jo24_banner
jo24_banner

قصر الحلو التاريخ والمستقبل في قطعة سكر تفيض حلاوة!

قصر الحلو  التاريخ والمستقبل في قطعة سكر تفيض حلاوة!
جو 24 :

حين تقرر مدينة أن تفتح أبواب متحفها الشخصي لتعلّق في صدارته قطعة سكر، ثم تسارع إلى تحصين الأسوار بل تتحوّل الى حارس لذاكرتها هذه، فاعلم أنها لا تشبه كل المدن. وأن قطعة السكر تلك التي رفعتها تحفة لا تُضاهى بثمن، قد خرجت من قصب وتاريخ وباتت في عهدة أفق سرمديّ يطلّ على كلّ جوانب الأرض والبحر حول العالم.

"طرابلس" لا تشبه كل المدن. تتقن هذه المدينة "ارتكاب" الجمال. و"ارتكاب" الفنون. والسحر. والأمل. وتنزل القمر من علو، لتسكنه في "قصر". تُمسك بالتاريخ بيد، وتبقي الأخرى حرّة كي تشدّها الحداثة الى حيث يسكن الابداع. لا خوف عليها ان تقلّصت فيها بساتين الليمون وقصب السكر. ها هو "القصر" يبقيها "فيحاء". ويبقي مذاقها عسلاً. أو سكرياً حامضاً أو "نارنجياً"...

كيف عُقدت هذه الصداقة ما بين مدينة تتكئ على بحر ونهر ووادٍ وأرز، وسكّر "قصر"؟! الحال انها أكثر من صداقة. إنها مبايعة بدأت منذ ما قبل العام 1881!

في حديث لـ "لبنان24" يشرح مدير الفرع الرئيسي لـ "قصر الحلو، حلويات عبد الرحمن الحلاب وأولاده" في طرابلس عادل سنجقدار أن "مدينة طرابلس اشتهرت منذ القدم بزراعة الحمضيات وقصب السكر، وكان الأهالي يبيعون محاصيلهم، ويستخدمون الفائض في صناعة الحلويات الشرقية في المنازل، ولم يكن آنذاك من محال لبيع الحلويات، حتى أنه كان على الأشخاص الانتظار بالدور للتمكن من شواء مخبوزاتهم في الفرن".

هذا كان يحصل قبل العام 1881: راحت ربات البيوت تتنافسن لصناعة الحلويات الأشهى، ولا سيّما أنه جرت العادة على تبادلها بين الجيران والأهل. إلا أن عائلة واحدة برزت كأمهر من يصنع الحلويات المنزلية حيث امتازت بنكهة خاصة وفريدة من نوعها: أجمع السكان على أن أطايب بيت "الحلاب" هي الأشهى، وباتوا يطالبون هذه العائلة العريقة بافتتاح محلّ لصنع الحلوى وبيعها. وهكذا كان، لتبدأ الرحلة مع الجدّ الأكبر الذي افتتح محلّه في أسواق طرابلس القديمة عام 1881، بتشجيع من أهل طرابلس، ممتهناً هذه "المهنة التراثية اليدوية التي تعتمد على الفنّ وتتذوقه"، كما يصفها سنجقدار.

من الوطن إلى العالمية

مدير العلاقات العامة في "قصر الحلو" بلال يحيى لفت بدوره في حديث لـ "لبنان24" الى أن "أفراد عائلة الجدّ الأكبر، الحاج محمود الحلاب، هم من كانوا يصنعون الحلويات بأيديهم، بمعنى أن المجهود كان فردياً". ويضيف: "أعقبت هذا الجيل الأول، أجيال أخرى عملت على تطوير هذه الحرفة التراثية والفنية، وصولاً الى "قصر الحلو" الذي أسسه الحاج عبد الرحمن الحلاب، ويستلمه أولاده حالياً: سامر، اسامة، عامر وعدنان".

ما يميّز "قصر الحلو" حرصه على الحفاظ على أصالة منتجاته وعراقتها المتجذرة في التاريخ وطعمها المنزليّ، على رغم إدخال المكننة في هذه الصناعة. هذه الورشة التطويرية التي وضعها أولاد الحاج عبد الرحمن الحلاب وما زالوا يلتزمون بها ويضيفون اليها كل مفيد وجديد، أفضت إلى امتلاك "قصر الحلو" راهناً، مصنعاً ضخماً ومختبراً وفروعاً تخطت حدود الوطن.

يشرح يحيى: "انشأ "قصر الحلو" مصنعاً يقع في طرابلس، هو الأكبر والأكثر تطورا في لبنان والشرق الاوسط بشهادة كوكبة من الخبراء. يتألف من ثلاثة ابنية، وكل بناء يضم ثمانية طوابق (عدا عن القصر)، وكل طابق يحوي عشرات المصانع المتخصصة في صنع اصناف الحلويات. ومن أهم مفاخر "القصر"، امتلاكه مصنعا خاصاً لصناعة القشطة، موجود في عكار، ويضمّ عشرات العمال ويخضغ لأدق المواصفات العالمية ويلتزم معايير شهادة "الأيزو" التي حصلنا عليها، وذلك لضمان جودة المنتجات. بالاضافة الى ذلك، يملك "قصر الحلو" مختبراً ينافس أهم المختبرات الموجودة في المنطقة، بحيث يتمّ فحص المواد الأوليّة والمنتجات، قبل عملية الانتاج وخلالها وبعدها".

ويلفت يحيى الى ان ادخال المكننة الى هذه الصناعة التي كانت يدوية بحتة، لا يعني اطلاقاً إفراغها من اصالتها: "نقرن التراث والتاريخ بالتجديد والتطوير مع الحفاظ على المواد الأولية النخبوية، اذ نختار أفضل المكوّنات المتواجدة في الاسواق اللبنانية أو نستوردها من الخارج في حال عدم توافرها. كلّ هذه العوامل، تضاف اليها عمليات التعقيم والوقاية والرقابة، تدخل في سعر التكلفة، وتنعكس على أسعار منتجاتنا".

واذ يشير يحيى الى أن طرابلس بايعت "قصر الحلو" كمرجع لحلوياتها، يعتبر أيضاً أنه "بات أحد أهم المعالم السياحية والأكثر جذبا في المدينة بل في لبنان".

وهذا ما يؤكده مدير قسم التسويق والإعلانات في "قصر لحلو" رنيم الحلاب، اذ يلفت في حديث لـ "لبنان24" الى "اننا انتقلنا من المحلية الى الاقليمية الى العالمية".

راهناً، يملك "القصر" عشرة فروع في لبنان (بما فيها فرع موجود في المطار)، يعمل فيها أكثر من 600 موّظف، فرع في الكويت، وأربعة فروع في السعودية (واحد في مطار الرياض). كلّ هذا يجعل منه محركاً اساسياً للعجلة الاقتصادية والسياحية والثقافية في طرابلس ولبنان.

وبحسب الحلاب، تسعى المؤسسة الى مزيد من التوّسع والتطوير، بحيث سيصار الى افتتاح فروع اضافية في الدول العربية، علماً أن أهم ميزات "قصر الحلو" وابتكاراته تكمن في خدمة التوصيل الى البلاد الغربية عبر DHL! فالمغتربون هم أوفى السفراء للقصر، بحسب ما يكرر سنجقدار دوماً، عبر التزامهم العابر للتاريخ والجغرافيا.

قائمة "قصر الحلو" غنيّة باصناف الأطايب الشرقية التقليدية. الا انه ومن باب التطوير، أضاف اصنافاً غربية، ودخل في عالم الباتيسري والشوكولا، وبات رقما صعباً في لبنان.

بل أكثر من ذلك، طوّر قصر الحلو الحلويات العربية الشعبية والتقليدية لتتماشى مع جيل الشباب. يقول الحلاب: "أدخلنا الشوكولا الى البقلاوة والكنافة و"الأيس كريم" الى القشطة او حلاوة الجبن وزبدة الفستق الى حلويات اخرى على سبيل المثال، كي نتقرّب أكثر من جيل الشباب ونعرّفهم على الحلوى العربية ونجذبهم اليها".

ولا تقتصر الامور عند هذا الحدّ، اذ يدخل "القصر" المدارس والجامعات لتعريف الطلاب على هذه الصناعة التقليدية الفاخرة والصعبة. ومن الخطط التي ينكبّ على دراستها المعنيون في "القصر" ويحلمون بها، انشاء أكاديمية خاصة لتعليم هذا "الفنّ" الأصيل.

فقصر الحلو كما يؤكد سنجقدار، ويوافقه كلّ من يحيى والحلاب، بات مدرسة لها منهجها الخاصّ بها: "أعظم نقاط القوّة التي يمتاز بها، قدرته على ابتكار وصفة محددة، بحيث يحافظ كلّ صنف على مذاقه ويتطابق دائما وأبداً".

إنه اذا، مزيج العلم والفن. الخبرة والتجديد. التحدي والطموح. التراث والأصالة. "ذاكرة" قصب السكر والحمضيات. انها "مكّونات" "حلويات عبد الرحمن الحلاب وأولاده"، غير المتوافرة في اي "قطعة سكر" أخرى...وهي ما تجعلنا نذوب بحلاوة فائضة!

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير