الخطة الطويلة لفك العقدة الإيطالية تدخل مرحلتها الأخيرة
توقفت عقارب الساعة عن الدوران فيألمانيامنذ فوز الطليان على الإسبان والتأكد من أن أوروبا ستكون على موعد مع كلاسيكو جديد السبت القادم فحكاية لقاء هذا العام قد تختلف عن أي لقاء آخر بظل ثقة الألمان بقدرة منتخبهم على فك عقدة تاريخية وتحقيق الانتصار الرسمي الأول تاريخياً على الآزوري...فما هي حكاية هذه الثقة؟ دعونا نتعرف من خلال فقرة اليوم عن خيوط العقدة والطريق لقطع هذه الخيوط.
بداية الحكاية:
تاريخ المواجهات الرسمية بين رجال ألمانيا وإيطاليا يقتصر على 5 مواجهات فقط، الأولى كانت بكأس العالم 1970 ويومها لم يحسمالطليانالمواجهة إلا بسيناريو درامي بالوقت الإضافي علماً أن نجم المانشافت التاريخي فرانز بكنباور تعرض يومها لخلع بالكتف واضطر لإكمال المباراة بسبب استنفاذ المدرب لتغييراته.
المواجهة الثانية كانت بنصف نهائي كأس العالم 1982 ويومها فازت إيطاليا بثلاثة أهداف لهدف وسجل الهدف الأول المهاجم باولو روسي الذي غادر السجن بأمر رئاسي قبل كأس العالم رغم أن فترة محكوميته لم تكن منتهية، أما اللقاء الثالث فكان بالدور الأول لكأس العالم 1996 ورغم انتهاء اللقاء على التعادل السلبي إلا أن هذه النتيجة كانت كافية لدفع الإيطاليين لمغادرة البطولة، ورغم لعب الألمان لمعظم فترات الشوط الثاني بعشرة لاعبين إلا أن الحارس الرائع والمدرب الحالي لحراس المانشافت آندرياس كوبكه نجح بالتصدي لركلة جزاء وأوقف العديد من الفرص المميزة لتخرج ألمانيا بتعادل بطعم الانتصار.
بالألفية الجديدة التقى الفريقين رسمياً مرتين الأولى كانت بنصف نهائي كأس العالم 2006 ويومها كانت ألمانيا تعيش أسوأ أيامها دفاعياً على مر تاريخها مع وجود ميتسيلدر وميرتساكر كقلبي دفاع لكن رغم ذلك لم يسجل الطليان هدف التقدم إلا بالدقيقة 120 بكرة طائشة من غروسو مرة بشكل غير متوقع بين ازدحام المدافعين والمهاجمين، أما في 2012 فلم يقف الحظ بجانب المانشافت وبعد أن كان بالوتيلي يسابق ذاته على إهدار الفرص السهلة طوال البطولة نجح باستثمار فرصتين ليسجل هدفي الآزوري بتلك المواجهة وما بين سطور هذا التاريخ نجد أن التفوق الإيطالي على ألمانيا لا يعدو كونه أكثر من تفوق نسبي فلكل مواجهة حكايتها وقد يكون لمواجهة 2016 طعماً خاصاً وجديداً.
نقطة تحول:
جيل مختلف...عقدة مفكوكة:
بوجود نوير وهوميلس وبواتينغ وهوفيديس وكروس وأوزيل دخلت ألمانيا نصف نهائي أمم أوروبا تحت 21 عام سنة 2009 وهي غير مرشحة للفوز لأن الخصم كان المنتخب الإيطالي لكن آندرياس بيك تكفل يومها بتسجيل هدف الفوز ليذوق جيل الشباب الجديد بألمانيا طعم الانتصار على الآزوري ويتعهد نوير بأن هذا الانتصار سيصل عاجلاً أو آجلاً للمنتخب الأول، واليوم باتت هذه المجموعة من الأسماء هي عماد المنتخب الأول بخبرتها وتألقها بالدوريات الكبرى وبالتالي حان وقت تنفيذ عهد نوير وزملائه.
تاريخياً حققت ألمانيا 8 انتصارات ودية على إيطاليا لكن منذ عام 1995 توقفت ألمانيا عن تحقيق الانتصارات سواء ودياً أو رسمياً ولسبع لقاءات متتالية لم يفُز المانشافت على الآزوري على الإطلاق وهو ما دفع الاتحاد الألماني لأخذ خطوة إيجابية تمثلت بتنظيم أكبر عدد ممكن من الوديات لمواجهة الطليان وبات يلتقي المنتخبان ودياً كل عامًين تقريباً إلى أن نجح أخيراً رجال ألمانيا بتحقيق أول انتصار على الآزوري منذ 21 عام في مارس الماضي وفازوا بأربعة أهداف لهدف ليكون هذا الانتصار هو الأكبر للمانشافت على إيطاليا منذ الفوز بخمسة أهداف لهدفين عام 1939 علماً أنه لم يسبق تاريخياً لألمانيا أن فازت على إيطاليا بفارق أكثر من 3 أهداف وهذا الانتصار يكفي لوحده كي يفك أكبر عقدة وبالتالي لن يكون من الغريب أو المفاجئ أن يفوز الألمان يوم السبت معلنين عن نهاية عقدة تاريخية.
علامة نجاح:
الواقع الحالي غيّر ترتيب العقد:
لو أردنا النظر للأمور من صورة مختلفة وتطلعنا للواقع الحديث نرى أن كونتي هو من يحتاج لفك عقدته مع الألمان وليس العكس، فالمدرب الإيطالي سبق وان واجه الألمان 3 مرات، مرتَين حين كان مدرباً ليوفنتوس ومرة كمدرب للمنتخب.
مع اليوفي خسر كونتي أمام بايرن ذهاباً بهدفين وإياباً بذات النتيجة ومع المنتخب سقط كونتي بأربعة أهداف لهدف وهذا الأمر لا يقتصر على كونتي فقط فلا يخفى على أحد أن الكرة الألمانية تعيش أفضل أيامها ربما من مرحلة السبعينيات أو على الأقل منذ مطلع التسعينيات أما إيطاليا فتعيش تراجعاً تاريخياً وبشكل خاص من خلال ثنائي العراقة ميلان وإنتر.
في فبراير الماضي نجح بايرن للمرة الأولى من قلب تعادله في إيطاليا إلى تأهل بدور إقصائي بتاريخ كل مشاركاته الأوروبية وهو تكليل جديد لتطور الكرة الألمانية على حساب الغريم التاريخي.
اقرأ أيضاً...هوميلس وغوميز متفائلان بالفوز على إيطاليا
قبل أشهر قليلة تحدث بيرهوف عن الكرة الألمانية وقال أن كل شيء بالتسعينيات ومطلع الألفية كان يسير بشكل سيء ودعونا نتذكر بشكل مختصر أبرز مقطع من ذلك التصريح "في التسعينيات كنت ألعب بالدوري الإيطالي وأرى كيف تسير الأمور هناك، كان كل شيء منظم بشكل رائع والتخطيط وصل لأفضل مراحله، وبكل مرة كنت آتي فيها للمانشافت كنت أشعر أن الأمر مختلف تماماً ففي ألمانيا كانت الأمور تسير للخلف دائماً وفوزنا بيورو 1996 لم يكن ليعني أن الأمور كانت تتحسن بل على العكس استمر التراجع حتى أتت صدمة الخروج من الدور الأول بيورو 2000 وتبعتها خيبة يورو 2004 ليتم اتخاذ قرار تاريخي بالبدء من الصفر واليوم بتنا نعيش بعهد مختلف، ببساطة وصلنا لقمة النجاح من جديد".
تطور القضية:
عقدة أخرى انتهت منذ زمن قريب:
بعد عهد من الهزائم أمام البرازيل بحث الألمان عن طريقة لفك العقدة وزادوا من عدد المواجهات الودية التي جمعت المنتخبين إلى أن استعرض شفاينشتايغر وزملاءه قدراتهم وفازوا بودية عام 2011 بليلة استمتعت فيها الجماهير الألمانية بجيل الشباب الجديد ليلعب شورله وغوتزة دور حاسم بتلك الليلة التاريخية.
تلك المواجهة مثلت نقطة التحول لحل الأزمة النفسية وهو ما حدث بنصف نهائي كأس العالم 2014 ليكون الانتصار الألماني الأول على البرازيل رسمياً هو الأكبر بتاريخ الدور نصف النهائي من كأس العالم والأكبر بتاريخ مواجهات الفريقين وبعد ذلك اليوم حاول الاتحاد البرازيلي تنظيم مباراة ودية مع المانشافت لكن الجواب كان ذاته بكل مرة "نعتذر جدولنا ممتلئ" والحقيقة كانت أن ألمانيا لم تعُد بحاجة لمواجهة البرازيل والتفكير بات موجهاً لمواجهة إيطاليا وإسبانيا وما بين نهاية عام 2014 والربع الأول من 2016 نجح المانشافت بالفوز على كلا الغريمين ودياً على طريق فك العقدة بذات الطريقة التي تم فيها فك عقدة البرازيل تماماً.
مجرد رأي:
إما الآن وإما فلا:
قبل البطولة خسرت ألمانيا خدمات غندوغان ورويس الذان كان يعقد عليهما المدرب آمالاً كبيرة وحتى الآن لم يتمكن القائد شفاينشتايغر من الوصول للجاهزية المطلوبة كما استبعد لوف العديد من النجوم الذين رأى بأنهم لا يناسبون أسلوبه لكن رغم ذلك وصل أداء المانشافت لمستوى أبهر الجميع، أما الطليان فيتحدثون عن غياب موتا ومونتوليفو وكأنهم يلعبون أدواراً حاسمة بأنديتهم ويبحثون كثيراً عن معوض لدي روسي وهو دليل على كثرة الأسماء الألمانية مقارنة بالإيطالية وبين كل ما ذكرناه سابقاً نتوصل لقناعة تؤكد أن ألمانيا أمام فرصة ذهبية تماماً لفك العقدة حتى لو كان كونتي قد نجح حتى الآن بتقديم بطولة كبيرة والكرة الإيطالية كما كتب التاريخ لها ستبقى بهبوط وصعود وما بعد الهبوط الحالي إلا صعود آخر بوقت ما لذا لابد من استغلال الفرصة الحالية.