العراب تحت الحزام يكشف فساد أصحاب المال
«عراب» واحد يسيطر هذا العام على الدراما السورية، بعد أن هيمن على ساحاتها العام الماضي «عرابان»، الأول كان للمخرج حاتم علي الذي استطاع أن يفتح الطريق أمام «عرابه» للوصول إلى الشاشات، فيما ظل «عراب» شركة سما الفن حبيس الأدراج لمشاكل إنتاجية، ليتربع مسلسل حاتم علي على الشاشة رغم ما مر به من خلاف بين الشركة المنتجة وبين رافي وهبي كاتب سيناريو الجزء الأول، والذي أفضى إلى أروقة محاكم أبوظبي، ليكون نص الجزء الثاني من نصيب السيناريست خالد خليفة الذي تعاون مع أحمد قصار لإنجاز العمل.
استطلاع العلاقة
حالة درامية جديدة انطلق بها حاتم علي مع مقتل «أبو عليا» (الفنان جمال سليمان) في نهاية الجزء الأول (العراب – نادي الشرق) بعد أن كان وجه العمل الأبرز في رمضان الماضي، ليؤسس بذلك لبداية حقبة جديدة، تقودها وجوه «شابه»، ليأتي «العراب ـ تحت الحزام» متجاوزاً بعض «هفوات» الجزء الأول التي تركزت في حالة «المط» و«الثرثرة»، ومحدودية «لوكيشنات» التصوير.
اختلاف كاتب سيناريو العمل لم يبعده كثيراً عن فكرته الأساسية التي يسعى من خلالها إلى اكتشاف العلاقة بين الفساد وتحالف رجال النفوذ وأصحاب المال وصراعاتهم على تقاسم ثروات سوريا من جهة وبين ما تشهده من تمرد اجتماعي.
ورغم أنه لا مجال للمقارنة بين «نادي الشرق» و«تحت الحزام» إلا أن الأخير بدا مختلفاً في «هواه» عن الأول، فاستبدال كاتب النص الأصلي ساهم في تقديم شكل جديد للصراع الدرامي، وبناء الشخصيات، فعدا عن ضحايا «الضرب» من «تحت الحزام»، حيث كان «يامن» (رافي وهبي) أولهم، حيث تم تغييبه عن المشهد التمثيلي كاملاً بعد أن «غيب» عن تتر المسلسل ككاتب لنصه، وكذلك الأمر انسحب على دارين حمزة (الزوجة الثانية لأبو عليا) التي غيبت «قصراً» عن المشهد العام للعمل.
صراع
ورغم وصولنا إلى الثلث الأخير من العمل، إلا أننا لم نشهد بعد أحداثاً كافية تجعل الصراع أكثر إثارة وتعقيداً، وقادراً على تغيير بوصلة الحكاية بأكملها، فما شهدناه في الحلقات السابقة من صراعات كان بطلها الأخوان «جاد» (باسل خياط) و«قيصر» (باسم ياخور) مع خضر وعمران، لم تكن سوى بذرات لحبكات عدة، لم تكد تطل حتى غابت سريعاً، لتفقد العمل شيئاً من نكهته وتخفف من جرعة التشويق التي يتضمنها.
عدم بروز حبكة واضحة حتى الآن في العمل، لا يتنافى أبداً مع ما يمتلكه الفنان السوري من قدرات تمثيلية كبيرة، استطاعت أن تخلق منه نجماً، كما لا تتنافى مع ما قدمه حاتم علي من «جودة» في الرؤية الإخراجية للعمل، والذي نشهد فيه فتح مساحة أوسع لـ«جاد» (باسل خياط)، حيث نشهد تحولاً لافتاً في شخصيته، ليصبح «رأس» عائلة «نوح – أبو عليا»، ليقدم أداءً لافتاً يتميز بثباته واتزانه..
وذلك يعود إلى طبيعة ما يتمتع به خياط من كاريزما خاصة يمكن القول إنها تضاهي «كاريزما» جمال سليمان في الجزء الأول. على الضفة الأخرى، وقف «قيصر» (باسم ياخور) ليتولى نيابة عن أخيه جاد تنفيذ كل الأعمال «غير النظيفة» التي تكشف وجه الفساد في عائلة «أبو عليا»، أداء ياخور ابن مسلسل (ضيعة ضايعة) جاء هو الآخر لافتاً، حيث قدم تمثيلاً متقناً.
ثمن باهظ
لعل أكثر ما هو مميز في هذا العمل، هو اتساع المساحة التي يتمتع بها حاتم علي نفسه، حيث يجسد شخصية المثقف «د. نورس» الذي يدفع ثمناً باهظاً، تمثّل في اعتقاله (خلال الجزء الأول) نتيجة فعلته الإنسانية وإيوائه ابنة أبو عليا المصابة بتخلف عقلي والتائهة في عشوائيات دمشق. في هذا الجزء، تشهد شخصية «نورس» تحديداً اختزالاً مكثّفاً للواقع، ليبين كيف يمكن للفساد أن يتحكم في المؤسسات الثقافية، وكيف له أن يؤثر في جماعة المثقفين والفنانين.
بيان وهبي
رغم غياب رافي وهبي عن تتر «العراب ـ تحت الحزام» ككاتب للنص، إلا أنه آثر عدم الغياب عن الساحة، ليطلق أخيراً عبر «الفيسبوك» بياناً، هنأ فيه أسرة العمل على انتهاء التصوير، موضحاً أن ذلك يأتي بعيداً عن خلافه مع الشركة المنتجة..
والذي ترك أمر البت فيه للقضاء في الإمارات، بعد أن ادعى بالاعتداء على حقوقه في الملكية الفكرية والأدبية لمسلسل «العراب – نادي الشرق» أمام محاكم أبوظبي. كما تضمن البيان ملخصاً للجزء الثاني من المسلسل، والاقتراحات التي وضعها خلال الصيف الماضي، وأرسلها إلى المخرج حاتم علي، والذي وافق بدوره عليها، مؤكداً في الوقت نفسه، نيته نشر مقال خلال الأيام المقبلة يوضح فيه بعض التفاصيل الخاصة بهذا العمل