أوباما لولاية ثانية .. كيف استقبل العرب الخبر؟!
عريب الرنتاوي
جو 24 : لم يُبد الرأي العام العربي اهتماماً خاصاً بالانتخابات الأمريكية، مردُّ ذلك يعود لسببين اثنين: الأول، تسرب القناعة لدى القطاعات الأوسع منه، بأن “الخل أخو الخردل”، وأن فرقاً لن يحدث إن جاء هذا وذهب ذاك، لاسيما بعد سنوات وعقود من الخيبات مع الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة...والثاني، أن أجندة دولنا وشعوبنا باتت حافلة بما هو أكثر أهمية من متابعة هذه الانتخابات وتتبع مجرياتها.
لكن النخب الحاكمة والفاعلة في معظم دولنا، تعاملت مع الاستحقاق الانتخابي الأمريكي بكثير من الاهتمام، وأجرت الكثير من الحسابات الراهنة والمستقبلية المرهقة، دارت في معظمها حول الأثر الذي يمكن لهذه الانتخابات أن تحدثه على عدد من الملفات الساخنة في المنطقة، سيما بعد أن دخلت قضايا المنطقة في حلبة السباق على البيت الأبيض بعد أحداث بنغازي ومصرع السفير والدبلوماسيين الأمريكيين في القنصلية.
لم تستقبل العواصم العربية نتائج الانتخابات وإعادة التجديد لباراك أوباما لولاية ثانية، بنفس الطريقة، حتى العاصمة الواحدة، في دول الانقسام العربي، استقبلت الخبر على نحو مختلف، يعكس مخاوفها واصطفافاتها وتحالفاتها، وعلى الرغم من أن طابع المناسبة، يُملي على الجميع تقديم مشاعر التبريك والتهنئة للرئيس الفائز، إلا أن هذه المواقف والتصريحات والبرقيات الاحتفالية، لا تخفي بالضرورة المواقف الحقيقية للأطراف.
مقابل مشاعر الاستياء التي استقبل بها نتنياهو – ليبرمان إعادة انتخاب أوباما، بدت السلطة الفلسطينية وبدرجة أقل من حركة حماس، أكثر ارتياحاً..رومني كان يمكن أن يكون كابوساً ثقيلاً للرئيس الفلسطيني، مع أن أوباما سبق له وأن خيب ظنه وتخلى عنه...حماس التي لم تدخل إلا مؤخراً في نادي “المتحسبين” لما يجري في واشنطن، كانت ستواجه طوقين من العزلة فيما لو فاز رومني: واحد مباشر يلتف حولها، والثاني غير مباشر سيحيط بالتيار الإخواني الداعم لها في المنطقة.
النظام السوري الذي طالما دعا أوباما رئيسه للتنحي، شعر بالارتياح بكل تأكيد، فوز رومني، كان يمكن أن يكون عبئاً ثقيلاً عليه في لعبة “صراع البقاء” الدامية التي يخوضها منذ عشرين شهراً...في المقابل، ستفقد المعارضة متعة الاستماع لسمفونيات طالما كررها رومني، عن تسليحها وتدريبها وتسريع انقضاضها على النظام...الباب مع أوباما بات مفتوحاً (وإن مواربة) لحلول وتسويات سياسية، مع رومني الذي نظر لروسيا كتهديد عسكري وللصين كتهديد اقتصادي ولإيران وحلفائها كتهديد إرهابي (نووي)، لم يكن هذا الباب ليُفتح أبدا.
على وقع الأزمة السورية، واستتباعاً أزمة العلاقة الإيرانية الغربية، يبدو لبنان منقسماً في ردات فعله حيال نتائج الاستحقاق الانتخابي الأمريكي...فريق الرابع عشر من آذار، كان يهمه أن يكون الساكن الجديد للبيت الأبيض من أشد المتشددين عداءً لسوريا وإيران وحزب الله، ولقد وجدوا في رومني ضالتهم، سيما وأن الجمهوريين هم أصدقاء تقليديين لحلفاء “الرابع عشر من آذار” الخليجيين، ...أما “الثامن من آذار”، فلسان حالهم يقول أن عودة أوباما هي “أهون الشرّين” إذا ما قورنت بمجيء رومني.
دول الخليج العربية اعتادت إقامة أوثق العلاقات مع الجمهوريين، خصوصاً في زمن عائلة بوش الأب والابن، هنا يقتصر الحديث عن النفط والسلاح ومواجهة محور الشر، بخلاف الحال مع العراق الذي لا يزال ائتلافه الحاكم بشكل خاص، يذكر لأوباما فضله في إنهاء الحرب وسحب القوات وترك العراق للعراقيين، ثم أن رومني بأجندته العدائية حيال إيران، كان يمكن أن يسبب متاعب للمالكي وائتلافه الحاكم.
الإخوان المسلمون الذين تغيرت نظرة أوباما لهم بعد أحداث الفعل المسيء لرسول الإسلام وهجوم بنغازي، لا شك يعرفون، أن الرجل على علّاته، سيظل أقل تشدداً حيالهم من خصمه الذي كاد يصل للمكتب البيضاوي، الحذر والترقب هو سيد الموقف لديهم، لكنهم بلا شك، ما كانوا ليدلوا بأصواتهم لصالح رومني.
الخلاصة، أن انقلاباً لا يمكن أن يحدث في السياسة الخارجية الأمريكية بعد السابع من نوفمبر الجاري، لكن من السياسة أيضاً، التفريق بين توجهات الحزبين والمرشحين، وهي كما يتضح، تثير ارتياحاً لدى بعض الدوائر، مثلما تثير القلق والتحسب في دوائر أخرى، ولعل أول اختبارات السياسة الأمريكية الجديدة، سيكون مسرحها الأزمة السورية، أما قضية فلسطين، فمعلقة حتى إشعار آخر.
بالنسبة للأردن، فقد نجحت الدبلوماسية في اختطاط سياسة ونسج علاقات، عابرة للإدارات...لا شيء سيطرأ على علاقات واشنطن بعمان، سواء بقي الديمقراطيون أم عاد الجمهوريون للحكم في الدولة الأعظم...لكن الأردن سيتأثر حتماً بالتبدلات التي يمكن أن تحدث على مقاربة واشنطن لبعض الملفات الإقليمية التي تشتبك معها، وفي صدارتها القضية الفلسطينية، وبدرجة أخرى الأزمتين السورية والإيرانية...والأرجح أن وجود رئيس نجح في المرة الأولى تحت شعار “الانسحاب من حربي العراق وأفغانستان” سيكون خبراً ساراً للأردن الذي لا يريد وهو في بؤرة المنطقة، أن يرى المزيد من الحرائق المشتعلة من حوله.
(الدستور)
لكن النخب الحاكمة والفاعلة في معظم دولنا، تعاملت مع الاستحقاق الانتخابي الأمريكي بكثير من الاهتمام، وأجرت الكثير من الحسابات الراهنة والمستقبلية المرهقة، دارت في معظمها حول الأثر الذي يمكن لهذه الانتخابات أن تحدثه على عدد من الملفات الساخنة في المنطقة، سيما بعد أن دخلت قضايا المنطقة في حلبة السباق على البيت الأبيض بعد أحداث بنغازي ومصرع السفير والدبلوماسيين الأمريكيين في القنصلية.
لم تستقبل العواصم العربية نتائج الانتخابات وإعادة التجديد لباراك أوباما لولاية ثانية، بنفس الطريقة، حتى العاصمة الواحدة، في دول الانقسام العربي، استقبلت الخبر على نحو مختلف، يعكس مخاوفها واصطفافاتها وتحالفاتها، وعلى الرغم من أن طابع المناسبة، يُملي على الجميع تقديم مشاعر التبريك والتهنئة للرئيس الفائز، إلا أن هذه المواقف والتصريحات والبرقيات الاحتفالية، لا تخفي بالضرورة المواقف الحقيقية للأطراف.
مقابل مشاعر الاستياء التي استقبل بها نتنياهو – ليبرمان إعادة انتخاب أوباما، بدت السلطة الفلسطينية وبدرجة أقل من حركة حماس، أكثر ارتياحاً..رومني كان يمكن أن يكون كابوساً ثقيلاً للرئيس الفلسطيني، مع أن أوباما سبق له وأن خيب ظنه وتخلى عنه...حماس التي لم تدخل إلا مؤخراً في نادي “المتحسبين” لما يجري في واشنطن، كانت ستواجه طوقين من العزلة فيما لو فاز رومني: واحد مباشر يلتف حولها، والثاني غير مباشر سيحيط بالتيار الإخواني الداعم لها في المنطقة.
النظام السوري الذي طالما دعا أوباما رئيسه للتنحي، شعر بالارتياح بكل تأكيد، فوز رومني، كان يمكن أن يكون عبئاً ثقيلاً عليه في لعبة “صراع البقاء” الدامية التي يخوضها منذ عشرين شهراً...في المقابل، ستفقد المعارضة متعة الاستماع لسمفونيات طالما كررها رومني، عن تسليحها وتدريبها وتسريع انقضاضها على النظام...الباب مع أوباما بات مفتوحاً (وإن مواربة) لحلول وتسويات سياسية، مع رومني الذي نظر لروسيا كتهديد عسكري وللصين كتهديد اقتصادي ولإيران وحلفائها كتهديد إرهابي (نووي)، لم يكن هذا الباب ليُفتح أبدا.
على وقع الأزمة السورية، واستتباعاً أزمة العلاقة الإيرانية الغربية، يبدو لبنان منقسماً في ردات فعله حيال نتائج الاستحقاق الانتخابي الأمريكي...فريق الرابع عشر من آذار، كان يهمه أن يكون الساكن الجديد للبيت الأبيض من أشد المتشددين عداءً لسوريا وإيران وحزب الله، ولقد وجدوا في رومني ضالتهم، سيما وأن الجمهوريين هم أصدقاء تقليديين لحلفاء “الرابع عشر من آذار” الخليجيين، ...أما “الثامن من آذار”، فلسان حالهم يقول أن عودة أوباما هي “أهون الشرّين” إذا ما قورنت بمجيء رومني.
دول الخليج العربية اعتادت إقامة أوثق العلاقات مع الجمهوريين، خصوصاً في زمن عائلة بوش الأب والابن، هنا يقتصر الحديث عن النفط والسلاح ومواجهة محور الشر، بخلاف الحال مع العراق الذي لا يزال ائتلافه الحاكم بشكل خاص، يذكر لأوباما فضله في إنهاء الحرب وسحب القوات وترك العراق للعراقيين، ثم أن رومني بأجندته العدائية حيال إيران، كان يمكن أن يسبب متاعب للمالكي وائتلافه الحاكم.
الإخوان المسلمون الذين تغيرت نظرة أوباما لهم بعد أحداث الفعل المسيء لرسول الإسلام وهجوم بنغازي، لا شك يعرفون، أن الرجل على علّاته، سيظل أقل تشدداً حيالهم من خصمه الذي كاد يصل للمكتب البيضاوي، الحذر والترقب هو سيد الموقف لديهم، لكنهم بلا شك، ما كانوا ليدلوا بأصواتهم لصالح رومني.
الخلاصة، أن انقلاباً لا يمكن أن يحدث في السياسة الخارجية الأمريكية بعد السابع من نوفمبر الجاري، لكن من السياسة أيضاً، التفريق بين توجهات الحزبين والمرشحين، وهي كما يتضح، تثير ارتياحاً لدى بعض الدوائر، مثلما تثير القلق والتحسب في دوائر أخرى، ولعل أول اختبارات السياسة الأمريكية الجديدة، سيكون مسرحها الأزمة السورية، أما قضية فلسطين، فمعلقة حتى إشعار آخر.
بالنسبة للأردن، فقد نجحت الدبلوماسية في اختطاط سياسة ونسج علاقات، عابرة للإدارات...لا شيء سيطرأ على علاقات واشنطن بعمان، سواء بقي الديمقراطيون أم عاد الجمهوريون للحكم في الدولة الأعظم...لكن الأردن سيتأثر حتماً بالتبدلات التي يمكن أن تحدث على مقاربة واشنطن لبعض الملفات الإقليمية التي تشتبك معها، وفي صدارتها القضية الفلسطينية، وبدرجة أخرى الأزمتين السورية والإيرانية...والأرجح أن وجود رئيس نجح في المرة الأولى تحت شعار “الانسحاب من حربي العراق وأفغانستان” سيكون خبراً ساراً للأردن الذي لا يريد وهو في بؤرة المنطقة، أن يرى المزيد من الحرائق المشتعلة من حوله.
(الدستور)