ما العمل.. عندما يتأخّر الطفل في المشي؟
يتأخّر الطفل في المشي أحياناً ويكتفي بالحبو. تقلق الأم وتقارنه بإخوته أو بأطفال الجيران والأقارب وتسأل نفسها لما هذا التأخير. على كلّ أمّ أن تدرك أنّ هناك فوارق شاسعة ما بين طفل وآخر. فلكلّ طفل تطوّره العقلي والحركي والنفسي، وهذا التطوّر يؤثّر بطريقة مباشرة في النموّ العام عند الأطفال. ماذا يعني التأخّر الحركي- النفسي عند الطفل؟ لماذا يتأخّر بعض الأطفال عن المشي بطريقة صحيحة؟ وكيف يمكن مساعدة الطفل في نموّه العام؟أجمع كلّ علماء النفس على وجود فوارق كثيرة تميّز الأطفال فيما بينهم. وتساعد عوامل عديدة على إظهار هذه الفوارق، منها: بنية الطفل الجسدية، عوامل التغذية، العوامل العائلية والإجتماعية، والعوامل الوراثية والنفسية.
لا يجب أن تقوم الأم بأيّ مقارنة بين طفلها وطفل آخر لأنّ كلّ طفلّ ينمو ويكبر بطريقته الخاصة. فلا يمكن حتّى مقارنة نموّ الإخوة والأخوات.
وتتحدّث الأخصائية في العلاج النفسي- الحركي والأخصائية النفسية جويل وهبه لـ"الجمهورية"، عن التأخّر النفسي- الحركي وتأثيره على الأطفال.
ما معنى التأخر النفسي-الحركي؟
تفسّر وهبه، بأنّ التأخّر النفسي- الحركي هو "تأخّر في اكتساب المهارات الحسّية الحركية والنفسية عند الطفل، ويعني ذلك تأخّر في الحركة بشكل عام خصوصاً في حركة الوقوف، أو في المشي... كما نلاحظ بأنّ هناك بعض التأخّر في المهارات الفكرية كالمنطق، والتركيز، والمشكلات في الذاكرة... وتؤكّد وهبه بأنّ هذا التأخّر "ينتج عن عوامل جينية، أو بيولوجية، وحتّى عن مشكلات خلال الولادة، وغيرها من الأسباب الطبّية والفيزيولوجية". أما بالنسبة للتأخّر في المشي، فهو أيضاً تأخّر على الصعيد النفسي-الحركي.
المشي ومراحله
على صعيد المشي، تفسّر الأخصائية بالعلاج النفسي- الحركي، وجود أنواع مشي عديدة:
• المشي على رأس الأصابع، حيث نلاحظ بأنّ بعض الأطفال يجرون أو يقفون على رؤوس أصابعهم.
• المشي المتشنّج، خصوصاً عند الأطفال الذين لم تتّزن مشيتهم.
• العرجة والرجفة وفقدان التوازن، حيث يستعمل الطفل طرف طاولة أو حتّى يمشي بمحاذاة كرسيّ كي لا يقع أرضاً. وفي هذه الحالات، لا يكون الجري عند الأطفال مكتملاً.
ويمرّ المشي بمراحل شتّى: "من مرحلة الوقوف مستنداً بشيء ما، مروراً بمرحلة الترنّح مع الخطوات غير الثابتة، وصولاً إلى مراحل الركض والقفز بثقة".
وتفسّر وهبه بأنّ "الطفل يكتسب تدريجاً خلال عامه الأول، القوّة العضلية والتوافق العضلي العصبي المطلوبين لتعلّم الجلوس، والتدحرج، والحبو أو الزحف. تقوى عضلات الطفل عبر تعلّمه التدحرج، والجلوس، والحبو أو الزحف".
بعدها قد يتمكّن الطفل من جذب نفسه إلى الأعلى والوقوف متمسّكاً بشيء ما بين الشهرين السادس والعاشر من العمر. فبين الشهرين الثامن والعاشر، غالباً ما سيحاول الطفل جذب نفسه إلى الأعلى للوقوف مستنداً إلى قطعة من الأثاث.
وإذا أوقفته والدته بجانب الكنبة، فسيتمسّك بشدة خوفاً على حياته. وخلال المشي يُستحسن أن تبقي قدميه حافيتين. فالمشي عند الطفل يتعلّق فقط باكتساب الثقة والتوازن". يخطو الأطفال في غالبيتهم خطواتهم الأولى بحلول عيد ميلادهم الأول. ويستطيع معظم الأطفال المشي من دون مساعدة، ولا يمشي آخرون حتّى بلوغهم الشهر 17 أو 18.
متى نأخذ رأي الطبيب؟
تعتبر المتخصّصة بالعلاح النفسي-الحركي، أنّه "يجب زيارة الطبيب منذ الأشهر الأولى من حياة الطفل. فالطبيب هو القادر والجدير بتحديد أيّ تأخّر عند الطفل وأسبابه. ويجب استشارة الأخصائي بعد مراجعة طبيب الأطفال أو عندما يلاحظ الأهل أنّ عمر الطفل تخطّى الـ18 شهراً وهو لا يمشي بعد".
وتوضح المعالجة بأنّ "للأهل دوراً مهماً جداً في تعلّم طفلهم المشي من خلال تشجيعه عن طريق الوقوف أو الركوع أمامه مع الإمساك بيديه الاثنتين ثمّ جذبه ليمشي باتجاه الأم. ويجب شراء الألعاب المخصّصة للأطفال في هذا السنّ كشاحنة الأطفال أو أيّ لعبة مماثلة بمقدوره الاتكاء عليها ودفعها، تكون متوازنة وذات قاعدة عريضة تعينه عند اللزوم".
وطبعاً، يجب التأكّد من أنّ الطفل محاط ببيئة آمنة تمكّنه من ممارسة المشي. فلمساعدة الطفل على المشي والتجوّل بسهولة، يجب فسح المجال له بإخلاء مساحة من المنزل. ولا يترك الأهل الطفل أبداً لوحده في هذه الفترة، ويلازمونه في حال سقط أو احتاج إلى مساعدة، إذ يجب أن يكون المنزل مكاناً آمناً له. وينمّي إصطحاب الطفل الى المنتزهات واللعب بالطبيعة خبراته الحسّية والحركية.
أهمية الـ "يوبَلا"
تشير الأخصائية في العلاج النفسي- الحركي، إلى أنّ "هناك اتجاهاً عاماً لمنع شراء المشايات في كندا والولايات المتحدة حيث تسبّب كلّ عام آلاف الإصابات نتيجة وقوع الطفل بالمشاية من أعالي السلالم أو وصوله إلى الفرن الساخن مثلاً. كذلك لا تساعد الهزّازات على تعلّم المشي، وإذا كانت الأم مصمّمة على استعمالها عليها فعل ذلك بحرص".
الطفل المدلّل وتأخُّر المشي
تعتبر الأخصائية بالعلاج النفسي- الحركي والأخصائية النفسية جويل وهبه بأن "لا علاقة مباشرة بين المشي والطفل المدلّل. لكن بما أنّ المشي أحد أهم معالم التطوّر التي يمرّ بها الطفل، وخطوة كبيرة نحو الاستقلالية، يجب تشجيع الطفل أثناء تعلّم الوقوف، ومساعدته لمعرفة كيفية الجلوس". وتضيف: "إذا علق وبكى طالباً المساعدة، على الأم أن تُظهر له كيفية الثني على ركبتيه ليجلس من دون أن يتعثّر، ثمّ تساعده ليجرّب ذلك بنفسه".