ملامح لظاهرة شراء المرشحين في القائمة النسبية
جو 24 :
كتب: عمر محارمة-
صراع محموم يخوضه العازمون على الترشح للانتخابات النيابية التي ستجرى في أيلول المقبل، وهم يسابقون بعضهم البعض لتشكيل قوائمهم الانتخابية.
رغبة في استقطاب هذا الاسم قبل الغير، أو التحالف مع تلك العشيرة أو استهداف ذاك التجمع لعل الإضافة تكون مفيدة ومجدية للقائمة وتمنحها عددا كبيرا من الأصوات تضعها في صف القوائم المتنافسة على الظفر بمقاعد.
محاولات الاستقطاب هذه مع ما يرافقها من إغراءات واستعطاف وإظهار حالة التعاضد والتحالف هي في الحقيقة مقدمة لصراع آخر سيخوضه المرشحون داخل القائمة بين بعضهم البعض، فقانون الانتخاب الحالي لديه قدرة نادرة على توليد الانشقاقات والصراعات.
القوائم ستكون في حالة متناقضة من الصراع والتحالف، فأفرادها حلفاء فيما بينهم لتأمين وصول القائمة إلى نسبة أصوات تؤهلها للفوز، متآلفين متعاضدين في وجه القوائم الأخرى، وهم داخل القائمة في صراع على من يغتنم العدد الأكبر من الأصوات التي تضعه على رأس القائمة للظفر بمقعدها.
كما يواجه المبادرون لتشكيل القوائم تناقضا مهما وهم يسعون لاختيار المرشحين الذين سينضوون معهم في قائمة واحدة، فالمطلوب مرشح قوي قادر على جذب قدر كبير من الأصوات للقائمة، وأن يكون في ذات الوقت أضعف من أن ينافس على المقعد في حال وصول القائمة إلى النسبة المطلوبة وفوزها بمقعد.
هذان الشكلان من التناقض سيدفعان إلى أن تكون غالبية القوائم «قوائم وهمية» بحيث تكون قائمة المرشح الذي سعى وقام بتشكيلها، وهو ما يفسر الأخبار المتداولة عن بدء تفشي ظاهرة «شراء المرشحين».
فخطورة المال الأسود في الانتخابات المقبلة لن تكون مقتصرة على شراء الأصوات كما جرت العادة بل سيكون الجانب الأكثر هو خطورة شراء المرشحين، نظرا لصعوبة ضبط وملاحقة هذا الأمر وسهولة القيام به في أضيق الحلقات الممكنة.
العازمون على الترشح سيكونون مضطرين للخضوع لمعركة استنزاف وربما تصل للابتزاز وهم يسعون لتشكيل القائمة التي يترشحون عبرها بعد اعتماد نظام القوائم الذي سيمنح الفرصة لأعلى الأصوات داخل القائمة فقط إذ أن فوز أكثر من مرشح داخل قائمة واحدة يعد ضربا من ضروب المستحيل إلا في الدوائر التي تحوي مقاعد كوتا (مسيحيين وشركس).
محددات تشكيل القوائم وتناقضاتها ستشجع على وجود عدد كبير من المرشحين ربما يصل إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف عدد المرشحين في الانتخابات السابقة التي جرت عام 2013، وهذا مرده عدة عناصر أهمها الأجواء السياسية الداخلية المتحفزة للمشاركة خصوصا مع إعلان معظم القوى السياسية مشاركتها في الانتخابات المقبلة.
الا ان هذه الزيادة لا تعكس وجود مزاج سياسي مختلف لدى الناخبين والمرشحين فالحقيقة أن غالبية المرشحين سيكونون «زيادة عدد» لا أكثر تم استقطابهم لاستكمال عدد مرشحي القائمة التي قرر القانون انه لا يجوز ان تقل عن ثلاثة مرشحين.
كما أن القوائم في الغالبية العظمى ستتشكل وفقا لمعطيات الجغرافيا والديموغرافيا أي وفق مبدأ المحاصصة العشائرية والمناطقية، لذلك فمن المستبعد ان تحمل القوائم برامج سياسية واقتصادية حقيقية تتقدم بطلب اصوات المواطنين على أساسها،وهو ما سيمنع تشكل ائتلافات واسعة تحمل ذات البرنامج في دوائر او محافظات مختلفة باعتبار ذلك واحدا من سبل الوصول الى الحكومات البرلمانية حيث أن هذا يتطلب العمل بشكل اوسع لتشكيل هذه الائتلافات البرامجية التي تؤطر للكتل النيابية البرامجية تحت قبة البرلمان.
الائتلافات الواسعة قد لا تتوفر الا في قوائم مرشحي الاحزاب السياسية وهو أمر قد يكون محصورا بالحركة الاسلامية باعتبارها الحركة السياسية الوحيدة التي تملك حضورا في كل بقعة من المملكة، وهو ما سيؤدي الى بروزها كقوة مؤثرة في الحياة السياسية خلال الفترة المقبلة إذا ما نجحت في تحقيق عدد مقبول من المقاعد.
الحراك الانتخابي لا زال متواضعا، وينحصر في اطار المشاورات العشائرية، والإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولا زال غالبية العازمين على الترشح في رحلة « جس النبض» رغم ان عددا كبيرا من المواطنين وخصوصا النواب السابقين قد اعلنوا رغبتهم بالترشح بل ان بعض القوائم أعلنت عن نفسها كما حدث في الزرقاء مؤخرا، وفي الغالب فان المرشحين ينتظرون انتهاء شهر رمضان للبدء بمشاورات على مستوى اوسع من اجل تشكيل قائمة لها ثقل.-(الدستور)