مرض خطير ينتشر من سوريا للشرق الأوسط بأكمله.. كيف تساهم الحروب في نقله؟
تتعرض منطقة الشرق الأوسط، التي مزقتها الحروب وتشرد فيها الملايين، لجرثوم مداري يتسبب فى حدوث تشوهات في جلود البشر، وهو بدأ ينتشر فى جميع أرجاء المنطقة سريعاً.
وقد بدأ هذا الوباء المعروف باسم داء "الليشمانيا" الجلدية بالظهور فى سوريا والمناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم داعش كالرقة، ودير الزور، والحسكة على وجه الخصوص.
ويتسبب هذا المرض الطفيلي –الذى ينتشر بين البشر نتيجة لدغات ذُبابَة الرّمل الحاملة للمرض– فى حدوث نُدب وتشوهات حادة في منطقة الوجه، وعادةً ما يعجز الأطباء عن علاجها، وفقاً لتقرير نشرته صحيفةالديلي ميلالبريطانية.
هيأت الحرب الأهلية فى سوريا، التي كانت وراء المناخ الخصب لنمو وتكاثر ذبابة الرمل الحاملة للمرض، ما ساهم في ازدهار المرض ونموه، خاصة وأن الحرب أدت إلى تدمير المنشآت الطبية الخاصة في البلاد، وكانت السبب أيضاً وراء قتل آلالاف من العاملين في مجال الصحة وحدوث نقص حاد في المياه العذبة والمؤن.
داعش
وقد ادّعى الهلال الأحمر الكردي أن إلقاء تنظيم داعش للجثث المتعفنة فى الشوارع هو السبب وراء انتشار المرض وهو الأمر الذي دحضه بعض العلماء.
وقد فر ما يقرب من 4 ملايين سوري إلى أجزاء أخرى من المنطقة كـ تركيا، ولبنان، والأردن حاملين معهم الوباء لتلك المناطق.
ووفقاً لوزارة الصحة اللبنانية، فقد ظهر ما يقرب من 1033 حالة إصابة جديدة بذلك المرض في لبنان، 96% من هذه الحالات كانت بين اللاجئين السوريين النازحين إلى لبنان.
والأمر لم يقتصر على لبنان فقط، فقد أفادت بعض التقارير عن ظهور آلاف الحالات في تركيا، والأردن، وشرق ليبيا، واليمن وربما أيضاً في أوروبا، ويأتي هذا في الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف من انتشار الوباء فى السعودية بسبب نزوح الكثير من اليمنيين إليها.
المخيمات
وقد تزيد مخيمات اللاجئين المؤقتة من فرص انتشار المرض بسبب سوء التغذية، وسوء المسكن، ونقص المنشآت الطبية واكتظاظها، وذلك بجانب توافر المناخ المثالي المُفضل لدى ذبابة الرمل التي تعيش في المناطق ذات المناخ الرطب والتي تتراوح فيها درجات الحرارة ليلاً بين 27 إلى 28 درجة مئوية، وخير مثال على هذا تلك التقارير الواردة من الجانب التركي والتي تفيد بوجود مئات الإصابات بذلك الوباء داخل مخيم نيزب للاجئين الذي يقع جنوب تركيا.
وقد صرح دكتور وليد السالم، وهو أحد مؤلفي الأبحاث التى أُجريت بكلية الطب المداري في جامعة ليفربول البريطانية، بأن الوضع فى غاية السوء، وأن الانتشار السريع للوباء لم يقتصر فقط على سوريا بل وانتقل مع النازحين إلى البلدان المجاورة كالعراق، ولبنان، وتركيا، وحتى شرق أوروبا، وما زالت هناك، على حد قوله، الكثير والكثير من الحالات التى تظهر بشكل مستمر في المنطقة، ولكن لا يُنظر إليها بالاهتمام المطلوب بسبب عدم القدرة على التوصل للإحصائيات الدقيقة حول العدد الحقيقي للمصابين بذلك المرض.
وقد استطرد قائلاً "عندما يُلدغ الشخص بواسطة ذبابة الرمل –الصغيرة والضئيلة للغاية– فإن ظهور أعراض الإصابة بالمرض قد تستغرق من 2 إلى 6 أشهر وهذا يعنى ضمنياً أن شخصاً ما قد يكون أصيب بالمرض أثناء تواجده فى سوريا ثم فر بعد ذلك إلى لبنان أو تركيا أو حتى أوروبا حاملاً معه الوباء".
انهيار النظام الصحي
ويُرجح الدكتور وليد السبب وراء تفشي الوباء بهذا الشكل المريع إلى انهيار النظام الصحي داخل سوريا بسبب الحرب، وهو ما ساهم في خلق المناخ المثالي لتفشي الأمراض والأوبئة.
ويقول الدكتور بيتر هوتز، عميد الكلية الوطنية الأميركية للطب المداري، قائلاً "نحن فى حاجة ماسة إلى تحجيم هذا الوباء وإلا سنصبح جميعاً أمام حالة مشابهة لوباء الإيبولا الذي ضرب مناطق النزاعات فى غرب إفريقيا عام 2014".
ويقول هوتز إنهم لم يتمكنوا إلا من الحصول على بعض اللمحات البسيطة عن الوضع الخطير لذلك الوباء وذلك من خلال اللاجئين الفارين من مناطق الحرب إلى المخيمات الموجودة بالأردن، ولبنان، وتركيا.
وذكر هوتز أن داء الليشمانيا الجلدي هو واحد من أصل 17 مرضاً من الأمراض المدارية التى تم تصنيفها من قبل منظمة الصحة العالمية.
كيف يمكن التصدي له؟
ويسبب هذا الوباء بعض التقرحات المنفرجة على الجلد، وصعوبة فى التنفس، ونزيف فى الأنف، وصعوبة فى البلع.
وللتغلب على هذا الوباء، فإن الأمر يتطلب –وفقاً لبعض العلماء– التبليغ المبكر عن ظهور أعراض المرض، وإعطاء التدريب اللازم للأطباء لعلاج هذا المرض بالشكل الصحيح، وتحسين الأوضاع داخل مخيمات اللاجئين، والاستمرار فى مراقبة الأوضاع حتى بعد انحسار المرض والقضاء عليه.