صحيفة نيسان: جمانة غنيمات.. رئيسة تحرير بكعب عالٍ
جو 24 :
كتب ابراهيم قبيلات - استطاعت جمانة غنيمات ان تخترق "تابوهات" اعتقدنا لزمن انها محرمة على المرأة الاردنية، فدخلت تاريخ الصحافة الأردنية، بصفتها أول رئيس تحرير لصحيفة ورقية باللغة العربية، بكعب عال، ومن بوابتها الإعلانية.
كيف تكتب عن صحافية تعرف جيداً سر "اللعبة" ومرتكزاتها؟، حسناً، هي محاولة محفوفة بالكثير من المطبات والألغام، غير أننا سنحاول.
وكأن النساء خلقن ليشعلن الصحافة حماسة أو جدلاً، لا يهم كثيراً، المهم أنهن بيننا يلبسن تنانيرهن القصيرة، وبكعوب عالية مع رشة عطر.
من جبال السلط الباسقة امتشقت طولها، وهناك عاشت طفولتها، وهناك أيضاً دخلت مدارسها، وتعلمت كيف تفتح عينيها على الدنيا لترى جيداً، فظلت تنظر أول النهار إلى نابلس، وفي آخره تغمض جفنيها على وهج العاصمة عمان.
وهل أجمل من أن تتحرك على اتساع قلمك يمينا وشمالاً وشرقا وغرباً من دون أن تعبأ لمحاذير الجغرافيا ولواعج التاريخ.
جلست غنيمات على كرسي رئاسة التحرير أوائل العام 2012، مدفوعة بأحلام وبتحديات كثيرة، تسندها زهرات من الخبرة، قطفت على عجل، فهي تدرك جيداً أن للصحافة فضاءات متجددة، ولا بد من تطويعها أو ترويضها.
"ترويض" بدأته تطبيقاً على نفسها أول المشوار، إذ دخلت الرأي عبر بوابتها الإعلانية على غير ما تشتهي، في حزيران 1996، بعد أن تخرجت من الجامعة الأردنية، وبيدها شنطة تخبئ بها مكياجاً، وشيئا من ذكريات الدراسة، إلى جانب درجة البكالوريوس في العلوم السياسية.
محطتها الأولى ومنطلقها
صحيح أنها انفقت سنتين من عمرها في دائرة الرأي الإعلامية، بعيدة عن مطبخ التحرير، ووجع الصحافة، لكنها مبكراً تصالحت مع نفسها، وانصاعت لرغبتها في الصحافة، فانتقلت إلى الدائرة الاقتصادية، محطتها الصحافية الأولى ومنطلقها.
بعد أقل من عقد من الزمان، كانت جمانة تجلس على كرسي رئيس التحرير لصحيفة الغد، حينها فقط حصدت ثمار تينك السنتين في الدائرة الاعلانية، في مواءمة بين خط الإنتاج المهني وبين وقوده اليومي من دون ان يطغى احدهم على الاخر، وسط شارع صحافي تتقاذفه امواج البقاء والصمود.
في الحقيقة، علينا أن نعترف بشيء. إن غنيمات؛ -الزوجة، والأم، والصحافية- طوت سلسلة من القفزات النوعية في حياتها المهنية، ولعل ذلك سيكون من أبرز متاعبها أو مباعث البهجة لديها لا ندري.
لا يمكن الحديث عن رئيسة تحرير الغد بمعزل عن أثر تجربتها في صحيفة "السجل" الأسبوعية، لعدة سنوات، هناك، اختبرت نفسها وأدواتها، وعادت تنسحب بهدوء إلى أحضان السياسة، من دون أن تهجر حليفها "الاقتصاد".
في السجل، خاضت تجربة تكثفها غنيمات لصحيفة نيسان بالتالي :"السجل" علامة فارقة في المشوار الصحافي...قدمتني فيما بعد إلى الغد".
بالنسبة لزملاء غنيمات فإنهم مطمئنون لدور زميلتهم في ضبط إيقاع مؤسستهم، ومدها بكامل عوامل النجاح والفرادة، عبر إدخال أدوات "الدجتل ميديا" إلى قلب المهنة، من دون إغفال لهوية الصحيفة الورقية ورؤيتها، في محاكاة للتطور الطبيعي لمهنة تعكس نبض الحياة وألقها.
"زملاء" ترى بهم غنيمات "قناديل مضيئة طوّعوا خبراتهم، وكرسوا أوقاتهم لتتمكن صحيفتهم، من قول كلمتها وسط زحمة إعلامية انفلقت فلقتين؛ ورقياً وإلكترونياً.
وقبل أن نغادر السجل لنذهب إلى بلكونة جمانة وقهوتها في الغد، كان لا بد من الغوص باتجاه "السجل"، والاستماع إلى حديث الدكتور مصطفى حمارنة الذي استعاد أياماً جمعته بصحافية تأتي إلى جريدتها مبكراً "منكوشة" الشعر، بعد أن تودّع أبناءها بقبلة الصباح على أبواب المدرسة.
امرأة عربية نالت إعجاب الحمارنة
يقول الحمارنة في حديث لصحيفة نيسان :منذ اللحظة الأولى التي بدأت بها غنيمات العمل في "السجل" كان واضحاً لدي أنني أمام شابة بقدرة هائلة على الإنتاج النوعي، وتطوير الذات، والانفتاح على كل المدارس الفكرية.
"طاقتها غير المحدودة كانت تذهلني" يقول الحمارنة الذي يدرك كلف الصحافية الأم والزوجة على مهنتها، باختصار " كانت تيجي الصبح ركاض، وشعرها مبلول ومودية العيال على المدارس، ونازلة شغل على الكمبيوتر".
الحمارنة يمسك بيد "نيسان" ويذهب بها "ذهنياً" إلى شارع "الجاردنز"، حيث كانت الصحيفة، ليقول عن زميلته : "إنها امرأة عربية نالت كل اعجابي".
إعجاب الحمارنة لا يتأتى هكذا، ومن دون موجبات حتمية، فقد سبق الإعجاب محطات حوارية يومية يترك بها المجال فسيحاً امام الصحافية لتدافع عن مادتها أو مقالها بعد أن تكون حوّطتها بكامل أسباب الوجاهة الصحافية.
يقول الحمارنة :لم تكن جمانة "دوقماتيكية"، بل تتملكها نزعة لان تكون غاضبة، ويتجلى ذلك في مقالاتها، فترى الغضب يقفز قفزأ ويتطاير من من كلماتها .
لم يتفاجأ الحمارنة بصعود غنيمات المهني، ولا يخفي سروره بذلك، سيما وأنه يرى "الغد" اليوم، جريدة يقرأها الناس من كل الخلفيات السياسية.
ما لها وما عليها
لكن على جمانة أن تستمع لما يقوله حمارنة الأن: اعتقد ان كثيراً من مقالات الغد بحاجة الى تحرير أكثر، وهذا لا تستطيع ان تقوم به جمانة منفردة".
ليس هذا فقط يا جمانة، فهناك زملاء آخرون لديهم ما يقولونه أيضاً.
بالنظر إلى تنقلها السريع وقدومها إلى "الغد" بسنوات من الخبرة رشيقة، ومن بوابة غير صحافية- والقصد هنا عملها في الدائرة الإعلانية في الرأي- لم تسعفها على تطوير مقاربة إعلامية جديدة، تشبع حاجة الناس وتعطشهم اليومي، ويتبدى ذلك لمن يتبنون هذا الرأي بمحتوى "الغد" اليومي.
"محتوً" تشرف عليه غنيمات، وينهض به جملة من الزملاء الصحافيين، وهو بين أيدي الجميع لمن أرداد تمييز الغث من السمين.