وجهان للرقص المغربي يشغلان باريس
البلجيكي سيدي العربي شرقاوي بشهرة عالمية واسعة في دنيا الرقص المعاصر. فهو منذ أسس فرقته الشخصية العام ٢٠٠٠، لا يكف عن تقديم استعراضاته في القارات الخمس، مستعيناً في كثير من الأحيان بوجوه جديدة متنوعة الجنسيات، إذ يرفض البقاء في إطار واحد محدد ويرغب في أن تعبر عروضه عن مدى إنفتاحه على الثقافات والفنون المختلفة، وذلك من خلال راقصين وراقصات من ذوي الهويات المنتمية إلى دول عدة.
بدأ شرقاوي تقديم عرضه «فراكتوس ٥» في قاعة «لا فيليت» الضخمة في باريس منذ أيام ويستمر حتى ١٨ حزيران (يونيو) الجاري. ويستوحي العرض من أعماله السابقة مضيفاً إليها بعض الفقرات الجديدة بإيحاء من الأوضاع السياسية العالمية الراهنة، ذلك أن شرقاوي وفق تعبيره الشخصي، ينظر إلى الرقص المعاصر على أنه حركة سياسية بحتة لا تتجزأ أبداً عن الواقع اليومي الذي نعيشه كلنا أينما كنّا. وإذا كانت عروضه السابقة قد دارت حول وضع معين، فإن فقرات عرضه الجديد تأتي ثرية بما تعيشه الشعوب بسبب العولمة، خصوصاً أن في فرقته راقصين من الشرق والغرب (من أفارقة وعرب وأوروبيين وآسيويين وأميركيين جنوبيين). ويتحرك كل راقص بمفرده على الخشبة، قبل أن تتحول الحركات إلى جماعية معبرة عن إلغاء الحدود واختلاط الشعوب بعضها ببعض بما يعنيه ذلك من إيجابيات. أما السلبيات فتظهر في العرض من ناحية تصرفات بعض الحكومات أو الأنظمة السياسية.
وإذا كان الجزء الأول من العمل يعتمد على الرقص الفردي إياه في أسلوب انسيابي، فتجدر الاشارة الى أن الجزء الثاني منه يتسم بصعوبة إيصال الأفكار للمشاهد الذي علــيه التركيز جيداً على ما يدور على الخشبة وأن يقرأ المعاني بين الحركات.
وفي العرض رفض لأي نوع من أنواع الحدود بين البلدان، فيطير الراقصون في الهواء في شكل جماعي، مسقطين الأسوار بين الشعوب.
وذلك على إيقاع موسيقي شرقي يمزج العربي بالهندي ينبع من حفرة أسفل الخشبة يختبئ فيها عازفان فقط يشكلان وحدهما روح العرض من الناحية السماعية.
وفي الفترة ذاتها يحتل الفنان المغربي الشاب رضوان مريزيغا (٣٠ سنة) قاعة «كارتوشريه دي فانسين» في إطار مهرجان «أحداث يونيو» (جون إيفنتس) مقدماً عرضه بعنوان «٥٥». يقدم مريزيغا العرض بمفرده على الخشبة، مؤدياً ما يؤديه أعضاء فرقة شرقاوي في عرض «فراكتوس ٥»، أي التحليق في الهواء رافعاً ذراعيه ومتخذاً كإيحاء فني مظهر الرجل الرافع ذراعه متطلعاً إلى السماء، كما تخيله وكتبه المهندس والمؤلف والفنان السويسري الفرنسي لو كوربوزييه (١٨٨٧/١٩٦٥) مبتكر التيار الحديث، في زمانه. ونقطة التحليق هذه هي التي تربط بين عملي شرقاوي ومريزيغا، إضافة إلى جذورهما المغربية. ويقول رضوان مريزيغا إن عمله المقبل سيحمل عنوان «٧» وينقل المتفرج عبر التحليق والخيال إلى مصر وأهرام الجيزة التي هي إحدى عجائب الدنيا السبع.