ميريام فارس حضنت طفلها وتفوّقت
جو 24 :
على رغم استعراض رافق الحَمْل والإنجاب، تُعدّ "غافي" أنبل مشاعر ميريام فارس وأصدق ما غنّت. تحضن طفلها وتحمي بريق العينين بقلب يكبر بخفقان الروح البريئة وتثاؤبها. كليب يختزن أمومة متفوّقة يملأها التوق إلى الذروة منذ كان بذرة وتكوّن في الأحشاء تسعة أشهر.
تتخلّى فارس عن حاجة الكليب إلى ممثلة وتكون أماً على حقيقتها لا أكثر. الأمومة هنا خالية من زيفها وادّعاءاتها والمبالغات التي تشدّ الأنظار إلى الخواء. لم يُطلب من فارس سوى تجسيد اللحظة. كاميرا شيرين خوري جنَّبت الأغنية ما يفسدها، فقدّمتها ببساطة معبّرة وانسياب رقيق. إنّها علاقة أم بطفلها وعلاقته بها حين كان جنيناً يكبر في الأعماق. علاقة تتجلّى بنظرة. بحنان في بسمة. ببطن راقبت أمٌ انتفاخه وبعد مخاض ضمّت طفلاً إلى صدرها. وربما ذرفت دمعة ونظرت إلى السماء وقالت شكراً. أو "ميرسي"، لا فارق.
يستعيد الكليب مراحل خروج الطفل إلى الضوء، من غير أن يملأ المشهد صوراً مألوفة. لم يحتج إلى كلّ اللحظات لاختزال لحظة واحدة. لحظة النظر في عينين غافيتين والاطمئنان إلى قلب ينبض وأنفاس رقيقة تواجه العالم. ثمة أشياء لا يستطيع المرء تمثيلها أو حتى الاقتراب منها. سيُكتشف ويُفتَضح وتظهر إخفاقاته. الأمومة لا تُمثّل، تماماً كعذاب فراق الأحبة. تأتي صافية مثل عذوبة شلالات متفجّرة وطاهرة مثل قبلة أولى. كليب بالأسود والأبيض، بكادر واحد تقريباً، بصورة تكاد تبدو ثابتة، من دون إضافات مُضخَّمة، يقول إنّ الأمومة صدقٌ إنساني ونبل روحي صافٍ. تأتي الأغنية مكمّلاً، بجميل كلمات فارس اسكندر ولحن سليم سلامة. عملٌ من القلّة المُصنّفة ضمن النوعية الجيدة. "غافي حبيبي غافي، دخلك يا شفافي ما تحكي ولا كلمة بتوعيه. خافي يا إيديّ خافي، شدّي حبيبي عليِّ شوي شوي وبقلبي خبيه"، كانت النظرة حقيقية. لا تُمنَح إلا لمن هم في عمق القلب. للطفل الأول الذي يبدّل حياة امرأة ويمنحها الحياة.النهار