jo24_banner
jo24_banner

«أوباما 2» ووجهة السياسة الأمريكية حيال سوريا

عريب الرنتاوي
جو 24 : المتتبع لما يُكتب ويُقال، من قراءات وتحليلات للوجهة الجديدة للسياسة الأمريكية حيال سوريا، يصاب بالحيرة والدوار...فمنهم من يُنبئك بأن واشنطن ذاهبة للتصعيد، حتى أن السيد رياض سيف لم يتردد في تقديم “رشوة” للمجلس الوطني السوري، قوامهم “رفض اتفاق جنيف” و”تسليح المعارضة بصواريخ ستينغر المضادة للطائرات، وأخرى متطورة مضادة للدروع” إن قبل المجلس بالخطة الأمريكية لإعادة هيكلة المعارضة والتي تحمل اسم “خطة سيف – فورد”، وفورد كما تعلمون، هو سفير واشنطن لدى دمشق...الثقة بأن واشنطن ذاهبة للحسم العسكري والتصعيد، دفعت بالسيد سيف لتقمص دور النطاق والمفاوض باسم وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكتين (البنتاغون) معاً ؟.

ومنهم من توقف مطولاً أمام تعهد “أوباما 2” في خطاب الفوز بولاية ثانية، بأن لا حروب جديدة على جدول أعمال إدارته...هؤلاء لم يفتهم أيضاً، التوقف ملياً أمام التصفيق الحار الذي قوبل به هذا التعهد من قبل أنصار الرئيس وحزبه الديمقراطي...ليصلوا إلى نتيجة مفادها، أن الأزمة السورية تسير صوب “الصفقات” و”التسويات”، وليس باتجاه الحسم والتدخل العسكريين، ويعزز هذا الفريق نظرته التفاؤلية بأهم إنجاز حققه باراك أوباما في ولايته الأولى: الانسحاب من العراق، وبالإنجاز الثاني الذي ينتظره: الانسحاب من أفغانستان..كما يشيرون إلى الورقة الأهم في حملته الانتخابية وهي “قتل ابن لادن” للتأكيد أن الرجل لا يرغب في رؤية “ابن لادن 2” متمترساً في شمال سوريا أو في منطقة القبائل الحدودية بين تركيا وسوريا التي تذكر بنظيرتها بين أفغانستان وباكستان، وأن (أوباما) لهذا السبب أيضاً، سيجنح للسلم والتسويات.

بين الفريقين المذكورين، يتموضع فريق ثالث، يرى أن طريق أوباما للتسويات والحلول السياسية، سيمر حكماً بمحطات من التسليح والعسكرة وإراقة الدماء، فمن ليس له باع طويلة على الأرض، لن يتمكن من قطف ثمار المفاوضات، وهو يريد للمعارضة (بعد تنقيتها من رجس الإرهاب) أن تكون ندّاً للنظام، وأن تقنع الأخير أو تجبره (سيّان) على الجلوس إلى مائدة التفاوض والحلول السياسية.

تمر على قراءات العواصم المختلفة للتوجهات الأمريكية الجديدة، فتزداد حيرة فوق حيرة المراقبين والمحللين...أحمد داود أوغلو لم يجد من توقيتٍ أفضل من الإعلان عن فوز أوباما للإعلان عن نشر “الباتريوت” على طول الحدود السورية – التركية، وهو أمر نفاه أردوغان وقال أنه لم يسمع بشيء كهذا، مثلما نفاه الناتو ذاته...وموسكو التي تطوف أربع أرجاء الكرة الأرضية بحثاً عن “حل سياسي”، لم تقرأ في توجهات واشنطن الجديدة، سوى رغبة في الذهاب بعيداً في مشروع تسليح المعارضة وإسقاط النظام وحسم الأزمة عسكرياً...في المقابل، تستمع لتسريبات ومواقف معلنة من المجلس الوطني وداعميه الخليجيين، تعبر عن الخشية من “صفقة على حساب الشعب السوري”، وعن مخاوف من مغبة “بيع المجلس الوطني” واستتباعاً “الثورة” السورية، لصالح حلول مع النظام، لا على أنقاضه.

من بين مختلف هذه القراءات التي تذهب في كل الاتجاهات، فإن وجهة النظر التي تتحدث عن “تكتيك أمريكي عسكري في سياق إستراتيجية الحلول السياسية”، هي القراءة الأقرب للدقة والموضوعية والأكثر انسجاماً مع التطورات الأخيرة في المواقف والسياسات الأمريكية حيال الربيع العربي والإسلام السياسي وفكرة تغيير الأنظمة واسقاطها بالقوة المسلحة.

في ظن كاتب هذه السطور، أن الأزمة السورية، بدأت مشوار”الألف ميل” المؤلم، نحو الحل السياسي، لكن هذا الحل بطبيعته، لن ينضج إلا على نيران المواجهة الحامية جداً، وربما تكون أصعب مراحل الحرب الأهلية السورية، تلك التي تستبق الحل السياسي وتمهد لانبثاقه، وربما هذا ما يدلل عليه مسلسل التصعيد الذي انفلت من كل عقال في سوريا في الأسبوع الأخير.

وسنشهد قريباً، كيف ستتحرك الدبلوماسية الدولية بكثافة على خط موازٍ لخط التصعيد الميداني، بحثاً عن مخارج وحلول وتسويات، وإن صحت التسريبات بأن موسكو باتت تروج لفكرة انتخابات رئاسية مبكرة في سوريا، لا يشارك فيها الأسد، جنباً إلى جنب مع الاقتراح البريطاني بتوفير مخرج آمن للأسد وعائلته، فمعنى ذلك أن الأطراف بدأت من الآن، عملية “جسر” الفجوات التي تباعد ما بينها، وتوفير فرص حل سياسي مشروط بتوافق دولي وإقليمي.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news