jo24_banner
jo24_banner

جولة على المسلسلات: السذاجة قاعدة فأين الاستثناء؟

جولة على المسلسلات: السذاجة قاعدة فأين الاستثناء؟
جو 24 :

ماذا تتوقّعأيها المُشاهد من كمّ المسلسلات الهائل؟ علّمتك التجربة الرمضانية أنّه يستحيل التخلّص من السذاجات. ترافقك مهما تتبدّل المحطات، وبالكاد يستطيع النجاة. نتساءل كلّ سنة عن غايات المسلسل ومقاصده، ونشاء ألا تنتشر التفاهة والمضامين المنقوصة والرخص. ولكن لا مفر. يتراءى#رمضانللبعض مستوعباً لفضلات النصوص وضآلة الحظوظ والتجارب الخاطئة، فيصبّ على الشاشات أعمالاً لن تساوي قيمتها، مهما ارتفعت، قيمة كوب جلاب بارد في لهيب هذا الطقس. قلة تكترث للجمالية المشهدية الممزوجة بأناقة مع نصّ متين وأداء تمثيلي لائق. الباقون عقول تبتغي الربح وتجار مَشاهد ومُشاهد.


أينويلاتالجحيم السوري في رمضان 2016؟ أين الجراحات والذعر البشري وغرق القوارب؟ إشكاليات تتعلّق بالإنسان والحرب والأوطان واللجوء والقلق والبقاء والهزيمة، لا تتراءى واضحة بعد، أقلّه في الإعلانات الترويجية للأعمال المندفعة نحو السباق. قصص الحبّ الفارغة مشروعٌ "رابح" رغم ارتباكاته في مواسم فائتة. رمضان هذه السنة إعادة تدوير موضوعات الاستهلاك الرهيب على مستوى الحبّ والغرام والنظرات المُفتعلة والخفقان البائس.

ثمة تحدٍ أمام "يا ريت" (كتابة كلوديا مارشليان وإخراج فيليب أسمر، وبطولة ماغي بو غصن ومكسيم خليل وقيس شيخ نجيب- "أم تي في") لإثبات العكس. والقول: "نعم، أنا مسلسل مختلف". لنا عودة لاحقة لبطولات ماغي بو غصن الرمضانية. وبطولات أخرى لا تقلّ مهارة. وتحدٍ آخر هو عودة "ليالي الحليمة 6" (كتابة أيمن بهجت قمر وعمرو ياسين، وإخراج مجدي أبو عميرة- "أل بي سي آي") بزخم قصصه في الذاكرة ورهانه على آهات العشاق والقلب الخافق كأنه يعزف.

 

 

حبّ "عاصف"، خيانة، صراع الفقر والمال، عناوين السنة وكلّ السنوات. ولا بدّ من الانتقام وغزارة الدمع. ننتظر من "نصّ يوم" (كتابة بسام سلكا، وإخراج سامر البرقاوي- "الجديد") خروجاً من الدائرة المغلقة حيث المشهد المعلّب. نادين نسيب نجيم وتيم حسن ثنائي "تشيللو" (رمضان 2015) في عودة أخرى تجرّ ثمار التجربة السابقة. الحبّ بديع، لكنّه لا يحمل عملاً عربياً إلى القمة. العمق يفعل، وتفادي الاستسهال والقشرة. لا تترك الأعمال المشتركة هذه السنة رغبة في اقتحامك. أو جعلك تشعر أنك في الوسط، لا على هامش الأشياء. "جريمة شغف" (كتابة نور شيشكلي وإخراج وليد ناصيف- "الجديد")، عمل عربي مشترك عنوانه الحبّ والانتقام، بدايته حسنة. قصي خولي بين خمس نساء منهن أمل عرفة ونادين الراسي. سنتسلّى، فالمطلوب أن يمرّ الوقت. وقد نتسلّى بالخواء وسذاجة الوجوه والصبيانية. إنّها الحال مع مسلسلات تدّعي أنّ اسم الممثل وحده ينقذ ماء الوجه. فتتكاثر الأسماء وتغرق الوجوه بحيائها.

 

 

يطرح "وين كنتي" (كتابة كلوديا مارشليان وإخراج سمير حبشي- "أل بي سي آي") إشكالية زواج شابة من كهل، وبالنسبة إلينا هو أحد المسلسلات المُنتظرة، لا جرّاء الفكرة فحسب بل لأنّ ريتا حايك تؤدي دور البطلة. وهي تستحقّ بعد إبداع مسرحي قدّمته في "فينوس". وننتظر "الندم" أيضاً (كتابة حسن سامي يوسف وإخراج الليث حجو- "الجديد") عن دمشق العام 2014 بمنعطفاتها السياسية، يرويها كاتب أربعيني يبدأ من سقوط بغداد العام 2003 وينتهي في العام 2015 مع ما يعنيه الصراع من انهيار قيم وبروز طبقة جديدة من المنافع والمصالح. لعلّ خراب الحرب حال دون التوغّل في طرح إشكالية سوريا المأزومة من خلفيات عميقة. تلكؤ بعض شركات الإنتاج؛ قلّة الخيارات لدى بعضها الآخر؛ تشرذم مفهوم الانتماء إلى الوطن؛ والنَفَس الرقابي الحاد، كلّها صنعت إشكاليات تسير مطأطئة الرأس، تختزن دلالات صامتة لا مفرّ لظهورها سوى الإحالة على منطق الإسقاطات. فرَفًع "باب الحارة" مثلاً (تأليف سليمان عبدالعزيز وإخراج ناجي طعمة- "أل بي سي آي"، "أم بي سي") شعارات وطنية لمّاعة وكثّفَ الوعظ المتعلّق بإشكالية التطرّف الديني- التسامح الإنساني، وجعل للمرأة حضوراً خارج الإذعان المطلق للرجل وحبس النَفَس. كذلك في "سمرقند" (كتابة محمد البطوش وإخراج إياد الخزوز- "المستقبل"، "أم بي سي")، ثمة ذلك الخطاب المناهض لاستغلال الشباب بذرائع دينية وإعلاء صوت الاعتدال على التشدّد. وهو ذروة ما ترفعه المسلسلات الكامنة على بُعد سياسي اليوم، ضمن محاكاة لواقعية راهنة لا تميّز كثيراً بين المضمون الآتي بسياق تاريخي أو بجوّ ظلامية الحاضر وانكساراته.

 

 

سنعود لاحقاً لقضايا الأوطان الموجوعة، والنكران إن أصاب الدراما أو لا. إننا الآن أمام ثلاثية رمضانية ساطعة: الحبّ، المال، السياسة. كلّها تتفرّع إلى تابع ولاحق، كتفرّع الحبّ إلى انتقام وخديعة وخيانة، والمال إلى استبداد وفساد وطمع (يبلغ أقصاه في "العراب 2- تحت الحزام"؛ كتابة خالد خليفة وإخراج حاتم علي- "أل بي سي آي") حيث المال يفكك الأسر ويحوّل أفرادها وحوشاً ضارية)- والسياسة إلى ثنائيات كالاعتدال والتطرّف؛ الواقعية والشعار؛ الصمت والخطاب...

 

 

الواضح أنّ المسلسلات لم تجدّ مفراً من التورّط بإحدى وجوه هذه الثلاثية. لا وجود لها خارج الحبّ والسياسة والمال، ومَن يقرر لنفسه سِرباً آخر، يلجأ منتكساً إلى الجريمة البوليسية الطارئة على دراما رمضان، المفتقرة حرفيتها ونضوجها، إلى حين إثبات العكس. مسلسلات عدّة ركيزتها الجريمة (لاحظ أنّها دائماً جريمة "غامضة")، منها "الخروج" (تأليف محمد الصفتي وإخراج محمد جمال العدل- "سي بي سي"، "المستقبل") حيث تولد الجريمة أصابع اتهام موجّهة إلى كثيرين، ليتبيّن أنّها ليست سوى باب لجرائم أخرى، و"صدر الباز" (كتابة رامي المدني وبتول ورد وإخراج تامر اسحق- "المنار") عن جريمة قتل يُتهم فيها صاحب مقهى الحارة ابرهيم القبضاي ويُحكم بالسجن، كذلك "سبع أرواح" (تأليف محمد سيد بشير، وإخراج طارق رفعت- "أبو ظبي")، حول المصادفة الخاطئة حين يُحكم بالإعدام على رجل اتُهم بجريمة قتل امرأة ليتبيّن أنّها لم تمت. و"الميزان" (تأليف باهر دويدار وإخراج أحمد خالد موسى- "أو أس أن")، عن عالم الجريمة والمحاكم والمحاماة، وسائر الألاعيب والخطط والمؤامرات. من دون أن ننسى جريمة الشرف في "يونس ولد فضة" (كتابة عبد الرحيم كمال وإخراج أحمد شفيق- "أن بي أن"، "أم بي سي")، وإن كانت لها مقاربة أخرى عن النماذج المذكورة.

 

 

من عناوين السنة: البخل مع عادل إمام في "مأمون وشركاه" (كتابة يوسف معاطي وإخراج رامي إمام- "أم بي سي")، التحرّش الجنسي في المدارس مع غادة عبدالرازق في "الخانكة" (تأليف محمود دسوقي وإخراج محمد جمعة- "النهار" المصرية، "أو أس أن")، الاضطراب النفسي مع نيللي كريم في "سقوط حرّ" (تأليف مريم نعوم ووائل حمدي، وإخراج شوقي الماجري- "سي بي سي"، "أوربت مسلسلات") عن امرأة مضطربة متهمة بالقتل، فتدخل المصحة لتواجه صراع الذات والآخر، ومع يسرا في "فوق مستوى الشبهات" (تأليف عبدالله حسن وأمين جمال وإخراج هاني خليفة- "سي بي سي"، "القاهرة والناس")، عن مريضة نفسياً، ظاهرها لطيف وباطنها يحمل نزعة الشر.

البيئة الشامية ما عادت تُدهش، مهما تألقت الوجوه وتكثّفت المحاولات، وننتظر من "خاتون"(تأليف طلال مارديني وسيف حامد وإخراج تامر اسحق- "أم تي في") فارقاً في المقاربة والاتجاه ومستوى الخطاب، فلا يكون امتداداً لقصص حبّ عابرة ونسخة عن تجارب تحوّلت تجارية رخيصة، كحال نسخ الحارات (وما أكثرها!) على الشاشات.

 

 

لا بدّ من متابعة "مش أنا" مع كارين رزق الله (المسلسل من كتابتها وإخراج جوليان معلوف- "أل بي سي آي") مع آمال بتركيبة أفضل، يبدو من الحلقة الأولى أنّها ممكنة. إننا نبحث عن بسمة. ضوء رقيق ينير الوجه ويجعل العين تلمع. كوميديا رمضان ما عادت مدهشة. كلّها محاولات تسير بين ألغام السياسة والحرب وخراب الأوطان. "بقعة ضوء 12" (إخراج سيف الشيخ نجيب، "المنار")، كوميديا فقدت روحيتها حين تواطأت وحوّلت البسمة وجهة نظر. ولا ندري أيّ البسمات قد يرخيها "الطواريد" (كتابة مازن طه وإخراج مازن السعدي- "أل بي سي آي") وعلى أيّ وجوه. ما نعلمه أنّ ارتباك البسمة أفضل من "ضحك" عنيف بائس يتباهى به رامز جلال العائد بـ"رامز بيلعب بالنار" ("أم بي سي") بأقصى احتمالات السخافة.



تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير