هل يترجم جودة تصريحاته على أرض الواقع؟
جو 24 :
تامر خرمه- في مقابلة نشرتها شبكة "سي ان ان" الأميركيّة، انتقد وزير الخارجيّة ناصر جودة المجتمع الدولي، الذي مارس أعتى صنوف الضغط على الأردن، لتجاوز الإجراءات الأمنيّة المفترض اتّباعها خلال استقبال اللاجئين السوريّين.
وكان جودة قد قال خلال لقائه بسفراء الدول الكبرى، وممثّلي الاتّحاد الأوروبي، والبعثات الدوليّة، إنّه لا بدّ للعالم من تحمّل مسؤوليّاته واحترام قرارات الأردن السياديّة.
تصريحات شجاعة صدرت عن الرجل، نأمل ترجمتها على أرض الواقع، عبر قرارات وإجراءات، تخلّص الأردن من إملاءات الغرب الجامح، الذي يأبى تحمّل مسؤوليّة عبثه في المنطقة العربيّة. الأردن هو من يستقبل اخوته اللاجئين، لذا فإنّه وحده من يملك حقّ اختيار ما يناسبه من وسائل عمل، ولا نقبل بأن يملي علينا أيّ كان كيفيّة إدارة البلد.
معادلة سمجة فرضها العالم "المتحضّر" على صنّاع القرار في عمّان، فبعد كلّ العبث الذي مارسته هذه الدول -التي ترفض مغادرة تاريخها الاستعماريّ- في سوريّة والعراق، تصرّ على تحميل بلد صغير كالأردن، نتائج ما تقترفه لتحقيق الربح السريع، عبر تجارة الحرب والموت.
والأنكى من هذا، أنّ أصحاب الرقاب الحمراء يمنّون على الأردن بما يقدّمونه من منح ومساعدات ماليّة، في إطار مساعدة وإغاثة أخوتنا اللاجئين. وكأن ما يقدّمونه من دراهم معدودة يكفي لحماية اللاجئ من قيظ الصيف أو برد الشتاء!
وفوق هذا كلّه، تجدهم يستعرضون ويملون عليك شروطهم، بوصفهم جهات مانحة، متناسين أن ما تعانيه سوريّة والعراق، هو نتيجة ما يقترفون من جرائم، أدّت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب، بل ووصول الخطر إلى عواصمهم، واستهداف شعوبهم البريئة من ذنب ساستها.
ما أبشع عالم اليوم، وما أقبح هذا المتشدّق بما يصفه بالمساعدات، كفّوا أيديكم عن المنطقة، خذوا أموالكم وارحلوا!
دماء شهداء الوطن تتحمّل مسؤوليّتها منظومة صناعة الحرب، ولا يملك أيّ كان حقّ إملاء الشروط، أو تحميل أيّة دولة مسؤوليّة ما تقترفه يداه. وبما أن العالم "الأوّل" مصرّ على عبثه، فعليه استقبال اللاجئين النازحين ممّا تسبّب به. بأيّ حقّ يتمّ تحميل الأردن وزر الخطيئة الغربيّة؟!
صحيح أن أبناء الشعب السوري هم أخوة في الدم، ولكن ليس الأردن وحده من يستطيع تحمّل تبعات الأزمة، وبما أن "الدول الكبرى" أعطت لنفسها الحقّ في "تقرير مصير سوريّة"، فهي من ينبغي عليه تحمّل النتائج والتبعات.
الغريب أن هذه الدول تتذرّع بوجود الفساد للنأي بنفسها عن مسؤوليّاتها. الفساد يا سادة ظاهرة لا تقتصر على ما يوصف بـ "العالم الثالث"، ووجوده لا يعني التنصّل من المسؤوليّات الأخلاقيّة والإنسانيّة.
تخلّصوا من قبح العنصريّة التي تترك اللاجئين للموت على شواطئكم، واتركوا سوريّة والعراق لشأنهم، عندها، عندها فقط، يكون لديكم المبرّر المنطقيّ لإبقاء أموال المساعدات في جيوبكم، والتي بالمناسبة تجنيها دولكم عبر نهب وسلب المنطقة.