ديزني لاند إسلامية في قلب الصين
جو 24 :
وأصدرت بكين مؤخرا "وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية"، التي تعد بمثابة خارطة طريق للمستقبل كما تخطط لها بكين بهدف تطوير وترميم العلاقات بين الجانبين، التي تأثرت مؤخرًا بسبب تداعيات الربيع العربي، لا سيما الحرب في سوريا، التي تقف فيها الصين إلى جانب نظام دمشق.
بدأت أعمال بناء المدينة، التي يطلق عليها أيضًا "حديقة (مسلمي) الهُوي الثقافية"، عام 2012، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منها عام 2020، وخصص لبنائها 3.7 مليار دولار.
ويحمل مشروع بناء "مدينة المسلمين العالمية"، عددًا من الجوانب التي تستهدفها، فالحكومة الصينية لم تختر بناء المدينة في إقليم تركستان الشرقية (شينجيانغ) الذي يقطنه مسلمو الأويغور، ذوي الأصول التركية، وإنما قررت بناءها في مدينة "ينتشوان" مركز منطقة "نينغشيا" ذاتية الحكم، التي يعيش بها مسلمو "الهُوي"، ذوي الأصول الصينية.
بالإضافة إلى الرسائل التي ترغب الصين في إرسالها إلى المسلمين في منطقتها وحول العالم، من خلال المشروع، فإن اختيار موقع المشروع في أحد مراكز طريق الحرير القديم، يحمل كذلك أهدافًا اقتصادية وتنموية.
التقارب الصيني العربي
أظهرت الصين منذ ثمانينات القرن الماضي، نزعة للتقارب مع العالم العربي، بسبب حاجتها إلى مصادر الطاقة، وعلى رأسها النفط، مع بدء ظهورها الاقتصادي.
ومع دخول القرن العشرين، بدأت الصين تتحول إلى قوة سياسية عالمية، بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية، وبالتالي عملت على تنويع علاقاتها مع دول العالم، بحيث لا تقتصر على الاقتصاد والتجارة.
وفي تلك المرحلة بدأت علاقات الصين بالدول العربية تأخذ منحى آخر، عبر التعاون العسكري، والاستثمارات في البنية التحتية، والمشاريع الصناعية، وغيرها.
وتبع ذلك إطلاق منتدى التعاون العربي الصيني، ومؤتمرات الصداقة العربية الصينية، واجتماعات الحوار بين الحضارات العربية الصينية.
وهذا الانفتاح الصيني على العالم العربي، يعد جزءًا من سياسة الانفتاح على العالم، حيث ترى بكين نفسها قوة عالمية.
وجاءت "وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية" المعلن عنها خلال الزيارة، التي أجراها الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى مصر والمملكة العربية السعودية، بداية العام الجاري، لتوضح منظور الصين لعلاقاتها مع العالم العربي.
وتشمل علاقات الصين مع الدول العربية، مجالات عدة من الطاقة إلى التدريب، ومن الإعلام إلى عمليات السلام، ومجالات التكنولوجيا، والاستثمار، والاقتصاد، وغيرها الكثير، بشكل يشير إلى بدء مرحلة انفتاح صيني على العالم العربي، يشبه انفتاح الصين على أفريقيا الذي بدأ عام 2015.
خلق تصور جديد عن الإسلام في الصين من خلال الهُوي
تريد السلطات الصينية من خلال مشروع مدينة المسلمين العالمية، إظهار أن مسلمي الصين ليسوا فقط من الأويغور الذين يعيشون في إقليم تركستان الشرقية (شينجيانغ)، ويعانون من سياسات تمييز تتحول إلى العنف أحيانا.
ويأتي ذلك عبر إنشاء المدينة في المنطقة التي يقيم بها المسلمون الذين ينتمون إلى قومية الهُوي، التي تتقاسم مع قومية ألـ "هان" (القومية الرئيسية في الصين) الكثير من القيم الثقافية واللغوية، بحسب مراقبين.
كما يمكن القول أن النظام الصيني، يسعى من خلال المشروع، الذي يطلق عليه أيضًا اسم "حديقة الهُوي الثقافية"، إلى الترويج لتصور خاص عن الإسلام، وبنائه الثقافي.
حيث ستعرض المدينة الأماكن والطقوس والثقافة الإسلامية، من منظور الدولة الصينية، ويتوقع أن يتزامن ذلك مع بدء حكومة بكين نشر تصورها عن الإسلام وشعائره، في المجتمع.
تشعر الصين بالحاجة إلى توصيل رسالة إيجابية للمجتمعات المسلمة، في إطار سعيها لتطوير علاقاتها مع العالم العربي، بغض النظرعن سياساتها السلبية تجاه مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية، وبالتالي تسعى الصين عبر مشروع مدينة المسلمين العالمية، إلى تحقيق هدفين رئيسين، الأول هو تجديد صورتها العالمية بخصوص علاقتها مع الإسلام والمسلمين، والثاني هو بناء أساس "ناعم" لعلاقاتها التي ترغب في توسيعها مع العالم العربي.
ثقافة الترفيه واحتكار الدين
من غير الممكن الآن معرفة الأبعاد التي ستركز عليها مدينة المسلمين العالمية، وتلك التي ستتجاهلها، إلا أنه توجد بعض المؤشرات على أن هذا المشروع يستهدف السياح العرب الأغنياء، ما دفع بعض المراقبين الغربيين لكي يطلقوا على هذا المشروع اسم "ديزني لاند الإسلامية".
ويشير اسم المشروع، إلى الطبيعة الترفيهية له، بالإضافة إلى تبنيه منظور استشراقي، متأثر بحكايا ألف ليلة وليلة، والحكايا الشبيهة. وهو ما يعني أن المشروع يركز على الترفيه، والسياحة الدينية/ العلمانية.
كما يُظهر المشروع أن المساحة التي يفتحها نظام شيوعي لدين مثل الإسلام، تكون خاضعة لاحتكار مؤسسات الدولة.
ويحمل المشروع أيضًا جانبًا اقتصاديًا، حيث يرتبط بشكل مباشر بمشروعي طريق الحرير البري والبحري، الذين أعلن عنهما الرئيس الصيني أول مرة عام 2013، ويمر كلا الطريقين عبر العالم العربي، وبالتالي فإن مشروع مدينة المسلمين العالمية، يمنح مدينة "ينتشوان" بعدًا جديدًا، سيما أنها تقع على طريقي الحرير التاريخي والحديث.
ضمن الخطوات التي تتخذها الصين للتقارب مع العالمين العربي والإسلامي، ثقافيًا واقتصادياً، تقوم سلطات بكين بإنشاء "مدينة المسلمين العالمية" أو كما أطلق عليها البعض "ديزني لاند الإسلامية"، في مدينة "ينتشوان"، شمال غربي الصين.
وأصدرت بكين مؤخرا "وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية"، التي تعد بمثابة خارطة طريق للمستقبل كما تخطط لها بكين بهدف تطوير وترميم العلاقات بين الجانبين، التي تأثرت مؤخرًا بسبب تداعيات الربيع العربي، لا سيما الحرب في سوريا، التي تقف فيها الصين إلى جانب نظام دمشق.
بدأت أعمال بناء المدينة، التي يطلق عليها أيضًا "حديقة (مسلمي) الهُوي الثقافية"، عام 2012، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منها عام 2020، وخصص لبنائها 3.7 مليار دولار.
ويحمل مشروع بناء "مدينة المسلمين العالمية"، عددًا من الجوانب التي تستهدفها، فالحكومة الصينية لم تختر بناء المدينة في إقليم تركستان الشرقية (شينجيانغ) الذي يقطنه مسلمو الأويغور، ذوي الأصول التركية، وإنما قررت بناءها في مدينة "ينتشوان" مركز منطقة "نينغشيا" ذاتية الحكم، التي يعيش بها مسلمو "الهُوي"، ذوي الأصول الصينية.
بالإضافة إلى الرسائل التي ترغب الصين في إرسالها إلى المسلمين في منطقتها وحول العالم، من خلال المشروع، فإن اختيار موقع المشروع في أحد مراكز طريق الحرير القديم، يحمل كذلك أهدافًا اقتصادية وتنموية.
التقارب الصيني العربي
أظهرت الصين منذ ثمانينات القرن الماضي، نزعة للتقارب مع العالم العربي، بسبب حاجتها إلى مصادر الطاقة، وعلى رأسها النفط، مع بدء ظهورها الاقتصادي.
ومع دخول القرن العشرين، بدأت الصين تتحول إلى قوة سياسية عالمية، بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية، وبالتالي عملت على تنويع علاقاتها مع دول العالم، بحيث لا تقتصر على الاقتصاد والتجارة.
وفي تلك المرحلة بدأت علاقات الصين بالدول العربية تأخذ منحى آخر، عبر التعاون العسكري، والاستثمارات في البنية التحتية، والمشاريع الصناعية، وغيرها.
وتبع ذلك إطلاق منتدى التعاون العربي الصيني، ومؤتمرات الصداقة العربية الصينية، واجتماعات الحوار بين الحضارات العربية الصينية.
وهذا الانفتاح الصيني على العالم العربي، يعد جزءًا من سياسة الانفتاح على العالم، حيث ترى بكين نفسها قوة عالمية.
وجاءت "وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية" المعلن عنها خلال الزيارة، التي أجراها الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى مصر والمملكة العربية السعودية، بداية العام الجاري، لتوضح منظور الصين لعلاقاتها مع العالم العربي.
وتشمل علاقات الصين مع الدول العربية، مجالات عدة من الطاقة إلى التدريب، ومن الإعلام إلى عمليات السلام، ومجالات التكنولوجيا، والاستثمار، والاقتصاد، وغيرها الكثير، بشكل يشير إلى بدء مرحلة انفتاح صيني على العالم العربي، يشبه انفتاح الصين على أفريقيا الذي بدأ عام 2015.
خلق تصور جديد عن الإسلام في الصين من خلال الهُوي
تريد السلطات الصينية من خلال مشروع مدينة المسلمين العالمية، إظهار أن مسلمي الصين ليسوا فقط من الأويغور الذين يعيشون في إقليم تركستان الشرقية (شينجيانغ)، ويعانون من سياسات تمييز تتحول إلى العنف أحيانا.
ويأتي ذلك عبر إنشاء المدينة في المنطقة التي يقيم بها المسلمون الذين ينتمون إلى قومية الهُوي، التي تتقاسم مع قومية ألـ "هان" (القومية الرئيسية في الصين) الكثير من القيم الثقافية واللغوية، بحسب مراقبين.
كما يمكن القول أن النظام الصيني، يسعى من خلال المشروع، الذي يطلق عليه أيضًا اسم "حديقة الهُوي الثقافية"، إلى الترويج لتصور خاص عن الإسلام، وبنائه الثقافي.
حيث ستعرض المدينة الأماكن والطقوس والثقافة الإسلامية، من منظور الدولة الصينية، ويتوقع أن يتزامن ذلك مع بدء حكومة بكين نشر تصورها عن الإسلام وشعائره، في المجتمع.
تشعر الصين بالحاجة إلى توصيل رسالة إيجابية للمجتمعات المسلمة، في إطار سعيها لتطوير علاقاتها مع العالم العربي، بغض النظرعن سياساتها السلبية تجاه مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية، وبالتالي تسعى الصين عبر مشروع مدينة المسلمين العالمية، إلى تحقيق هدفين رئيسين، الأول هو تجديد صورتها العالمية بخصوص علاقتها مع الإسلام والمسلمين، والثاني هو بناء أساس "ناعم" لعلاقاتها التي ترغب في توسيعها مع العالم العربي.
ثقافة الترفيه واحتكار الدين
من غير الممكن الآن معرفة الأبعاد التي ستركز عليها مدينة المسلمين العالمية، وتلك التي ستتجاهلها، إلا أنه توجد بعض المؤشرات على أن هذا المشروع يستهدف السياح العرب الأغنياء، ما دفع بعض المراقبين الغربيين لكي يطلقوا على هذا المشروع اسم "ديزني لاند الإسلامية".
ويشير اسم المشروع، إلى الطبيعة الترفيهية له، بالإضافة إلى تبنيه منظور استشراقي، متأثر بحكايا ألف ليلة وليلة، والحكايا الشبيهة. وهو ما يعني أن المشروع يركز على الترفيه، والسياحة الدينية/ العلمانية.
كما يُظهر المشروع أن المساحة التي يفتحها نظام شيوعي لدين مثل الإسلام، تكون خاضعة لاحتكار مؤسسات الدولة.
ويحمل المشروع أيضًا جانبًا اقتصاديًا، حيث يرتبط بشكل مباشر بمشروعي طريق الحرير البري والبحري، الذين أعلن عنهما الرئيس الصيني أول مرة عام 2013، ويمر كلا الطريقين عبر العالم العربي، وبالتالي فإن مشروع مدينة المسلمين العالمية، يمنح مدينة "ينتشوان" بعدًا جديدًا، سيما أنها تقع على طريقي الحرير التاريخي والحديث.