في رمضان.. اختم سفرة الإفطار بفنجان من قهوة التمر!
تبدأ الأسر المسلمة هذه الأيام بشراء التمور والرطب بأنواعها وتخزينها استعداداً لشهر رمضان، إذ تعد المكون الأساسي مما يعرف مصرياً بـ "ياميش رمضان".
وللرطب (البلح) فوائد طبية أثبتها العلم الحديث، حيث رصدت دراسة جديدة صادرة عن معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، فوائد الثمرة نفسها، إلى جانب أحد مكوناتها غير المستغلة، والتي تعرف بـ "النوى".
كانت النوى تُستخدم سابقاً في إطالة الشعر، وتشير وصفات شعبية إلى خلط مطحونها مع زيت الزيتون وحبة البركة، واستخدام الخلطة بانتظام لمدة شهرين.
لكن الجديد الذي توصلت إليه د.داليا الشيخ، الباحثة في معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، هو استغلال مطحون النوى في صناعة مشروب بديل للقهوة، وبذلك تأكل الأسر العربية الرطب على مائدة الإفطار في رمضان، وتشرب عصير نواه في السهرات الليلية!
فكرة هذا المشروب كانت عنواناً لدراسة نشرتها في المجلة المصرية للتغذية قبل عامين، وذلك بعدما اكتشفت تحول مخلف نوى التمر إلى مادة ذات قيمة غذائية.
وتم تحويل نوى التمر إلى مشروب بخطوات سهلة وبسيطة تبدأ بتحميصه في الفرن، ثم طحنه، ومن ثم وضعه في الماء أو الحليب ليصبح مشروبا طبيعيا.
وتقول الباحثة، "اختبرت عدة نسب من مطحون نوى الرطب لكل كوب ماء أثناء تحضير المشروب 3 و6 و9 غرام، فوجدت أن أفضل نكهة تأتي كلما زادت كمية مطحون النوى".
ورغم أن الباحثة المصرية قدمت هذه الفكرة الجديدة في البداية كمشروب، إلا أنها فكرت لاحقاً في اختبار فوائده الصحية، وذلك في بحث آخر نشرته مؤخراً في مجلة التغذية العالمية World Journal of Dairy & Food Sciences - Idosi.
فوائد صحية
وتقول الشيخ، "قيمة هذا المشروب أنه لا يقدم فقط بديلاً لمشروب الكاكاو، لكنه أيضاً مفيد من الناحية الصحية”.
واختبرت الباحثة الفوائد الصحية للمشروب على مستويين؛ الأول مكافحة الميكروبات المسببة لبعض الأمراض مثل الإنفلونزا، وكذلك الخلايا السرطانية.
وتقول، "حصلت من هيئة المصل واللقاح على أنسجة من خلايا سرطان الكبد والقولون، ووجدت بعد تعريض تلك الأنسجة لمحلول نوى الرطب، أنه يضعف خلية سرطان القولون بنسبة 50 %، بينما يضعف الأخرى بنسبة 30 %".
وكررت د. الشيخ التجربة مع الميكروبات، حيث قارنت تأثير محلول نوى الرطب والمضادات الحيوية التي تستخدم لمكافحتها، وكانت النتيجة في صالح نوى الرطب.
وتعود القيمة الصحية الكبيرة لنوى الرطب إلى احتوائه على المركبات الفينولية ومركبات الفلافونيد.
وتقول الباحثة، "تمكنت من فصل 17 مركب فينولي من نوى الرطب، وتسعة مركبات فلافونيد، باستخدام جهاز HPLC، وهي مركبات تعرف بأنها مضادة للأكسدة، بما يجعلها مفيدة في مقاومة الأمراض السرطانية".
وتثق د. الشيخ في أن الفوائد الحسية والصحية لهذا المشروب، ستؤهله لأن يطرح في الأسواق من خلال أحد المستثمرين، ”أعرف أن الأمر قد يأخذ وقتاً، لكن أثق بأن الله لن يضيع جهدي".
وحول إمكانية صناعة هذا المشروب في المنزل، تضيف "هناك صعوبة في ذلك، لأنه يحتاج لدرجة تحميص معينة، كما أنه يحتاج أيضا لمطحنة بمواصفات خاصة".
صناعة منزلية
ويرى خبير التسويق خالد حسب الله، أن توفير أجهزة للتحميص والطحن بأحجام صغيرة، لصناعة هذا المشروب منزلياً، قد يكون الوسيلة الأنسب للتطبيق.
وقال حسب الله، "الحبيبات التي يتم استخدامها في صناعة القهوة، يتم زراعتها ثم حصادها لهذا الغرض، لكن الرطب يتم زراعته لاستهلاكه في غرض آخر، والنوى مخلف ثانوي يتم القاؤه".
ويتساءل، "إذا أردنا تطبيق الفكرة على نطاق تجاري، فكيف سيتم تجميع كمية كبيرة من هذا النوى؟ عندها سنواجه نفس مشكلة مخلف قش الأرز، وهي أن صعوبة جمع كميات كبيرة منه في مكان واحد تحول دون الاستفادة منه".
وختم، "لكن إذا كانت الإمكانيات متاحة في المنزل، فعندها يمكن صناعة المشروب، وهذا يجعل منه قيمة مضافة تميزه عن القهوة".