمساندة معركة الفلوجة
قبل أن يوعز رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بانطلاق عملية "تحرير" مدينة الفلوجة (62 كم غرب العاصمة بغداد) في وقت مبكر من الاثنين الماضي، كان ناشطون معروفون على مواقع التواصل الاجتماعي يهيئون لحملة إعلامية عبر "تويتر" و"فيسبوك" لدعم المعركة بأسلوب لا يخلو من الإساءة والتغاضي عن الانتهاكات، بحسب مطلعين.
ووجد الناشطون أن "الحرب الإعلامية" تستدعي تكثيف النشر على "تويتر" بعد اكتشافهم "أهميته" في الوقت الذي يبتعد العراقيون عن هذه المنصة، لصالح "فيسبوك"، الذي يعدونه الأقرب إليهم، والأكثر تعبيراً عن تطلعاتهم.
وتكشف لـ"الخليج أونلاين" أن مجموعة من الإعلاميين وخبراء في شبكات التواصل الاجتماعي، جمعتهم عدة لقاءات مع منظومة استخبارية تابعة لوزارة الداخلية العراقية، قبل فترة من انطلاق معركة الفلوجة، للعمل على تكثيف الضغط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال حملات مستمرة لجعل "الوسوم" دائماً تتصدر "الترند" العالمي.
ووفقاً لمصدر مطلع من داخل الحكومة العراقية، دعم رئيس الوزراء حيدر العبادي هذه المجموعة، وأوعز بتخصيص مالي لعناصرها، وتفريغهم للعمل على الحملة، وتنفيذ جميع ما يحتاجونه.
ولفت المصدر إلى أن المجموعة "اشترت أكثر من 40 ألف حساب عراقي على تويتر"، مؤكداً أن الحسابات تلك "وهمية؛ لأجل المساعدة على تنفيذ أهداف الحملة".
ومن خلال عدد من الصحفيين المقربين من عناصر المجموعة، توصل علي الزبيدي، مراسل "الخليج أونلاين" إلى أن الحملة تستهدف منع أي إساءة تلحق بالقوات العراقية، وهذا أمر طبيعي، لكن الأهم أن تعمل على "تلميع" دور المليشيات.
ووفقاً للمعلومات التي وردت، فإن التعليمات التي وضعت للمجموعة في سبيل إيصال أهداف حملتها أن تحاول قدر الإمكان تجنب الألفاظ الطائفية، وتسمية سكان المدن التي يتوجه إليها الجيش والمليشيات، بأنهم "أبناء شعبنا، أهلنا، إخواننا"، وأن يتم اعتماد وسوم (هاشتاغات) تتضمن اسم "الحشد" وإظهاره على أنه يمارس دوراً وطنياً في تحرير المدن وقتال تنظيم "الدولة".
كذلك فإن من بين الأهداف التي تعمل عليها المجموعة، تتبع التغريدات التي تنادي بالحفاظ على دماء الأبرياء في المدن التي تتجهز القوات العراقية والمليشيات لاقتحامها، ومحاربتها بمختلف الوسائل الإعلامية.
وعلى هذا الأساس، يتم متابعة المغردين الذين يتفاعلون مع الوسوم (الهاشتاغات) التي تنادي بالحفاظ على الأبرياء في المدن، وإبعاد "المليشيات" عن المعارك؛ لكونها تمارس دوراً طائفياً انتقامياً، بحسب رأيهم.
وتُتهم "المليشيات" بجرائم طائفية، وانتهاكات لحقوق الإنسان، في مرات عديدة وثقتها منظمات ووسائل إعلام محلية وإقليمية ودولية، كذلك أكدها مراسلو "الخليج أونلاين" في العراق، مشددين على أن "المليشيات"، وهي جميعها "شيعية"، مارست قتل مواطنين أبرياء وإحراق وهدم منازل ومساجد وأسواق في مناطق "سنية" مختلفة بالعراق.
وتشارك المليشيات في معركة الفلوجة، بقيادة واضحة من قبل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وهو ما ترفضه نسبة كبيرة من العراقيين.
ونظراً إلى ذلك تعمل المجموعة المكلفة في إدارة "الحرب الإعلامية" بحسب ما أطلقوا عليها، باستهداف شخصيات مؤثرة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاولة إرباكها، والتأثير على قراراتها لأجل إسكاتها عن النشر حول موضوع العراق عموماً ومعركة الفلوجة خاصة.
وتستخدم المجموعة أساليب مختلفة منها الرسوم الكاريكاتيرية، وهو ما فعلوه في محاربتهم لمجموعة من أشهر الإعلاميين العرب، وعلى رأسهم الإعلامي فيصل القاسم.
وأكد مراسل "الخليج أونلاين" أن "مجموعة من الرسامين والمصورين والمصممين تم استخدامهم لتقديم أعمال فنية تناسب موضوع محاربة الشخصيات الرافضة لمشاركة إيران والمليشيات في معركة الفلوجة".
في هذا الصدد قال عدد من الكتاب والإعلاميين العراقيين، العاملين في مؤسسات إعلامية خارج العراق، إنهم قاموا بحظر العديد من الأشخاص، الذين صاروا يتجاوزون عليهم بكلمات نابية في صفحاتهم الشخصية بـ"تويتر".
وأكدوا أن كثيراً من تلك الصفحات "وهمية"؛ لأنها "حديثة الإنشاء ولا تحمل صورة صاحبها وليس لها أي نشاطات سابقة".
من جهته قال الصحفي عمار الشمري: إن "غالبية الصحفيين العراقيين تحولوا نحو تويتر منذ انطلاق معركة الفلوجة".
وأضاف في حديثه أن "الصحفيين العراقيين تناقلوا فيما بينهم أن الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي مهمة، وعلى الجميع المشاركة فيها، وأكدوا أن الأهمية تكمن في تويتر".
وأشار إلى أنه "ليس الصحفيون فقط، بل إن نسبة كبيرة جداً من العراقيين دشنوا حسابات على تويتر، بعد أن تم تحشيدهم من قبل ناشطين معروفين وشخصيات لها نسب متابعة عالية على فيسبوك، الذي يعتبر منصة العراقيين الأولى بين مواقع التواصل الاجتماعي"، لافتاً إلى أن "ما حصل هي هجرة العراقيين من فيسبوك إلى تويتر، والسبب معركة الفلوجة".
يشار إلى أن الفلوجة تتلقى منذ الاثنين الماضي ضربات صاروخية ومدفعية موجعة، شملت أحياءها عشوائياً دون تحديد، وتعاني من نحو عام حصارين؛ أحدهما داخلي من قبل تنظيم "الدولة"، الذي يمنع السكان من مغادرة المدينة، ويتخذ منهم دروعاً بشرية، وحصاراً خارجياً تفرضه القوات العسكرية العراقية والمليشيات، تمنع خلاله دخول أي مواد غذائية أو علاجية.
وأدى الحصار إلى حصول وفيات من جراء نقص الغذاء والدواء، فيما عمد التنظيم إلى إعدام عدد من السكان، بسبب محاولتهم الهرب من المدينة.