وللأطفال أجهزة ذكية قبل أن يمشوا أو يتكلّموا!
وضع التطوّر والتقدم التكنولوجي عدداً لا حصر له من الأجهزة الذكية في متناول الأطفال، والتي انتشرت على نطاق واسع وبأشكال مختلفة، مثل الهواتف الذكية واللوحيات وغيرها وأمست جزءاً من حياة الطفل اليومية.إنّ أنماط السكن الحديثة، المتمثلة في الشقق، حتى وإن إتسعت مساحتها، تبقى عبارة عن فضاءاتٍ مغلقة لا يمكن للطفل أن يفرغ طاقاته فيها، فلا يجد سبيلاً لاستثمار هذه الطاقات إلّا عن طريق الوسائل التكنولوجية، فيختار الأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية ويظلّ غارقاً فيها لساعاتٍ طوال ينهك طاقاته بلا طائل أو فائدة.
مضيعة للوقت
وفي هذا السياق حذّر العديد من الإختصاصيين والتربويين، الآباء والأمهات من مكوث أطفالهم ساعاتٍ أمام شاشات الأجهزة الذكية، نظراً لإنعكاساتها السلبية على شخصية الطفل وتكوينه النفسي والعقلي. وتزداد هذه الحالات سوءاً، بسبب الإرهاق الذي يتسبّبه عمل الأهل وقتاً طويلاً بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة، ما يجعلهم يميلون إلى تشجيع أطفالهم على اللعب من خلال هذه الأجهزة الإلكترونية، بحثاً عن الراحة بعد عناء العمل، من دون أن يحسبوا أيّ حساب لما قد تسبّبه هذه الأجهزة من مضيعةٍ للوقت وتأثيرٍ سيّئٍ على صحّة الأطفال.
وفي السياق عينه، أكّدت دراسة حديثة أنّ أكثر من ثلث الأطفال يبدأ باستخدام الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية قبل أن يتعلّم المشي أو الكلام. وقالت الدراسة إنّ واحداً من كلّ 7 أطفال تحت عمر السنة يستخدم الأجهزة لمدة ساعة واحدة يومياً على الأقل. ووفقاً لبيانات تمّ الحصول عليها من عيادات الأطفال حول العالم، فإنّ الأطفال يتعرّضون لوسائل الإعلام بأعداد كبيرة بشكل يثير الدهشة.
وأوضحت الدراسة التي جمعت بياناتها من 370 أسرة متوسطة الدخل، أنّ أكثر من نصف الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن سنة واحدة شاهدوا برنامجاً تلفزيونياً، و36 في المئة منهم لمسوا أو مرّروا أناملهم على شاشة لمسية، وتقريباً ربعهم أجرى مكالمة هاتفية. وتتراجع الأرقام عند الحديث عن أنشطة معيّنة على الهاتف الذكي أو الحاسوب اللوحي مثل إستخدام التطبيقات أو ألعاب الفيديو، لكن عند عمر سنتين فإنّ الأطفال في غالبيتهم بحسب الدراسة باتوا يستخدمون أجهزة ذكية.
كذلك أظهرت الدراسة أنّ 73 في المئة من الأهل يسمحون لأبنائهم باللعب بالأجهزة الذكية أثناء إنشغالهم بتأدية الأعمال المنزلية، و66 في المئة أثناء تأدية بعض المهام، و65 في المئة لتهدئة طفل، و29 في المئة لدفع الطفل للنوم.
ويزداد مقدار الوقت الذي يمضيه الأطفال خلف الأجهزة مع نموّهم العمري، حيث كشفت الدراسة أنه بينما يستخدم 26 في المئة من الأطفال في عمر السنتين الأجهزة لمدة ساعة يومياً على الأقل، فإنّ النسبة ترتفع إلى 38% لدى الأطفال في عمر 4 سنوات.
( 24)